بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 نيسان 2018 12:03ص نعاكس مراد النصوص حتى اعتلت عندنا النفوس

حجم الخط
سهل جدا على أي إنسان أن يكون متشددا في آرائه وأفكاره، والأسهل أن نراه يرفض كل فكرة وكل اجتهاد وكل شي من حوله .. ثم يدعي أنه متمسك بالأصول.
ونحن نقول هذا الكلام بعد ما لمسناه من تشدد فكري ونفسي وسلوكي بل وحياتي عند الكثير من الناس... تحت ستار أنه تدين..؟!
ولكن اسمحوا لنا أن نقول وبالفم الملآن... لا... فالتشدد أو التمسك بموروثات شعبية أو تراثية تتعارض مع أصول الدين الحنيف ليس تدينا، بل هو اعوجاج نفسي وفكري وسلوكي وتربوي وعلمي.. لا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا بعيد.
ولا يتوهمن أحد فيظن أن هذا التشدد هو عبادة أو طاعة.. بالعكس، فإن أيسر الأمور على الإنسان أن يكون متشددا، ينبذ كل شيء ويحرم كل شيء ويترك كل شيء ويهجر كل شيء، أما القوة الفعلية فهي أن ننطلق في تعاملاتنا مع كل الأمور من باب العلم والتدبر والتمحيص ثم العرض على كتاب الله وسنة النبي  صلى الله عليه وسلم  ثم البحث... هل هو مباح أم مرفوض..!!
القوة الحقيقية.. أن تكون قادرا على مواجهة كل المستجدات والسؤال عنها وعن إيجابياتها وسلبياتها ثم السعي لتحقيق التوازن الفكري والنفسي والحياتي في التعامل معها..
إن تصوير كل متشدد على أنه يعيش قمة الالتزام هو محض افتراء وتشويه لصورة التدين في عقول الناس والشباب خاصة، لأن هذا التصوير الخادع أدى إلى نفور وابتعاد وهجر.. ثم إلى ترك شبه كامل لكل ما له علاقة بالإسلام تحت ستار أنه متشدد ولا يمكن الالتزام به...؟!
إنني أقرأ حديث النبي  صلى الله عليه وسلم  «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» ثم أنظر إلى الألوف الذين غرّر بهم فأحزن على شباب ضيعوا أعمارهم في الخلاف حول سفاسف الأمور بينما هم - وأسيادهم - تركوا عظائم الأمور وهجروا الأدوار المطلوبة منهم في هذه الدنيا حتى غاب أثرهم كمسلمين مصلحين في المجتمع كله..؟!
نختلف حول موضع اليد في الصلاة..حتى ماعاد لنا موضع قدم في الأرض كلها..؟!
نشكك في إيمان بعضنا البعض... حتى صورنا الإيمان حكرا على من نريد فقط..؟! 
نحكم على نوايا وقلوب الآخرين حتى انعدمت الثقة بيننا وأصبحنا غرباء عن أنفسنا..؟!
ثم يأتي بعد كل ذلك من يتبجح بالكلام ويرفع الصوت ليتهم البعض بالتفلت، والسبب أنهم يطبقون قول النبي (يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا)..
إنه وباختصار شديد عصر الحول الفكري الذي عاكس مراد النصوص فاعتلت فيه النفوس..؟!