بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيار 2024 12:00ص مفتي راشيا د. وفيق حجازي في حوار مع «اللواء الإسلامي»: مواقع التواصل إن لم يحسن استخدامها ومراقبتها ستتحوّل إلى دمار للوطن بأسره

حجم الخط
لا يخفى على أحد ما يجري على وسائل التواصل الاجتماعي من عصابات تستغلّ الأطفال لاغتصابهم وابتزازهم.. عصابات ضاعت الرحمة من قلوبهم، وسيطرت عليهم الشهوات اللاأخلاقية وهدفها تدمير الجيل الصاعد ونشر الفساد في الأرض..
أيعقل أطفال ما بين التاسعة من العمر والخمسة عشر قُصّر هم ضحايا هذه الشبكات على وسائل التواصل؟!.. أين الأهل والأسرة والمدرسة والرقابة وكل المؤسسات المعنية..؟
وكيف السبيل إلى منع تكرار هذه الأمور في مجتمع فيه ما فيه من فساد وظلم وتفلّت..؟!
اسئلة كثيرة حملناها لسماحة مفتى راشيا الشيخ الدكتور وفيق حجازي فكان هذا الحوار:

جريمة تستوجب العقاب الرادع

{ ما رأيكم بما يجري على مواقع التواصل من احتيال وجرائم أخلاقية..؟
- تحتلّ وسائل التواصل الاجتماعي مكانة كبيرة في المجتمع بشتى انتماءاته ومكوناته وعلى جميع مستوياته وفئاته، فقد أضحت جزءا مهما في حياة الناس ومنطلقا جوهريا لعلاقات بعضهم مع بعض، وتحوّل العالم من خلالها إلى قرية صغيرة بل بيت واحد فضلا عن يد واحدة، فيتم من خلالها التواصل بين جميع المكونات وعلى شتى المستويات وتعقد الصفقات التجارية والندوات العلمية فضلا عن نشر ما ينفع المجتمع ويضرّه، فمن خلاله يمكن أن تُدار الحروب الفكرية كما العسكرية، وإن من أخطر ما يمكن أن يتم هو ما يقع على شريحة مهمة في المجتمع وهي فئة الأطفال والمراهقين، والتي إن لم يحسن استخدام هذه الوسائل ويضبط مسارها ستجعل منهم فريسة الوقوع في شبكات إجرامية تستغل صغرهم وتطلّعهم لاستكشاف ما يطرح ليكونوا لقمة سائغة لابتزازهم والتحرش بهم واغتصابهم فضلا عن استخدامهم في تجارة المخدرات والموت، وهذا بحد ذاته جريمة بحق المجتمع كله وعلى وجه الخصوص الأسرة وتحديدا أفرادها والتي تتطلب الوعي التام والتنبّه الدائم واليقظة المنشودة لمواجهة كل انحراف وإساءة لاستخدام هذه الشبكة التي تبيّن أن فيها خطرا داهما على الأطفال إن لم تضبط بضابط القيم والمبادئ وتوجيه الأهل والمدرسة ومن ثم المجتمع، فإن لم يحسن استخدامها يمكن أن تتحوّل إلى دمار للوطن بأسره، فكيف يمكن بناء مجتمع إن كان الخلل قد أصابه في مقتل وذلك من خلال أبنائه.
{ وماذا عن دور الأهل والدعاة في التوعية؟
- لا بد من وجود رقابة أسرية يرتكز دورها في عملية تأهيل وضبط استخدام الأبناء لهذه الوسائل، وتوجيههم نحو القيم، وتعزيز الرقابة الذاتية لديهم، مع تفعيل لغة الحوار معهم، فهم بحاجة إلى نماذج إيجابية يقتدون بها دوما، وإنه لصحيح أن لوسائل التواصل إيجابيات وعلى مستويات متعددة إلّا أن سلبياتها قاتلة وخطيرة وكبيرة ووقعها شديد أليم، لذلك كان لا بد من الحذر من الوقوع في هذه السلبيات، لأنها تتحوّل إلى إدمان ونشر العنف والبذاءة فتجعل الطفل في عزلة تامة عن المجتمع ومرض نفسي يصيبه في مقتل ويكون عرجا ونتاجه سلبيا، ولذلك تم الكشف عن كثير من الشبكات الإجرامية التي استغلّت نهم الأطفال بهذه الوسائل وابتزازهم واستغلالهم سلبيا، وتمكّن أولئك من الوصول إليهم في ظل غياب شديد من الأهل وتقصير مجتمعي ومؤسساتي نحو تحصين الأطفال والمراهقين من هذه العصابات الإجرامية ، لأجل ذلك كان لا بد من وجود برامج توعوية للأطفال إن في المنزل كما المدرسة كما الأندية الثقافية حتى تتم حماية الأسرة والمجتمع بكل أطيافه وأفراده، فاستخدام الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي بصورة مستمرة أمر مقلق جدا ويهدّد الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل، والواجب الحفاظ على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، وتوفير كل الفرص اللازمة لتسهيل ذلك والتمتع بحياة حرّة وآمنة ومتطورة، وحمايته من كل مظاهر الإهمال والاستغلال وسوء المعاملة، ومن أي عنف بدني ونفسي يتجاوز المتعارف عليه شرعاً وقانوناً.

 المرجعيات الدينية والوطنية لها دور جوهري

{ ما دور المرجعيات الدينية والوطنية في وقف هذه الجرائم ومنع تكرارها؟
- إن دور المرجعيات الدينية والوطنية في وقف هذه الجرائم ومنع تكرارها جوهري وأساسي كما الأسرة والمجتمع والمؤسسات الرسمية كذلك، فللمرجعية الدينية دور مهم في التوعية والتوجيه والنصح والتحذير من مخاطر هذه الوسائل على الطفل وتحميل الوالدين المسؤولية المباشرة في ذلك فضلا عن المدرسة كما المجتمع، فيأتي دور المسجد في نشر هذه التوعية سواء في المحاضرات الدعوية التوعوية أو في المنابر الجمعية أو المراكز القرآنية وكله جوهري وأساس، وكذلك من خلال المؤسسة التعليمية بحيث يتحمّل الكل المسؤولية في نشر الوعي للجميع وتحصين الأبناء من المخاطر المحدّقة فضلا عن دور القدوة في البيت وهم الأهل، وقد قال الشاعر: وينشأ ناشئ الولدان فينا على ما كان عوده أبوه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ)، فدور الأهل أساسي والمسؤولية كبيرة والتبعة شديدة والحمل ثقيل والنجاح في التربية نتاجه مهم وخيره للمجتمع كما أن الخسارة تقع عليه كذلك.
{ ماذا توجه نصيحة للأجيال الصاعدة حول وسائل التواصل الاجتماعي؟
- النصيحة للأجيال الصاعدة أنه لا ينبغي أن نغتر بهذه الوسائل والإدمان عليها بل يلزم أن يتعامل معها بما يخدم الإنسان والإنسانية ويسهم في نشر الثقافة والأدب والعلم والقيم، لا في بث الانحلال والمجون واللاأخلاق وخاصة أن هذه الشبكة تحوّلت لمادة دسمة لنشر الإباحية والفساد ولا يمكن صلاح مجتمع إلّا بصلاح أفراده ويتحقق ذلك بحمايتهم من المعوقات والمكدرات والمنغصات كما الموبقات المهلكات.