مرّ شهر رمضان المبارك علينا في لبنان كما لو أنه شهر عادي ليس فيه أي بركة وليس له أي خصيصة، ولا أقصد هنا على المستوى الفردي الخاص، وإنما على المستوى الجماعي العام.. فشهر الخير والرحمة والبركات اختصر بفعل سوء الفهم له عند الكثير من المسؤولين إلى مجرّد أيام.. نصوم نهارها ونقيم ليلها ثم نوزّع بعض الإعانات الغذائية للفقراء ونعلّق بعض اليافطات الترحيبية.. وانتهى الأمر..؟!
ولذا فإن شهر رمضان المبارك ومنذ سنوات طويلة يمرُّ علينا كما غيره من الشهور.. فلا يغيّر فينا كأمّة وكمجتمع شيئا.. بل على العكس تماما.. فإن الفساد والأمراض التي استقرّت ببلادنا تتفاقم وتتزايد وتتطوّر.. ولا تحرّك جدّي لعلاجها أو مواجهتها..!!
ومن هنا فإني سألت سابقا وأسأل اليوم مرة أخرى.. متى سنتحرّك لنغيّر منكرا أو نمنع فسادا..؟!
متى سنعلم أن العمل والاجتهاد في سبيل التغيير الإيجابي هو دليل حياة.. وأن غيره كما هو حالنا هو دليل موت..؟!
متى ستتغيّر نظرتنا ومفاهيمنا حول شهر رمصان، ليصبح شهر وضع حجر الأساس للمشاريع التنموية التي تنهض بالمجتمع كله بهدف الإصلاح والتكاتف والدعم، وليس شهر توزيع الطعام والشراب..؟!
أيها السادة جميعا... ألم يمر شهر رمضان المبارك...!؟ ألم تنتهي أيامه ولياليه..؟!
حسنا... أجيبوني يرحمكم الله تعالى... ما الذي تغيّر في أنفسنا وأعمالنا ومجتمعنا..؟!
ما الفساد الذي أوقفنا تبعاته في محيطنا أو المنكر الذي تصدّينا له..؟!
إنه الـ «لا شيء» الذي أدمنا راحته واستمتعنا برفاهيته..؟!
إن مسلسل «التديّن المغشوش» القائم على كلمات وحركات خاوية لا أثر عملي لها لا بد أن يواجه بكل قوة حتى نعيد الأمة إلى مسارها الصحيح الذي أراده المولى تعالى لها، وأي تراخٍ أو تقاعس أو إهمال لن يزيد الأمر إلى سوءا فوق السوء الحاصل عندنا...؟!
لم يعد من المسموح ولا من المقبول أن يستمر شهر رمضان المبارك في عقولنا قبل ممارستنا.. فلكلور تاريخي أو شعبي كل إنجازاتنا فيه مجموعة من «الحلويات» الفاخرة.. والسهرات العامرة... وكان الله يحب المحسنين...؟!
نريد شهر رمضان الذي فيه تبنى المشاريع التنموية... وتنظم اللقاءات التنويرية.. ويخطط للأعوام المقبلة بحيث تعالج الأخطاء السابقة وتزكّي الحسنات الحاصلة ثم تقيّم الأعمال في الأعوام الماضية بهدف التصويب والتفعيل..؟!
أيها السادة بكل اختصار... نريد أفرادا وجماعات ومؤسسات رمضان القلوب والفكر والعمل.. وأنتم مصرّون على رمضان البطون...؟!
فهل نستفيق بعد رمضان ونصلح ما أفسدناه بأيدينا..؟!