بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آب 2020 12:01ص مع بداية العام الهجري الجديد: دعوات لحسن قراءة الماضي حتى نحقّق التغيير لمستقبل واعد

حجم الخط
تطلُّ علينا السنة الهجرية الجديدة لهذا العام وهي محمّلة ومثقلة بالهموم والأحزان والآلام... مع ان هذه الهجرة النبوية تشكّل فارقة في التاريخ الإسلامي بصفة خاصة وفي التاريخ البشري بصفة عامة...

فالهجرة النبوية هي قمّة التضحية بالدنيا من أجل الآخرة.. وذروة إيثار الحق على الباطل..

فالهجرة النبوية أرست دعائم الدين وقِيَمه السمحاء وشكّلت حدثاً في تاريخ العالم والإنسانية..

ولعلّنا في هذه الأيام من السنة الهجرية الجديدة بحاجة شديدة إلى استلهام الصبر والدروس منها ليس للاستفادة منها في واقعنا فحسب وإنما أيضاً لحسن بناء المستقبل على أسس سليمة ومتينة تضمن غد الأبناء ليكون غد سليم.

ولعلّ هذا لن يكون إلا إذا أحسنّا دراسة الماضي واتقنا العمل في الحاضر في سبيل التفاؤل للمستقبل، فمستقبل الأجيال والبلاد رغم كل المؤمرات والمكائد سيكون بإذن الله أفضل ولكن بشرط تحقيق عنصر التخطيط السليم عند العباد، وإرادة التغيير في البلاد.. أي تغيير نريد في بداية عام الهجري الجديد؟.. هذا ما سنناقشه في تحقيقنا التالي:

الصلح


المفتي خالد الصلح

بداية قال مفتي بعلبك - الهرمل الشيخ خالد الصلح:

عامٌ هجريٌ جديدٌ يُقبل علينا نسأل الله جلّ جلاله أن يحمل في طيّاته السكينة والطمأنينة.

تأتي هذه المناسبة في هذا الوقت العصيب الذي نمرُّ به، لنستذكر هجرة خير خلق الله  صلى الله عليه وسلم مع صديقه الصدّيق أبي بكرٍ رضي الله عنه.

فليكن قدوتنا في صبره واحتسابه ورضاه طالما أن الله راضٍ عنه «إن لم يكن بكَ غضبٌ عليَّ فلا أُبالي».

هذا العام يأتي مثقلًا بهمومٍ كثيرةٍ وفتنةٍ نسأل الله السلامة منها، الفساد طغى وعمَّ البلاد، والسرقة والنهب والقتل وكل الجرائم التي ما حلَّت علينا إلا ببُعدنا عن رب العالمين: {وما أصابكم من مُصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ووباءٌ فتّاك صُنع ليفتك بالبشر ويخدم سياساتٍ تضرُّ ولا تنفع!

تمرُّ هذه الذكرى وقد اشتدّت علينا النكبات وكثرة المؤامرات وعصفت الحرائق والانفجارات في شتى أنحاء المعمورة.

فلنعشْ هذا العام بمبدأ التغيير: {إنَّ الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم}.

فلنعد إلى الله تعالى ونتمسّك بكتابه، ففيه شرعنا الحنيف الذي بيَّن الحلال والحرام لنعيش باستقرار وطمأنينة.

فلتكن هذه السنة هجرتنا إلى الله ورسوله وليس إلى دُنيا نُصيبها! هي دار ابتلاء واختبار نرجو الله أن نُقبل ولا يُضرب بأعمالنا على وجوهنا يوم العرض عليه.

اللهَ نسأل أن يُفرِّج عنا الكربات وما نزل بساحتنا من بلاء ووباء ويكشف السوء والفحشاء ويلطف بنا ويُعيننا على التغيير الذي ندخل به الجنَّة إن شاء الله تعالى.

دلي


المفتي حسن دلي

أما مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي الشيخ حسن دلي فقال:

يطلُّ علينا عام هجري وبيروت تأنّ من جراحات قد أصابتها، سقط الشهداء والجرحى بالآلاف وبيوت هدّمت وشعب أصبح بلا مأوى ودولة لا تعلم بوجود خطر محقق الوقوع وقنبلة كأنها قنبلة ذرية أصابت لبنان من أقصاه لأقصاه والمسؤول: لا أدري! لا أعلم! لا صلاحية لي! هذا ليس من مسؤولياتي!.. بأي دولة نحن؟! لا يحق لأولئك أن يكونوا في هذه الدولة.

دمّروا شريان الحياة للوطن ولا يأبهون لما أصاب رأس وقلب الوطن.

أي واقع نحن نعيش فيه وأي مسؤولية تتحكّم في مفاصل الوطن؟!

نحن في نهاية عام هجري وبداية عام جديد، ما بين عام مضى وعام أتى ما الذي يجب أن نقوم بتغييره؟ علينا أن نتخلّص من أنانيتنا وأن نعود الى ذاتنا ونخلّصها من الحقد والضغينة، وأن نقف في وجه الطائفية البغيضة التى جعلت كل منا حريص على هزم من كل من يخالف أي مذهب أو طائفة.

أين نحن من الآية الكريمة {ولقد كرمنا بنى آدم}؟ هل الحرص على القتل وارهاب الناس وتخويفهم وتجويعهم من تكريم بني آدم؟! نحن جميعا خلق من خلق الله والناس كل منهم يختار العبادة والدين الذي يتبعه، فقال تعالى {لكم دينكم ولي دين}، فعلى الناس أن لا تجعل من الدين لإلحاق الأذى بأخيه الإنسان، فعلى كل إنسان على هذه البسيطة أن يحترم إنسانية الإنسان وأن يلتزم كل منا ما أنزله الله من تكريم بني آدم.

وأضاف: التغيّر الذي نريده، تغيّر في السلوك وتغيّر في الأخلاق، وتغيّر في التعامل، وتغيّر في حسن الجوار، وتغيّر في الحفاظ على حقوق كل إنسان، وعدم إلحاق الأذى بأي إنسان من أجل معتقده ودينه وعبادته ومذهبه. ولكي نغيّر ذلك علينا أن نلتزم بما جاء به الرسل عليهم السلام، وما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: «لا فرق بين عربي أو اعجمي أو أسود وأبيض إلا بالتقوى» أي بمدى قُرب كل منا الى الله ومدى التزام كل منا بما رسمه لنا الرسل عليهم السلام وما رسمه لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ولا يسعني في نهاية عام هجري وبداية عام جديد إلا أن نعزّي أهالى الشهداء وأن ندعو للجرحي بالشفاء، وللمنكوبين أن يرفع عنهم الأذى ويعودوا الى ديارهم آمنين، وعلى المسؤولين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم إذا كانوا يتمتعون بحس الضمير وحسن الإدارة، وأن يتخلّوا عن كبريائهم وأن يشعروا بألم الناس ولا بد انهم سيقفون أمام خالقهم ومحاسبون {وقفوهم انهم مسؤولون}. 

سبيتي


الشيخ يوسف سبيتي

أما الشيخ يوسف سبيتي عضو المكتب الشرعي في مكتب العلّامة السيّد محمد حسين فضل الله فقال: إن التغيير في بداية العام الهجري يجب أن يكون على جميع المستويات سواء الشخصية أو السياسية، فعلى المستوى الشخصي المطلوب من كل إنسان مسلم وعاقل أن يقوم، إذا صحّ التعبير، بجردة حساب عن العام الماضي، ويراجع الأمور التي ارتكبها، أين أخطأ وأين أصاب، أين فشل وأين نجح، فالأخطاء يعدّل فيها ولا يكررها، إذ جاء في الحديث الشريف عن الإمام علي رضي الله عنه «من تساوى يوماه فهو مغبون». وهذا الأمر يتطلب إرادة، والله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز {لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} فليكن منطلق التصحيح من خلال تغيير نفوسنا، فالقدرة على التغيير قائمة ليست بالسن فقط بل بالإرادة والعزيمة أيضاً.

وعلى المستوى السياسي ماذا أقول؟! مسكين هذا الشعب اللبناني هو شعب عظيم يستحق الحياة ويستحق سلطة أفضل وقيادة أفضل، قيادة تتعامل معه على انه بشر ليس مجرّد رقم انتخابي أو جزء من مجموعة تتبع للزعيم الفلاني أو الزعيم العلاني، وما حصل في المرفأ للأسف شيء مذهل لا يصدّقه عقل ولا في أي منطق ومن غير المعقول أن يصل الفساد والاهمال إلى هذا المستوى من الإجرام والقتل، فهذه جريمة والجريمة الأكبر التي ارتكبتها السلطة عندما ذهبت إلى عادتها السيئة عدم التنازل عن المناصب وكأن شيئاً لم يحدث، السلطة في وادٍ والشعب في وادٍ آخر.

وأتمنى أن يكون العام الهجري الجديد بداية لولادة حكومة جديدة، أن تحمل على محمل الجد هموم النّاس، ويجب على الحكومة الجديدة ومن خلفها من قوى الأمر الواقع أن يتعاملوا باحترام أكثر للشعب اللبناني لأنه كفى.. كفى.. كفى..