بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 كانون الثاني 2020 12:05ص واجباتنا مع بداية العام الجديد...

العلماء: ضرورة العودة إلى القيم الدينية لمواجهة الأزمات

حجم الخط
ها هو عام قد مضى، وحلَّ عام جديد، وبين عام وعام لا بد لكل إنسان إجراء جردة حسابية سنوية حول الأعمال التي قام بها خلال هذه الفترة ويتساءل:

- هل أدّيت ما ائتمنت عليه من فرائض وواجبات دينية؟

- هل حققت رضى رب العالمين خلال هذا العام؟

- هل سرت على نهج نبينا الكريم في أمور حياتي؟...

أسئلة عديدة يطرحها الإنسان لعلّه يجد لها جواباً، وربما تظهر نتائجها بمدى تقرّبنا إلى ربنا سبحانه وتعالى في أعمالنا وفي أمور حياتنا وفي تصرّفاتنا مع الآخرين..

جردة حسابية مفصلية تظهر للإنسان المسلم حقيقة أعماله وأفعاله ومدى إلتزامه بنهج رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وتحثّه للسعي الدائم نحو الأفضل للوصول إلى الكمال المنشود في الدنيا وفي الآخرة...

ما هي واجباتنا في بداية عامنا الجديد، كيف نرسم خططنا ونطوّرها، وكيف نتجنّب أخطاءنا؟.. هذا ما سنعرضه في تحقيقنا التالي:

شحادة

{ بداية قال القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة: أولاً نتقدّم من العالم بأسره للتهاني بالعام الجديد، آملين أن يكون هذا العام مليء بالحلول والاستقرار والسلام وراحة بال الناس، ومن هنا ننطلق بأن نتوجه إليهم ببعض النصائح التي علينا أن نتبعها كي تكون هذه السنة مفصلية في تحسين أداء الوطن من قيادات وشعب.

وأضاف: فعلى مرّ السنين يتبيّن لنا اننا عشنا ظروف شبه مأساوية ان كان على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي، لا يمكننا أن نحصل ونتكلم بما حصل بنا دون الرجوع إلى أسباب ذلك، اني أرى أسباب ما يحصل وما حصل سابقاً من تردٍّ أمني واجتماعي واقتصادي وأخلاقي هو البُعد عن القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية وفقدان الأمانة وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب وتأمين الخائن وتخوين الأمين، وهذا ما حذّرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم  في حديثه المشهور الذي وصف فيه ان أمته سوف تصل إلى مثل هذه المرحلة.

وتابع: لذلك ما نتمنّاه وننصح به هو العودة الصادقة إلى ديننا من أي مذهب أو ديانة كنا أو معتقد إلى طبيعة حياتنا التي كان يعيشها أجدادنا وآباؤنا حيث كانت الحياة الاجتماعية أفضل والتواصل الاجتماعي في أجمل صورة والتضامن والتكافل بين الناس كان مميّزاً وكانت أبواب المحلات التجارية لا تقفل ولا تحرس، أما الآن انقلبت هذه الصورة النهائية.

وأضاف: فالنصيحة القيّمة الآن هي العودة إلى القيم وإلى الالتزام الديني والأخلاقي وفضل الجوار والتقيّد بالامانات والجيرة وأن نكون يداً واحدة في مواجهة الأزمات التي تحصل لنا في كل بلادنا وبالتحديد في لبنان الحبيب الذي وصل إلى مرحلة خطيرة، كما ان توحّدنا ووعينا لخطورة ما يجري والعودة إلى ضمائرنا وتصرفنا بحكمة وبقرار موحّد فيه مصلحة البلاد والعباد دون التأثّر بالآخرين الذين يعيشون في عالم آخر ولا يعنيهم ما يجري لنا وما يحصل بنا، فإذا نجحنا في ذلك سوف تستقيم الأمور ويحل الأمن وسوف تعود المحبة والأمانة إلى ضمائرنا وإلى حياتنا اليومية ولا مفر من ذلك لان البديل هو الفوضى والخراب وإنتهاء القيم.

وتابع قائلاً: علينا أن نكون قد قيّمنا الأعوام السابقة وما تخللها من أخطاء وسلبيات مررنا بها، أو قمنا بها كي نترفّع عنها ونقلع عن تكرارها ونجعل منها درساً نتعلّمه إلى تصويب مسارنا نحو الأفضل وليس الاستمرار في الخطأ، عند ذلك نكون أقلّه قد حققنا العودة إلى قيمنا وديننا كي تقيم بنا الأمور.

واختتم متمنياً أن يكون هذا العام الجديد عاماً مليء بالمحبة والاستقرار والسلام الداخلي والأمن الاجتماعي، وكل عام وجميع المسلمين بألف خير.


القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة

البابا

{ أما رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا فقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراًً} «سورة الفرقان»، لقد دخلنا عاماً جديداً والإنسان شاهد على تعاقب الأيام ودوران الزمان وكل يوم يأتينا يذكّّرنا بأن أيامنا تنقضي وأعمارنا تنتهي وهو يقرّبنا إلى الله تعالى، ان الأيام التي يمرُّ بها الإنسان في هذه الحياة اما أن تكون بعمله الصالح شاهدة له أو تكون بعمله الطالح شاهدة عليه، والله سبحانه وتعالى يقول {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُوراً اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.

وأضاف: من اهتدى إنما يهتدي لنفسه {ومن ضلّ فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى، وما كانا معذبين حتى نبعث رسولا}.

وأضاف: يجب أن نعلم ان الوقت هو أهم شيء في حياة الإنسان وأغلى شيء في هذا الوجود، الوقت أغلى من المال وأغلى من الجاه وهو أساس الحياة، يقول اوناسيس الملياردير اليوناني عندما كان على فراش الموت: «لو أستطيع أن أشتري عمراً زائداً بكل مالي فما ترددت».

والإنسان عندما يأتي إلى هذه الدنيا فان له أجلاً مكتوباً ورأس ماله في هذه الدنيا هو هذا الوقت المحدد الذي يملكه الجميع بالتساوي، فالناس عندما خلقوا لم يملكوا القدرات بالتساوي فهذا غني وهذا فقير وهذا ذكي وهذا غبي وهذا متعلّم وهذا جاهل، أما الوقت فالجميع متساوون به كلهم يعرفون ان اليوم 24 ساعة والسنة 52 اسبوعاً والجميع هنا أمام فرص متساوية، لكن العقلاء يستثمرون أتعابهم فيما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، وآخرون أغبياء غافلون يضيّعون أعمارهم ويهدرون أوقاتهم فتضيع دنياهم وتضيع اخراتهم، قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

وأضاف: لقد سمعنا مشايخنا الكرام وهم ينصحوننا باستغلال الوقت فيما ينبغي فيقولون لنا في الساعة التي يشقى فيها الشقي يصير فيها العابد ولي، فالوقت نعمة عظيمة وإدارة الوقت مهمة عظيمة جداً، كثير من الناس غافلون عنها والموفّقون وهم قلّة يستغلون أوقاتهم في منفعة دنياهم وآخرتهم، صدق الله في كتابه العزيز عندما قال: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} والله ان الانسان لفي خسر إذا ضيّع عمره وضيّع شبابه وبدّد أوقاته، فالوقت المضيّع خسارة وندامة وان الإنسان العاقل هو الذي يستدرك نفسه مع بداية العام الجديد فيجتهد أكثر مما كان في العام الذي مضى كالتاجر الناجح الذي يجرّد حساباته عند نهاية كل عام ليحدد الربح والخسارة، فيزيد أرباحه بتجديد نشاطه ويتجنّب خسارته بترك ما لا ينبغي.

واختتم قائلاً: لذا نرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الرشد في أعمالنا والعمل فيما يرضى ربنا في كل تصرفاتنا وأقوالنا وأعمالنا وفي كسبنا وسلوكنا وفي كل خطوات حياتنا.


الشيخ أحمد البابا