بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2017 12:05ص مع تردّي الأوضاع الإقتصادية وما يرافقه سلوكياً وأخلاقياً: العلماء يطالبون بتفعيل الإيمان... والعودة إلى الأخلاق والعدل والعمل الصالح

حجم الخط
تعاني مجتمعاتنا من أزمة اقتصادية عصيبة تركت آثارها الوخيمة على جوانب الحياة وعلى الأفراد والمجتمعات، واثرت على مسار طرق حياتهم وتعاملاتهم...
فكم من أشخاص باعوا دينهم وضمائرهم نتيجة حفنة من المال، ومشوا في طريق الفساد والرشاوى...
وكم من أسر نشبت الخلافات الأسرية داخلها نتيجة الضائقة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على سلوكيات الأفراد داخل الأسرة الواحدة وادت إلى الجريمة والقتل..
وكم حلت في البيوت الخلافات الزوجية بين الزوجين، وادت إلى تدمير الحياة الزوجية وتشتت الأولاد، ووصلت الأمور إلى الطلاق بسبب ذلك.
بل وكم من مشاكل حدثت في الشارع وفي وسط الزحام تترجم إلى ردّات الفعل عدوانية نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يمر به النّاس.
وغيرها وغيرها من الأمور التي اثرت الأزمة الاقتصادية عليها... ولكن ربما كل ذلك نتيجة ابتعادنا عن منهج ديننا الحنيف ونهج الكثير من سبل الانحراف بعيداً عن منهج الإسلام، فالشريعة الإسلامية أحاطت بكل جوانب الحياة، ومن مقاصدها نشر المحبة التي هي عبق السعادة الحقيقية وتحقيق المقاصد الشرعية لا يتم الا من خلال الالتزام بالضوابط والقيم الشرعية التي تتوجه لتحقيق مقصد المقاصد وهي العبودية لله، وهذا هو الطريق الوحيد لنيل سعادة الدنيا والآخرة.
ومن خلال عبودية الله ستجد هذه النفس السكينة وسكينة النفس هي الينبوع الأول للسعادة الحقيقية رغم كل الصعاب...
فعن خضم الأزمات الاقتصادية وتردي الأوضاع ماذا يطلب العلماء من المجتمع وما هو دور الإيمان في هذه المرحلة؟..
هذا ما سنجده في تحقيقنا التالي:
غندور
{ بداية قال القاضي الشيخ زكريا غندور: ان الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في الدنيا وقدر له ارزاقه وحياته قبل ان يولد إلى هذه الدنيا وجعل من وسائل الحياة المال والولد وقال ربنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إنما اموالكم واولادكم فتنة} والفتنة تعني الاختبار، هل يفتن بها الإنسان فيضل عن الطريق الصحيح، كم من إنسان باع دينه من أجل الدنيا.
واضاف:: ونحن اليوم في هذا الزمن العصيب وما نسمع فيه من أزمات اقتصادية عالمية وافلاسات لشركات كبرى كانت تعمل بأكبر الميادين نتساءل لماذا سقطت هذه المؤسسات الكبرى، وما هو السبب؟ أولاً لا بدّ من النظر إلى الموضوع الأساسي وهو السبب الاصيل لضياع الكثير من المؤسسات الكبرى حتى ان الدول العظمى اليوم تعاني من هذه الأزمات وبرأيي انه لا حلّ لأزمة الاقتصاد إلا بالعودة للنظام الإسلامي الاقتصادي الذي يضبط الأمور في مكانها ونحن اليوم امام أمر مهم جداً وهو السرف ووضع الأمور في غير موضعها، فكم ينفق على مواطن الربا والملاعب والملاهي والأندية من مبالغ ضخمة تضر بالمجتمع وتمنع التنمية الاقتصادية الصحيحة التي تضع الأمور في نصابها، لذلك لا بدّ من العودة للنظام الإسلامي الاقتصادي لضبط الأمور في الوسطية في كل شيء يقول تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} فلا الإسراف مطلوب ولا التقتير الشديد مطلوب فضبط الأمور هو المطلوب.
وبذلك نكون قد سلكنا الطريق الصحيح لإنقاذ المجتمع من الضياع الاقتصادي الحالي بالإضافة إلى وضع الكثير من غير الخبراء في الاقتصاد، وفي هذا لا نستطيع ان نقول إلا ان السرقة والكذبة والمزورين هم السبب في ضياع المال حتى كما ورد ان رجلاً زار رجلين أحدهما يئن جوعاً والآخر يئن شبعاً فقال: ان هذا أكل مال هذا فمرض هذا وذاك.
فمطلوب من العلماء الدعوة إلى اللجوء إلى النظام الإسلامي لضبط الأمور وإنقاذ المجتمع ووقف النظام الربوي الذي هو السبب في إفلاس شركات كبرى، وضابط هذا النظام هو الإيمان، فالمؤمن يخاف الله ولا يضع الأمور في غير مكانها، وهذا يجنب مجتمعنا الأزمات ويعيش النّاس بسلام واطمئنان.
الحاج شحادة
{ أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة فقال: ان دور العلماء في هذه القضية هو دور محوري ورئيسي في جميع الأزمات التي يمر بها الوطن وبالتالي فإن على عاتقهم تقع مسؤولية العمل بانصاف وعدالة في مؤسساتهم التي تخضع لإرادتهم أو خارجها، اما ما يتعلق بالمدينة وأهلها فعليهم ان ينصحوا كافة العاملين والعاملات ان يكون دور كل منهم على مستوى ايمانه وإصراره على العيش في هذا البلد وأن يعمل بجهده لمكافحة الفساد المستشري في العديد من المؤسسات في لبنان وبالتالي يكون هناك باب قد اغلق من الهدر، إضافة إلى النصائح العامة عبر المنابر الأسبوعية للإصلاحات الجدية من مراكز العمل وإعطاء كل ذي حق حقه في وظيفته وأن يكون هناك قاعدة الثواب والعقاب للمنتج وغير المنتج، وكما بدأت الحديث يكون توزيع الأعمال في كل المؤسسات بما فيها الدينية والقضائية الشرعية والاقتصادية، مبنية على الكفاءة وليس على المحسوبيات والمصالح الخاصة الكيدية لأن ذلك سوف يؤدي إلى تراجع كبير في هذه الانتاجية وبدلاً من ان يكونوا قدوة حسنة لغيرهم في مجتمعنا سوف لا يلام الآخرون على ما يفعلون.
واضاف: من هنا يجب ان يكون عند كل مواطن ومواطنة تعمل في القطاعين العام والخاص الحس الوطني والديني والأخلاقي في ادائهم للعمل ومنع التمادي في الفساد أياً كان مصدره والقضاء على الرشاوى وأن يلتزم هذا الموظف في أداء عمله كما يجب.
وحين تصبح الانتاجية مؤثرة في هذه المؤسسات ومنتجة للاقتصاد تجعل من الآخرين القادمين إلى لبنان في مأمن وهذا يعود على البلد وعليهم بالتحديد وعلى عائلاتهم بالخير عندما تصبح سمعة لبنان ومؤسساته جيدة تجاه محيطه العربي والإسلامي...
البابا
{ رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا قال: ان عمل الداعية إلى الله تعالى عمل راق ومتقدم وواعد فإن من يدعو إلى الله تعالى يجب ان يكون ناهضاً بالأمة يحمل أهدافها ليطبقها، ويسعى جهده ليوصل  الخلق إلى الخالق ويعمل ليل نهار بلا كلل أو ملل حتى يعرف الخلق بالخالق تعالى، فإذا عرفوا الله سعدوا في دنياهم وفي آخرتهم كل ذلك يصله لوجه الله تعالى ولا يبتغي جزاءً ولا شكوراً وإنما كل اهتماماته يصب لإنقاذ العباد وجعلهم في تألق دائم يسمو بهم تألقهم إلى مراتب الكمال ولا يعمل الإنسان إلا إذا كان صابراً عند البلاء شاكراً عند الرخاء قانعاً بالعطاء راضياً بمر القضاء.
واضاف: وهذه هي وظيفة الانبياء ومن بعدهم يأتي العلماء فالعلماء ورثة الانبياء، وفي ظل ما تمر به الأمة من ضائقة اقتصادية هائلة انعكست على حياتهم واورثت فيهم القلق والذعر على مستقبلهم يتجلى موقف العلماء وتوجيههم في دعوة النّاس إلى التعاون فيد الله مع الجماعة ودعوة النّاس إلى البذل والايثار وزرع الرضى في قلوب البشر وحثهم على الصبر ودورهم قيادي لائق في إيجاد وظائف لمن وقع في البطالة ومد يد العون لأصحاب العالة ودعوة المجتمع إلى تحمل المكارة وزرع الأمل في نفوسهم حتى لا يقعوا فريسة اليأس، فاليأس موت والايمان حياة وخصوصاً في هذا الزمان الذي كثرت فيه هموم المواطنين من معاناة اقتصادية رهيبة افلست كثيراً من المؤسسات والكثير على الطريق تتهدده الضائقة الاقتصادية التي تزداد مع الأيام.
واضاف: الإيمان منزلة تشريف من الله وليلحق بمن يحملها واجب التكليف ولا يمكن للانسان ان يكتمل ايمانه إلا إذا عرف الله ومعرفة الله تقتضي بمعرفة الحلال والسعي إليه وتجنب الحرام والنفور منه فإن كثيراً ممن قل ايمانهم تضعف إرادتهم امام المحرمات فيستبيح ما حرم الله واما المؤمن فانه بايمانه يعلو فوق المحرمات ولا يعوض بالشبهات.