في كل عام يدخل الصيف بحرارة شمسه و أوقاته الطويلة دون أن يكون القيمون على أمور المجتمع قد أعدوا البرامج النافعة والطموحة التي تنمي مواهب الشباب وتغذي فكرهم وتربي أخلاقهم بصورة تؤمن المتطلبات الشبابية بما يوافق شرع الله تعالى، ومن هنا نرى كثيراً من الشباب يلجأ إلى الأزقة والحواري مع ما فيها من مخاطر أخلاقية وتربوية وليكون في نهاية المطاف وفي أقل الأضرار قد أهدر طاقاته فيما لا فائدة فيه.
صحيح أن للأهل دوراً كبيراً في هذا الأمر، ولكن أيضا للمجتمع بمختلف مسؤوليه دور بارز فيه، ففي الشباب مخزون ضخم من الحيوية والنشاط خاصة في فصل الصيف حيث الفراغ سيد الموقف بالنسبة إليهم.
وبالتالي يبرز السؤال هنا...
هل هناك رغبة حقيقية عملية عند المسؤولين تصل إلى مستوى طموح ورغبات الشباب لتحويل هذه الإجازة إلى موسم لشحن الطاقة الحركية والتنموية للشباب..؟!
ثم هل لدينا في المجتمع خطط واعية تراعي متطلبات العصر والأولويات في حياة الشباب بحيث تغطي النشاطات المقررة كافة الجوانب المطلوبة وتحقق التوازن المنشود في نفوس وفكر هؤلاء الشباب..؟!
وأي دور للأهل. وللمسجد... وللمراكز الشبابية فيها...؟!
أسئلة كثيرة تطرح.. وتبحث عن إجابات...
وهذا ما حاولنا الوصول إليه في حوارنا التالي مع المفتش العام في المديرية العامة للأوقاف الاسلامية الشيخ أسامة حداد...
حداد
{ حول أهمية الوقت في حياتنا قال الشيخ اسامة حداد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتنم خمساً قبل خمس وذكر منها فراغك قبل شغلك، انطلاقاً من هذا الحديث الشريف ندعو اجيالنا الصاعدة إلى اغتنام الإجازة الصيفية بما ينفع وبما يرضي الله عز وجل ومما يُمكن اغتنامه فيها تحصيل العلم النافع عبر حضور مجالس العلم بشكل مُكثّف لاسيما التي تكون في الدورات القرآنية الصيفية تحت اشراف دار الفتوى.
وعن دور الأهل في تشجيع ابنائهم للانتساب للدورات الدينية أجاب: هنا يتجلى دور الأهل في توجيه ابنائهم نحو تلك الدورات ونحو نشاطات أخرى فيها تثقيف علمي أو تعلم لغة أخرى أو تعلم مهارات تنفع ابناءهم في حياتهم مثلاً تعلم البنات كيفية تزيين المأكولات، وكيفية صناعة الحلوى، وتعليم الشباب بعضاً من الأمور التي تفيدهم كالبرمجة والمحاسبة وبعض المهن التي قد يحتاجها أحدهم في حياته.
واضاف: انني انبه اهالينا الكرام إلى ان التراخي في مثل ما ذكرناه سيؤدي إلى الخمول لدى ابنائهم، إضافة إلى عدم تقدير عطاءاتهم لهم وعدم تقدير النعم التي يعيشون في نعيمها.
من هنا ينبغي علينا ان نبني جيلاً منتجاً لا جيلاً آخذاً، فبعض الأهل عود ابناءه على الأخذ دون العطاء وهذا سيعود سلباً على الأهل عند كبرهم في غالب الأحوال، بينما عندما يتربى الأبناء على المشاركة والبذل من المال والعطاء والانخراط في المجتمع بما ينفع سيعود نفعه على اهلهم وعلى مجتمعهم.
وعن برامج الأنشطة التي يجب ان تنتهجها الدورات الدينية لكي تنفع الناشئة قال: ان الدورات الدينية يجب ان يكون فيها تنوع في المعرفة والانشطة ليبقى المشاركون على رغبة واندفاع فيتعلمون أمور دينهم ويحفظـون في كتاب ربهم ويمارسون أنشطة رياضية نافعة يطبقون من خلالها ما تعلموه من آداب واخلاقيات في التعامل مع بعضهم ويحافظون على صلواتهم في اوقاتها، فالعلم وحده لا يكفي بل لا بدّ من العمل وتطبيقه في الممارسات اليومية.
ولفت إلى ان دور خطبة الجمعة والذي نرجوه هو توجيه الأهل وابنائهم إلى اغتنام الأوقات لاسيما الأجازة الصيفية.
وختم قائلاً: ادعو أهلنا الكرام إلى مراعاة الضوابط الشرعية والحلال والحرام في جميع أنشطة ابنائهم فلا يجوز بحجة السباحة ان يدخل إلى المسابح المختلطة وفيها ما فيها من قلة الحياء والعري الذي يغضب الله عز وجل والذي ينعكس سلباً على سلوك ابنائهم وبناتهم.
كما أطالب إدارات الدورات القرآنية الصيفية تفعيل الأنشطة موازاة مع مسيرة التعليم والتربية.
رميتي
{ أما المتخصصة في علم الاجتماع رلى رميتي فاعتبرت إن الشباب مظلوم إلى حد كبير خصوصاً من ناحية استيعابه من قبل المؤسسات المختلفة، فالنشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية والعلمية للأسف فقدت في مجتمعنا، وفقدانها يعني غياب المتابعة الفعلية لواقع حياة الشباب وبالتالي تركهم دون أي استثمار لطاقاتهم الفاعلة التي هي عنصر التغيير والتقدم في المجتمع.
وقالت أن الشباب أولا بحاجة إلى من يستمع إليه ثم تقديم ما يرغبون به ثانياً، حتى نصل جميعا إلى مرحلة البناء الصحيح لشباب فهم دينه وأصبح صالحا لوطنه ومجتمعه.
وأضافت : وهنا نقول أن للأسرة دورا كبيرا في هذا الأمر، فالتربية ليست فقط في إعطاء تعليمات للأبناء أو منعهم عن سلوكات مرفوضة بالكلام فحسب، بل هي منظومة متكاملة تراعي كافة الجوانب الحياتية التي تؤثر في تكوين الأبناء، دينيا وثقافياً وعلمياً ورياضياً واجتماعياً وفكريا، وأي خلل في جانب من تلك الجوانب سينعكس سلبا على مستقبل الشباب والمجتمع كله.
وختمت: وكذلك على المدارس أن تلتفت لهذه الخطوة، إذ لا يعقل تربويا أن تعمل المدرسة مع طلابها طوال العام وتغرس فيهم القيم والعلوم، ثم تتركهم في فصل الصيف بلا متابعة لما تعلموه فتأتي رياح التفكك و التشتت لتنسيهم ما غرس فيهم خلال عام...؟!، فالمطلوب أن يكون هناك خطط من قبل المدارس تراعي هذا الأمر وتسعى لترجمة العلم المقرر أخلاقيا وسلوكيا في المجتمع وإلا كنا كمن يجمع الماء في خزان مهترئ كلما امتلأ سرب مخزونه هباء...؟!