بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 كانون الأول 2023 12:00ص مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي لـ(اللواء الإسلامي): المقاومة في أرض فلسطين هي مقاومة مشروعة بالقوانين الدولية وبكل الوسائل المتاحة

مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي
حجم الخط
شكّلت الحرب الصهيونية على غزة نقطة تحوّل في مسار المنطقة كلها، وغيّرت المعايير والمقاييس التي كان البعض يعتمد عليها، فالمقاومة في فلسطين جعلت العدو يتريّث قبل أي حركة يقوم بها، وجعلته يعيد حساباته كلها، كما أطلقت بصمودها صرخة للعامل كله مفادها أن الأرض لأهلها، وأنهم لن يتنازلوا عن الأرض مهما كان الثمن غاليا..
والآن وبعد إعلان الهدنة.. كيف سيكون الوضع..؟!
وهل ستنتهي الحرب..؟! 
وما واجب المسلمين والعرب تجاه غزة وأهلها..؟!
كل ذلك كان محور اللقاء مع مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي.

عزّة الأمّة من عزّة غزة

{ مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي نرحّب بكم عبر صحيفة جريدة «اللواء» ونتحدث في هذا اليوم عن الهدنة التي بدأت في فلسطين مؤخرا، ما هي الرسالة التي توجهها للعالم في هذا الميدان؟ 
- بداية الحمد للّه الذي جعل عزّة الأمة من عزّة غزة والتي لربما اقترن اليوم اسم العزّة مع غزة السؤال الذي نتساءل ما هي بداية المعركة وكيف انتهت هذه المعركة؟ بدأت من احتلال الصهاينة لأرض فلسطين وهذا ما ينبغي أن يعقلها العالم لأن ما حدث في غلاف غزة كان عبارة عن ردّة فعل وليست عن فعل، ففعل بدأ من احتلال أرض وإخراج أهلها منها ثم جئ بمن لا ينتمون إلى الأرض ليقتلوا من في الأرض ويكون جزءا منها فلا الأرض أرضهم ولا اللسان لسانهم ولا تاريخ لهم في تلك الأرض، ولذلك كان ما حدث في 17 تشرين الأول عبارة عن مسار لم يكن بداية ولم يكن نهاية فالقوانين الدولية شرّعت المقاومة لأهل الأرض في وجه من أراد أن يحتل أرضهم وإن كانت دولة صهيون اليوم موجودة على أرض فلسطين بقرارات دولية أو بسكوت دولي أو بتمكين من هذه الدول، وهنا ينبغي أن أعلنها على أن المقاومة في أرض فلسطين هي مقاومة مشروعة بالقوانين الدولية وبكل الوسائل المتاحة وما كان من توصيات واجتماع العرب في الرياض على أن حماس وأن المقاومة دون أن يكون هناك تسميه لفريق إن المقاومة في فلسطين هي مقاومة مشروعة ومن يقاوم لا يعتبر ارهابيا، ولذلك لو لم يكن من هذه القمة إلى أنهم ثبتوا أن المقاومة حق لأهلنا في فلسطين لكان ما قرروه أمرا طيبا، وإن كنا نريد من أهلنا في الدول العربية والإسلامية، أن يكونوا عونا لأهلنا وإخواننا في فلسطين أكثر فأكثر، ولكن صدر عن اجتماع جميع الدول العربية أن المقاومة في فلسطين في وجه المحتل ليس عملا إرهابيا إنما مقاومة مشروعة ضمن القوانين الدولية، وما حدث في غزة نعم قد يكون فاجأ الكثيرين من حيث الصبر ومن حيث الثبات ولربما اجتمع في هذه المعركة عند أهلنا الصمود والتصدي، والمجتمع الذي عاش في غزة على تربية الأجيال لا يمكن لهذه الأجيال أن تموت فهم أصحاب القضية وهم أصحاب الأرض وهم أصحاب الدم ، وبالتالي كانوا صامدين في وقت التصدي ضد هذا المحتل الذي استعان بكل الوسائل ليهدم البيوت على أهلها لم يفرّق بين كنيسة ومسجد وبين مدرسة ومتجر وبين شارع وشارع وبين حي وحي ولذلك حتى المستشفيات التي من حقها أن تحتضن من العدالة الدولية والمحيط لم تكن محصنة بل كانت أسلحة الدمار الحربي الصهيوني تناولت حتى المستشفيات ولذلك وفي هذه الفترة الزمنية التي تعتبر هدنة بين العمل المقاوم وبين سلاح المحتل فهذه الهدنة والتي لا شك بأنه لولا ان الدول قد تدخّلت وكانت تقرّب ما تستطيع من وجهات نظر لما كان من الممكن الوصول الى هكذا هدنه وهناك دول عربية عدة أسهمت في ذلك وهناك دول غربية أيضا أسهمت أيضا، كما أسهموا في تقديم المساعدات الغذائية وغيرها وعملوا لإيصال الأمر الى ما وصل إليه ولكن يا ترى هل الهدنة كانت لحماية أهل غزة أم أن الهدنة كانت تريد وقفا لهذا المصاب الذي أصاب المحتل والذي لم يعد يحتمل ما حلّ به من المعارك في غزة من حيث عدد القتلى وعدد الجرحى وما حلّ بهم وما لحقهم من النفور الشعبي من مسؤولي الكيان الصهيوني، وإن ما قبل معركة غزة معركة سبعة تشرين ليست كما قبلها لذلك كانت هذه الهدنة و لربما تمدد هذه الهدنة من أجل أن يكون هناك نوع من الطمأنينة لأهل الأرض إذ كانت تحت عنوان استعادة الأسرى. وكانت الحرب على غزة من أجل استعادة الأسرة وإن معركة غزه كانت من أجل كسر هيبة المقاومة وإخراج أهل غزة من أرضهم الحقيقة، وإن كل ما أراده الصهاينة لم يتحقق من مرادهم أي شيء أرادوا أرض غزة فعصت عليهم وخاب سعيهم وأرادو تحرير الأسرى فضل عملهم للوصول إلى أرض غزة لتحقيقه وأرادوا الوصول الى الأنفاق وتدميرها لكنهم لم يحققوا ما أرادوا فلم يكن هناك تحرير للأسرى ولم يكن وصول إلى الأنفاق وحاولوا إخراج أهل غزة من بلدهم فخابوا وخسئوا هناك تهجير لم يستطيع ولم ينالوا اي شيء ارادوه من خلال كل افعالهم الاجرامية التي فعلوها هذه الحرب التي اعلنوها ما أرادوا من كل هذه الحرب التي افتعلوها ومن هنا كان النصر حليفا للمجاهدين حيث إن ما أراده المجاهدون في بداية الأمر هو الذي تحقق في الآخر وأن العالم الذي كان يظن بأن الكيان هو على حق إذا بهذا العالم كله علم أن هذا الكيان الغاصب ليس له قبول عند العقول الواعية ولا أصحاب القلوب السليمة ولذلك ترى العالم كله بكل أطيافه، مسلمة وغير المسلمين منه، خرج إلى الطرقات يندّد بالأعمال الإجرامية التي يرتكبها الكيان الصهيوني من القتل للأطفال وقتل النساء وهدم البيوت وهدم المستشفيات والمدارس وإغلاق الأبواب عن إيصال المساعدات ليس طريقا إلى وجود دولة، ومن هنا كان هذا المشروع بدأ فاشلا وانتهى فاشلا وسيبقى كما تاريخه فاشل، لن يكون له وجود في أرض لن تكون إلّا لأهلها وأن يعيش فيها أهلها.
تصوّر هذا الإغلاق الكامل عن أرض غزة حيث أنها تعيش حصارا منذ سنوات والأرض التي حرّرت وتحت يدي السلطة هي مهيمن عليها من هذا الكيان الغاصب، وكأن الناس غافلة عما يجري في أرض فلسطين، وهذه المعركة استعادت الحق إلى أهله وجعلت عنوان فلسطين هو عنوانا كبيرا على الصحف الأجنبية كما العربية، أن فلسطين هي دولة موجودة وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق في هذه الأرض.
{ فضيلة الدكتور صاحب السماحة الشيخ علي الغزاوي، إذا كان اليهود لا يسمعون لأي من المنظمات الدولية التي تمنع قتل الأطفال والاعتداء على النساء ما هو العقاب الذي ينبغي أن تعاقب به إسرائيل من قبل هذه المنظمات؟ وإلّا لماذا وجود هكذا منظمات؟
- نحن نعلم لماذا وجدت هذه المنظمات والآن العالم يعلم لماذا بدأ العالم يفهم ما هو سر وجود هذه المنظمات وسر بقائها وبالتالي نحن نريد من هذه المنظمات أن تكون مع عنوانها وأن تكون مع المقررات والتوصيات الدولية التي من أجلها كانت فإذا كانت مع عنوانها وصلنا حقنا ويصل الحق الى أهله، في فلسطين وفي غيرها. فكم من قرار بشأن لبنان وشأن سوريا وشأن فلسطين وشأن كثير من الدول، فهذه العراق ماذا فعل بها العالم وهذه الدول كلها التي فيها أن تسهم في بقاء الإنسان فلماذا بعض الأنظمة تسهم في إحراق دم الإنسان وفقد الإنسان فيها والأصل أن يعيش الإنسان على الأرض ولذلك الأصل في الإنسان أن يكون مكرّما وإذا كان الإنسان مكرّما من خلال وجوده فيجب أن يكون مكرّما من خلال بقائه ولذلك انظر الفرق بين مسجون خرج من سجون الصهاينة فاقدا للذاكرة أو مسجون محرق مقطّع أو مسجون لربما لا يعرف أهله، وبين مساجين خرجوا وبيدهم قارورة الماء وبيدهم الدواء وبيدهم الغذاء، المحاصرون استطاعوا أن يكرموا السجناء والدول المفتوحة والتي لها من النعيم مالها خرج السجناء من سجونهم وهذه السجون كانت بعيدة عن كل الإنسانية.
{ فضيلة الدكتور ما رأينا أحدا من الأسرى الذين كانوا في سجون اليهود إلّا وعُذّب وربما بعضهم حُرق وربما بعضهم مُثّل بجسده، بينما رأينا ان الأسرى اليهود يودّعون من أسرهم وما تحدث أحد ممن خرج من الأسر عند الفلسطينيين إلّا وودّعهم كما يودّع أهله لحسن ما وجد من حسن تعاملهم!
- أنه أدب القرآن الذي يقول: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)، عندنا الأسير مكرّم، فكيف بمن لم يكن أسيرا دعوا العالم يرى أخلاقنا، دعونا نمارس أخلاقنا على الأرض لأن العالم كله على هذه الأرض بحاجة إلى هذه الأخلاق، إن الذي يمارس اليوم عبر كثير من الأنظمة لا ينبني على خلق ولا يمكن أن ينتسب إلى خلق وأما أخلاقنا نحن في عبادتنا وفي معاملاتنا وفي كل شيء تجعل للإنسان كرامة ولذلك نحن نسأل العالم كله كيف عاش اليهود بيننا ونسأل كيف عاش أهلنا معهم..
{ صاحب السماحة إلى أي مدى تتوقع أن تستمر هذه الهدنة التي ما زالت مستمرة؟
- الحرب لن تتوقف طالما المحتل في الأرض، وطالما هناك محتل سيبقى الجيل كما يلي الجيل وكما يأتي أجيال تأتي أجيال أخرى ستقوم بمحاربة هذا المحتل، إذا فالهدنة مؤقتة وإن طالت والمقاومة باقية حتى تحرير الأرض وأن تعود الأرض إلى أهلها وأن تكون فلسطين هي الدولة التي كانت قبل الوجود الصهيوني في الأرض وستبقى هذه الدولة وعاصمتها القدس الشريف، فأصحاب الأرض هم المنتصرون لأن الأرض ستحدثهم وهم يعرفون حديث أرضهم، تعرف أصواتهم وتعرف مكانتهم، ولذلك الأرض لمن ملكها عاجلا أم آجلا..

كلمة للعرب والمسلمين

{ صاحب السماحة ماذا تقول للفلسطينيين وللعرب ليكون لهم دور أكبر في المشاركة سواء في الجهاد أو في رفع الضيم عن أهلهم؟
- أقول لأهلنا العرب ان فلسطين قضية الأمة فلا تتركوا هذه القضية جسرا لغيركم أن يصل من خلالها، فأنتم أصحاب القضية، خذوا رايتها، أقدموا على ما يطلبه منكم الضمير ويطلبه منكم الدين، ما يطلبه منكم عزّة العرب، حتى ضمن التشريع في المنظمات الدولية أنتم أصحاب القضية وأنتم أهلها فخذوا رايتها بقوة حتى تكون رايتكم مرفوعة وقراراتكم قوية من خلال هذه القضية، وأقول للعرب لا تتنازلوا عن قضية الأمة التي هي قضية فلسطين العربية وهي القضية الأم فكما ان الأم لا تتنازل عن أبنائها فينبغي على الأبناء أن لا يتنازلوا عن أمهم، والأم لا تتاجر بأبنائها، الذي أسّس لنا مؤسسات دولية بعناوين سامية أن يكون جديرا بهذه العناوين وأن تكون لها محل وأن تكون لها واقع في حياتنا الإنسانية، أيها العالم عش مع الإنسانية وإذا أردت ذلك فمن حق الفلسطيني ومن حق العالم أن يكون إنسانا وإذا كان إنسانا عند ذلك سيتحوّل الإنسان من أداة قتل إلى أداة نفع للمجتمع والمجتمعات.
{ وماذا تقول لهؤلاء الناس الذين يطلقون بعض الرشقات ثم يقفون على حدى متخفّين؟
- المقاومة هي قرار أمة وينبغي أن لا يكون قرار فرد، لا نريد أن نقدم الفرد بعد الفرد، سيكون الفرد على طريق نجاح الأمة وأن لا تخسر الأمة أفرادها يوما بعد يوم.

ضرورة اكتمال المؤسسات في لبنان

وما هي كلمتكم لأهل لبنان..؟
- لبنان بحاجة إلى أن يكون دولة قوية وأن قوة الدولة في اكتمال مؤسساتها، نحتاج إلى أن تكون مؤسسات قوية بعدم الفراغ فيها إن كان في رئاسة الجمهورية أو في رئاسة الحكومة أو في الإدارات الرسمية أو كان في المؤسسات العسكرية والأمنية، لا ينبغي أن يكون عندنا فراغ، على الجميع أن يسرع وأناشد المجلس النيابي أن يسرع في الانتخابات الرئاسية وأن نحسّن بلدنا من خلال مؤسساته وأن نحسّن بلدنا من خلاله وحدة كلمتنا. نحن في لبنان بحاجة إلى استعادة الذات والسمعة الحسنة بين الناس. نحن بحاجة إلى اكتمال عقد مؤسساتنا. نحن بحاجة إلى أن يفهم بعضنا بعضا كما قال الرئيس صائب سلام رحمه الله: لبنان لا يحكم إلّا بالتفاهم، تعالوا بنا نتفاهم ويفهم بعضنا بعضا حتى نعيش في وطننا بأمان وهناء، بحاجة إلينا لنستعيد من خلال إداراتنا ومن خلال نجاحنا في إداراتنا ونستعيد أموالنا ونستعيد العقول التي هجرت من أرضنا، نمكّن دولتنا فنحفظ حدودها برا وبحر وجوا، ونمكّن مجتمعنا من خلال المعرفة والعلم ومن خلال قيام المؤسسات فيه، هنا العالم سيكون حامدا لنا وليس قلقا منا وفي نفس الوقت القضية الفلسطينية هي جزء من حياتنا في لبنان لأن حق العودة هو حق مشروع ونحن عندما نريد أن نقول كل يعود إلى وطنه يعني الفلسطيني يعود إلى وطنه وبمعنى أن المخيمات مخيمات في الشتات، ومن لبنان ينبغي أن يعود أهل المخيمات إلى أرضهم في فلسطين وأن يعود كل غائب لأهله في سوريا وفي العراق واليمن أو في كل مكان غاب أهله عن أرضه، ينبغي لكل غائب أن يعود إلى أرضه، ومن هنا لبنان ليس خارجا عن القضية إنما هو في صلب القضية، قضية العرب وقضية فلسطين وقضية كل حر، لأن لبنان حر بمبادئه، حر بأهله، كريم بعطائه بالنسبة للعرب.