بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 شباط 2023 12:00ص مع دخول شهر شعبان واقتراب رمضان.. مزوق: أيها المسؤولون لا تكتفوا بمعايدتنا بل قوموا بواجباتكم فالناس في أزمة

الشيخ وسيم مزوق الشيخ وسيم مزوق
حجم الخط
عندما يهلُّ علينا شهر شعبان، ندرك وبلا أدنی شك، اننا علی أعتاب وأبواب شهر كريم هو شهر رمضان، وقد كان الصالحون يدركون فضل هذا الشهر الكريم ويجعلونه مقصدهم ومحور اهتمامهم لما له من مكانة عظيمة عند رب العالمين، وكانوا يتخذون من شعبان توطئة وتهيئة لاستقبال هذا الشهر الكريم، ولنا ولهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان.
وإذا كان أهل الدنيا يستعدّون كل الاستعداد لأمور دنياهم وحق لهم وهو أمر محمود لمن يعمل ويخطط لإنجاح ما هو مقبل عليه من عمل، ولكن كيف سيكون ذلك ونحن نعيش في أزمة اقتصادية خانقة تحتّم على الجميع المشاركة لنستقبل شهر رمضان بالطاعات وعدم التلهي بمشاغل وهموم الحياة?!..
«اللواء الإسلامي» التقت رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق وناقشت معه أهمية شهر شعبان ودور الجميع في هذا الشهر, فكان هذا الحوار:

شهر له فضائل
{ بداية، هل لك أن تحدثنا عن شهر شعبان وفضائله؟
- فقد أهلّ علينا شهر شعبان المبارك وقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يكثر من صيامه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صلى الله عليه وسلم «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال الى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»، ففي هذا الحديث يظهر لنا أهمية هذا الشهر العظيم وهو قبل رمضان يتهيأ الناس لعبادة ربهم بعبادة الصوم خاصة، وذلك كالتمرين والتدريب قبل شهر الصيام أي قبل شهر رمضان.
وهنا يشعر الناس عندما يطبقون هذه السنّة ألا وهي الإكثار من صوم شعبان يشعرون بالفقراء والمساكين لأن هذه السنّة تستحب لكل الناس الاغنياء والفقراء.
ساعدوا الناس
{ برأيك نعيش أزمة اقتصادية خانقة، ما واجب الميسورين في مساعدة المحتاجين في شهر شعبان؟
- كما ذكرت سابقاً ان هذه السنّة تستحب لكل الناس، الأغنياء والفقراء، فعندما يصوم الغني يشعر بالجوع والعطش، ولكن هذا الغني عنده الطعام والشراب وقت الغروب، وأما الفقير فربما لا يجد إلا الماء، وهنا نقول للأغنياء لا تنسوا الفقراء من كريم عطاءاتكم في شعبان وفي غير شعبان، لأن البعض لا يتصدّق ولا ينفق ولا يطعم الطعام ولا يتبرع بالثياب إلا في شهر رمضان، نعم شهر رمضان هو شهر الخيرات، ولكن الفقراء يحتاجون الى جميع ما ذكرنا من الحاجات سواء في رمضان أم في غيره، ونحن في لبنان كما لا يخفى على أحد نرى الغلاء الفاحش، نرى انهيار العملة الوطنية ونرى التسعيرة بالدولار حسب السوق السوداء والناس اليوم لا تتقاضى الرواتب بالدولار في كل المؤسسات، فيوجد الآن من يعطي الموظفين بالليرة مع تعديل طفيف لا يجاري ارتفاع الأسعار، فعلينا من الناحية الشرعية والأخلاقية والاجتماعية أن نتعاون وأن نكون كالجسد الواحد في شهر شعبان، فكما أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه يغفل الناس عنه فلنبدأ بالتنافس والطاعات، والطاعة ليست مقتصرة على الصوم وقيام الليل والتسبيح والتهليل بالاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أهمية كل هذه العبادات، ولكن علينا أن نقوم بها استعداداً لاستقبال رمضان، ولكن ديننا الحنيف يأمرنا أن نتعاون على البرّ والتقوى، قال سبحانه {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}، فمن البرّ أن نتصدّق في هذا الشهر المبارك، فقد كان السلف الصالح يكثرون من الصدقات في شهر شعبان ليكون الفقير قد أمّن طعامه وشرابه وسائر الحاجات قبل رمضان ولا ينشغل بتأمين القوت، فقد كان السلف الصالح يحبون من الآخرين ما يحبون لأنفسهم، وهكذا علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
أيها التاجر اتقِ الله
{ ماذا تقول للتجار الذين يحتكرون ا لأسواق في هذا الشهر؟
- من السنّة العملية التي فيها التطبيق الفعلي للحديث الذي ذكره آنفاً أتوجه الى التجار بكلمة ألا وهي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التاجر الأمين الصدوق مع الصدّيقين والنبيين»، فلنقول لهم اتقوا الله في الأشياء والسلع التي تتاجرون فيها خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية، إياكم وأن تقعوا في الغش، لأن الدولة غير موجودة بل عليكم أن تخافوا من الله وليس من البشر، قال سبحانه وتعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
فكل واحد منا معه ملكان، ملك يكثر الحسنات وملك يكثر السيئات، فليحذر التجار من احتكار المواد الغذائية وإياهم أن يكونوا تجار أزمات، بل على العكس التاجر المؤمن يظهر صدقه وتظهر أمانته وعفّته عند المصائب والشدائد والأزمات، والرزّاق هو الله، أنا لا أقول ان لا يربحوا بل من حقهم في تجارتهم هذه أن يربحوا ولكن ضمن الضوابط الشرعية، فالتاجر الصادق يتاجر مع الله ويريد الآخرة والجنة، ولذلك وللّه الحمد يوجد تجار في شعبان وفي غيره يجعلون نسبة للّه تعالى من الأرباح سوى الزكاة المفروضة عليهم من عروض التجارة وهؤلاء هم الفائزون في الدنيا والآخرة.
يا كل مسؤول قمْ بواجبك
{ نحن في شهر شعبان، ما هي نصيحتك للناس اجتماعياً وأسرياً؟
- في البداية، أتوجه الى الآباء والأمهات في هذا الشهر المبارك، بأن يعوّدوا ويدرّبوا أولادهم على الصيام والقيام وصلة الأرحام، فقد قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى «صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن والرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها»، وبذلك نحصّن أنفسنا وأبناءنا وبيوتنا ونشعر بالأمن والآمان وخاصة اننا نعيش في الزلازل والهزات، ويسألنا كثير من الناس ماذا نفعل أمام هذه الكوارث الطبيعة؟ فجوابنا العودة الى الله خاصة في مواسم الطاعات والعبادات، وشهر شعبان هو من هذه المواسم.
{ ما هي كلمتك الأخيرة؟
- أخيراً أذكّر الأخوة والاخوات، ممن عليهم أيام صيام في شهر رمضان، ولم يقضوا هذه الأيام بعد فليبادروا الى قضائها، فدين الله أحق أن يقضى، ونقول لأصحاب المسؤولية والوزراء والنواب في هذا البلد اتقوا الله حق تقاته وكونوا على قدر المسؤولية ولا تخونوا الأمانة فانكم مسؤولون ولا تكتفوا بمعايدتنا في المناسبات حيث البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع فأفضل المعايدة للشعب اللبناني أن تسارعوا بالماء والكهرباء وأن تقوموا بواجباتكم التي أنتم مقصّرون فيها.