بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2019 12:02ص ولا تنسوا الفضل بينكم

حجم الخط
د. نبيل السمالوطي*


إن الخلافات الزوجية لا تعني نهاية المطاف وفصم العلاقة بين الطرفين، أو ممارسة العنف من أحدهما ضد الآخر لأي سبب من الأسباب، فنحن لا نعيش في عالم ملائكي، ولكننا بشر نصيب ونخطئ، نتفق ونختلف، ولكن علينا أن نلتمس المنهج القرآني والنبوي لنتعلّم كيف يكون اختلافنا مع غيرنا، لا سيما مع أزواجنا وزوجاتنا.

والمنهج الإسلامي للزوجين عند الخلاف يتّسم بالحكمة والتدرّج واللين، وهو ما بيّنه القرآن الكريم وفي حال فشل الطرفين في حل الخلاف بنفسيهما، فيجب اللجوء إلى التحكيم لتقريب وجهات النظر لرأب الصدع قبل أن يستفحل الأمر، فيُدعى حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة وأن يكون الحكمان من أقرب الناس حتى لا تذاع الأسرار ولا تفتضح الخلافات بل يكون الستر هو الأساس؛ ولذلك يشترط في الحكمين النيّة الصادقة في الإصلاح فإن وجدت النيّة الصادقة للصلح حدث الوفاق لقوله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}. وليس شرطا أن يكون الحكمان من الأقارب، فيمكن للزوج والزوجة أن يتراضيا على تحكيم رجل كبير معروف بحكمته وعلمه وخلقه وصدقه وعدالته مثل إمام مسجد، أو أحد العلماء المعروفين، ولا شك أن مثل هذه الإجراءات الودّية يمكن أن تحلّ الخلاف، فضلا عن دورها في الحد من القضايا المنظورة أمام المحاكم.

كما يجب على الزوجين مراعاة الأبناء في أثناء الخلاف كعدم الشجار أمامهم، وكذا مراعاة مصلحتهم قبل الإقدام على أي قرار، وعدم اتخاذ الأولاد كوسيلة للضغط على الطرف الآخر (الزوج/ الزوجة).

وأحيانا قد تبذل الجهود وحثيث المساعي ويفشل التوفيق بين الزوجين، ويصير الطلاق بنظر أهل الخبرة والدين حلا إجباريا، وإن كان كلا الزوجين على خير، وحينئذ - أي إذا كان الطلاق هو القرار النهائي - ينبغي للزوجين مواصلة (الاحتكام الودي) بعيدا عن ساحات القضاء التي توغر الصدور وتربّي العداوات في النفوس، فضلا عن التشهير والتجريح بالطرف الآخر. وأن يحفظا ما كان بينهما من أسرار وعشرة طويلة كانت أم قصيرة، وألا يحاول أي منهما الإساءة للآخر أو التنكيل به، حتى يتحقق فيهما قوله تعالى: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته}.. وهنا يجب على الزوج إذا كان السبب من عنده - عدم التعنّت مع الزوجة أو التضييق عليها لإكراهها على التنازل عن بعض حقوقها، كما يجب عليها إذا كان السبب من عندها ألا تثقل كاهله بما ليس حقا لها.. والأولى من كل ذلك إن كان بينهما صغار أن ينظرا معا إلى مصلحة الصغار ويتفقا على الأسلوب الأمثل ليعيش هؤلاء الصغار حياة نفسية سويّة كريمة، مع عدم المساومة على أي حق من حقوق الصغار، فهذا جرم في حق الأطفال، وكفاهم حرمانا أن يعيشوا بعيدا عن أحد الأبوين (الأب أو الأم) وهو على قيد الحياة.

 

* أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر