دعونا نسأل أنفسنا وبصراحة تامة؟!
ما حقيقة الدوافع التي تحرّك كثيراً منّا في بلادنا في مختلف مجالات الحياة؟.. هل هي دوافع الحفاظ على الحق وتطبيقه في محيطنا؟.. أم يا ترى هي دوافع العصبيّة المغلّفة بالجهل، والتي تقلب الحق ظلماً والظلم حقاً؟!
نقول هذا الكلام بعد الانحراف الكبير الذي أصاب مجتمعنا حتى أصبح السائد المعمول به ضاربين بعرض الحائط كل القيم والأخلاق التي أمرنا بها في كتاب الله تعالى.
فالناس في بلادنا اليوم تشعر بالظلم.. وبالقهر.. وبالحاجة.. وبالخوف.. وبالمرض.. وبالجوع.. وبتفكك العلاقات الاجتماعية.. وعدوانية حركة الحياة اليومية؟!
عائلات بأكملها.. تعيش داخل سياراتهم في زحمة الطرقات أكثر مما تعيش في بيوتها؟!
ومع ذلك لا صوت يعلو لإحقاق الحق.. وإنما كعادتها ترتفع حناجر العصبية لترضى بكل ظلم حفاظا على مميّزات هنا أو تحقيقا لنكايات هناك...؟!
إنّ الله تعالى قد حذّرنا في كتابه العزيز من هذا الفساد فقال سبحانه: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} فغفلنا عن قول ربنا وأبينا إلا العمل بما يناقض الحق وطريقه..؟!
وبالتالي توقفت عجلة الحياة من حولنا.. اقتصاديا واجتماعيا وتربويا وأسريا وتعليميا ... ولم نزدد إلا سوءا وفسادا وجهلا وعصبية...؟!
إنّنا كمسلمين لا بد لنا من أنْ نعلم جميعا أنّنا نعشق الحياة والعمل بها .. لا لذاتها.. ولكن لأنها مزرعة الآخرة ومسرح الأعمال الصالحة التي نجني ثمارها أجراً يوم القيامة، وما دمنا متخاصمين مع أنفسنا ومع مجتمعنا ومع ديننا ومع الحياة كلها فلا مكان حضارياً لنا في هذه الأرض.
علينا أنْ ندرّب أنفسنا وأبناءنا لنكون خير مثال عن رفعة ورقي هذا الدين العظيم، فنقول الحق ولو على أنفسنا، وننصر الحق ولو على ذواتنا، ونتّبع الحق ولو كان في غير مصلحتنا الخاصة...
علينا أنْ نقول للمخطئ إنّه مخطئ.. وللظالم إنّه ظالم.. وللمقصّر إنّه مقصّر.. تماما كما علينا أيضا أن نقول للمحسن إنّه محسن ونقول لمَنْ أجاد إنّه أجاد...
إنّ الحق أيها السادة هو أساس الانطلاق إلى بناء أي حضارة في هذا الكون، فكيف إن كان هذا الحق أصلا من أصول ديننا ومطلبا أساسيا من المطالب التي علينا العمل لتحقيقها..؟!
إننا نطالب الجميع في هذا البلد أن يكون الحق هو الجامع بيننا وهو الرابط وهو المتفق عليه... ليس لأن فيه مصلحة الجميع فحسب.. ولكن لأن فيه ضمان بقاء البلاد والعباد... والتجارب قد أثبتت... فهل من لبيب يفهم..؟!