بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تشرين الأول 2023 12:00ص هل ستعود فلسطين إلى فكركم..؟!

حجم الخط
 انطلاقا من قوله تعالى {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} أسمح لنفسي أن أقول أن ما يحدث اليوم على أرض فلسطين المباركة هو خير كبير على عدة مستويات..
ومن أظهر هذه المستويات هو إعادة هذه القضية الإيمانية المحورية إلى مكانها الطبيعي في نفوس وعقول وقلوب كثير وكثير من المسلمين من حولنا...
فنحن - وحتى شهور قليلة مضت - كنا نتغنّى بحبنا لفلسطين ونتغزل بجمال جهادنا في سبيل تحرير كامل ترابها... ولكن كان الظاهر لنا جميعا أننا فعلا وحقا لم نبرع سوى في الغناء والشعارات..؟!
سرنا طويلا في مسيرات نردّد «فلسطين.. حرّة عربية مستقلة..» و«الأقصى لنا... والموت لهم..» و«زحفا زحفا حتى النصر»، ثم اكتشفنا على مدى سنوات خلت أن كل هذا ليس سوى كلمات نعمل جميعا بعكس معانيها ومقتضياتها..
ومن هنا نقول.. أن ما يحدث اليوم على أرض فلسطين هو خير كبير من المولى تعالى لأنه سيعيد انتماء كثير من أبناء العرب والإسلام في فكرهم وفي أحاسيسهم وفي انفعالاتهم وفي اهتماماتهم بل وحتى في مشاعرهم إلى تلك القضية الأساسية..؟!
لقد عشنا سنوات طويلة نرى فيها إرادة عامة المسلمين والعرب تنتفض كالأسد الهصور في وجه كل ظلم، ولكنها انتفاضة «فايسبوكية» أو «تويترية» أو «انستغرامية» يقومون بها وهم جلوس أمام أجهزة التكييف يتسلّون «بالبزورات» الطازجة ويشربون كل شراب لذيذ..؟!
ولكن اليوم نحن مدعوون وقبل أي شيء إلى أن نتيقن أن فلسطين هي القضية الأولى والمركزية لنا جميعا، وعلينا إعادتها إلى تلك المكانة بعد أن عاشت طويلا عند عموم المسلمين مضافة عنوة على لائحة الانتظار، لعلنا نجد لها في المستقبل الوقت فننظر إليها ونبحث في أمرها..؟!
نعم.. أيها السادة... كل شيء ثانوي الآن.. إلّا فلسطين بكامل أراضيها، القدس والأقصى وكنيسة القيامة وغزة وما يحدث فيهم..؟!
كفانا أيها السادة اتقان الكلام والشعارات والأغاني والأناشيد الحماسية وشدّ الهمم ورفع الأصوات وما لفّ لفّها.. والتي كانت كلها تباع بالأطنان في بلادنا وبأغلى الأثمان، في الوقت الذي وجدنا فيه الفعل المثمر والفعّال كالطفل اليتيم الذي وقع لسوء حظه بين اللئام، فلا أحد يريد الاعتراف به ولا أحد يحتضنه ولا أحد يتكفل برعايته..؟! 
نعم.. الأحداث المباركة التي تحدث على أرض فلسطين اليوم هي خطوة في طريق إصلاح مشكلة كبيرة مفادها أننا غيّبنا فلسطين وقضيتها عن وجداننا ووجدان الأجيال الصاعدة، ثم - وربما بفعل فاعل - أبعدناهم عن هويتهم العربية وعن حقيقة انتمائهم إليها، وبأسلوب مشبوه عملنا على ملء هذه النفوس بأخرى مزيفة لا تمتّ لتاريخنا ولا لديننا ولا لعروبتنا بصلة..
فلسطين التي تحترق الآن كما منذ عقود، غابت عن قلوب الناس أيضا لعقود..
وأصبح لاعب كرة القدم والمطرب والممثل أهم منها في مختلف المجالات...؟!
غابت فلسطين لعقود عن إيماننا وقلوبنا وفكرنا ونفوسنا، وبات النقاش حول الأثر النفسي لفستان الممثلة الفلانية أولى منها..؟!
بل اسمحوا لي أن أصحح الكلام لأقول... «غيّبت» فلسطين وقضيتها عنا وعن الأجيال.. حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من حالة انعدام الشخصية والهوية والقضية..؟!
أيها السادة الكرام..
 يقول الحق تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وإن ما يجري في تلك الأرض المباركة سيعيد بفضل الله تعالى فلسطين وقضيتها إلى القلوب والعقول والنفوس قبل إعادتها إلى شاشات الإعلام، وإن مرّ الوقت وانتهى ما يحدث، ثم لم نتعظ ولم نصلح أولوياتنا… فسنبقى كما نحن .. أمة تقول.. وتقول.. وتقول، ثم تنام بل وتتلذذ بنومها لتستيقظ ذات يوم… وتجد أن حتى الحلم.. أصبح محتلا..؟!

bahaasalam@yahoo.com