قال المفتي العام السابق للقارة الأسترالية الدكتور إبراهيم أبو محمد إن أمام مجتمعنا تحديات تستحق الاهتمام وتتطلب مزيدا من الجهد في البحث عن حلول، ومن هذه التحديات: الأخطار التي تهدد الأسرة، ومنها العنف العائلي، والمخدرات التي تهدد مستقبل الشباب، والتطرف في الاتجاهين: التطرف المدفوع بالتعصب الديني، والتطرف المدفوع بالتعصب العنصري والكراهية.
وأكد في الكلمة التي ألقاها أمام القادة الروحيين وزعماء الأديان بالكاتدرائية الكاثوليكية بأستراليا أن كلا الخطرين وباء على البيئة والمجتمع، ولا يمكن لجهة واحدة أن تنفرد بوضع حلول لهذه المشكلات؛ وإنما لابد من تعاون كل مؤسسات التربية والثقافة والوعي وحماية المجتمع في وضع خطط وبرامج لمواجهة هذه التحديات، مضيفا أنه « على يقين وقناعة أن المفتي الجديد الشيخ عبد العظيم العفيفي ومعه مجلس الأئمة وأنا معهم سنعمل معكم على مواجهة هذه التحديات».
وقال إنه على مدى أكثر من سبع سنوات تعرضت الجالية الإسلامية لحملة تشويه متعمد من بعض الصحف ووسائل الإعلام الأسترالية، «وعلى الرغم من أنني قد أعلنت من قبل أن أستراليا وطن قد اخترناه للعيش فيه، وأن مسؤولية المواطنة وواجباتها تدفعنا للإسهام في بنائه والدفاع عنه، كما أن أمنه جزء من ثقافتنا، وواجبنا أن نحبه ونحميه ونحتمي فيه، لكن ذلك لم يكف من وجهة نظر المتربصين بنا دينا وثقافة وحضارة، حيث بالغوا وغالوا في التهجم وإثارة الكراهية وتحريض الناس علينا، وكأننا الفاعل في كل فعل مشين».
وأشار إلى أن وجه المنحة المشرق في هذه المحنة أظهر أن هذه الصورة المشوهة لقلة قليلة تتصرف وفق دوافع العنصرية والكراهية ليست هي أستراليا الجميلة، وإنما هي قلة قليلة موجودة في كل مجتمع، ليتم التمييز فيه بين أهل القلوب النظيفة والأفكار المنفتحة، وعشاق الحرية والعدل والتسامح والعيش المشترك، وبين دعاة الفتن والكراهية والتعصب والعزل والإقصاء.
وأوضح أن الغالبية العظمى من الشعب الأسترالي أهل خير وعدل، وأنهم ينحازون بامتياز إلى المحبة والتسامح والعيش المشترك، مؤكدا أن الشعب الأسترالي الكريم لم تنطل عليه اللعبة فقد فهمها بسرعة، وكان جوابه مزيدًا من الوحدة والدعم والوقوف صفا واحدًا في خندق واحد ضد دعاة الكراهية وتجار الفتن والتحريض، لافتا إلى أن مؤسسات الدولة بكل مستوياتها ترفع شعار (أستراليا هي أرض الحرية والتسامح والسلام) وقد رفضت التمييز والعنصرية واستهداف شريحة من شرائح المجتمع ـالجالية الإسلاميةـ بسبب دينها أو بسبب صراحة قادتها وجرأتهم في الحق.
كما أكد على ما أشارت إليه وقررته مراكز الدراسات النفسية والاجتماعية وهو أن البشرية ستتعرض للعواصف والأعاصير يوم تخلو الأرض من توجيهات السماء، وأن مبادئ الإلحاد والفساد والشر ستسود وتنتشر بين الجماهير يوم يتخلى أهل الأديان عن مناصرة الحق والعدل والمظلومين في كل مكان وعليه فلا يكفي أن نُحدِّث الناسَ عن الدين ونولى وجوههم نحو الله بينما نحن ندير ظهورنا للمظلومين وأصحاب البطون الخاوية، مختتما بالقول: إذا كان السِّلم الاجتماعي هو الابن الأكبر والأول للعدالة الاجتماعية، فإن العدل والحرية واستقلال الشعوب هي الأسرة التي تنجب السلام العالمي، حيث تختفي المظالم وبخاصة بين الشعوب التي تعاني من الاحتلال والظلم.