بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تموز 2018 12:03ص يُصلّون لإله الخوف ويَطمَعون في جنَّته

حجم الخط

كنت أتصفح أوراقي في مكتبتي... وعثرت على مقالة لي كنت نشرتها في هذه الصفحة منذ أكثر من خمس عشرة سنة وهي كانت تحت عنوان «يصلون لإله الخوف...ويطمعون في جنته» ونظرا لمحاكاتها واقع ما نحن عليه اليوم ارتأيت إعادة نشرها. 
بين جدران الصومعة الأربع، حيث الظلمة اسدلت ستائرها، ورمى الليل بكلكله في أرجائها، نفثت الريح من كوة في جدارها، كادت أن تقضي على نور سراج يتراقص من شدة الحزن على ناسك ، متصوف ، بل شاعر، فر من قضاته وجلاديه ولد بالهوية بإسم الحسين بن منصور، ولقبه أبناء جلدته بالحلاج، والساكن بين جدران همومه خارج من بين ظهراني الفقراء، يتألم كما يتالمون ، ويفقه بما يتأوهون، ويحلم معهم بما يتاملون، متمرد على واقعه، ومناوىء للقهر والظلم الذي غلف صنائع السلطان فقرر أن يعلن الثورة على الفكر والظلم، وأن يطلق النار على الخوف الذي عشعش في عقول أولي الأمر فجعلهم رهائن ايديولوجيته.
هو ثائر على خطى الحسين بن علي، كافر زنديق بلغة الأمس، إرهابي بلغة اليوم، ومن يدخل ملكوت الالسنية يدرك أن اللغة واحدة بين الأمس واليوم. 
والذي يقرأ ما كتبه صلاح عبد الصبور على لسان الحلاج ، الناسك في صومعته، وما دونه من شعر في ديوانه إنما هو رسالة موجهة إلى قلب الأمة في كل عصر، وفي كل زمان..
فهو القائل:»لكي أطمئن... سألت الشيوخ فقيل: تقرب إلى الله... صل ليرفع عنك الضلال... صل لتسعد... وكنت نسيت الصلاة... فصليت لله رب المنون... ورب الحياة ورب القدر... وكان هواء المخافة يصفر في اعظمي... ويئز كريح الفلا... وأنا ساجد راكع اتعبد... فادركت اني أعبد خوفي لا الله...كنت به مشركا لا موحد...
وكان إلهي خوفي... وصليت أطمع في جنته... ليختال في مقلتي خيال القصور ذات القباب... وأسمع وسوسة الحلي همس حرير الثياب... واحسست اني أبيع صلاتي إلى الله... فلو أتقنت صنعة الصلوات لزاد الثمن... وكنت به مشركا لا موحد... وكان إلهي الطمع...!!» انتهى...
إنه الخوف له شريك واحد هو الطمع، والطامعون في قصور لها قباب، وجوار وخدم وسيارات ومناصب يبيعون صلواتهم للاله الذي يعبدون ويبيعون الأمة وكرامة الأمة ورعاياهم من أبناء الأمة لقاء الإستقرار على كرسي المنصب ولا استقرار ولا قرار. 
إن المنبه يشنف اسماع النائمين فالحروب اعلنت والنار متقدة في أكثر من مكان من عواصم الربيع العربي، والجغرافيا بدأت بالتحول والديموغرافيا ليست قريبة من قبلة المصلين، إنها على يسارهم لم ينتبهوا لها إلا بعد السلام وانتهاء الصلاة لقد تبدلت القبلة أثناء الصلاة والمصلون غافلون..؟!
إني احرك عقارب المنبه ليقرع طبول الموسيقى من جديد، لكي نعيد خلط الأوراق ونقلب الطاولة على من بدل قبلتنا تعالوا نتوضأ ونحسن الوضوء ، ونتقن أداء الصلاة من جديد نتجه إلى قبلتنا نعبد رب العالمين، رب الخائفين والطامعين، ورب الظالمين والمظلومين، نتوجه لأولى القبلتين وثالث الحرمين إلى أرض الإسراء مزودين بالعتاد والسلاح وهناك إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة. 
الشيخ عباس محمد العرب

أخبار ذات صلة