بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الأول 2018 12:02ص يسّروا ولا تعسّروا..

حجم الخط
يتميز الدين الإسلامي بأنه دين اليُسر، فهو يرفع الحرج عن الأمة ويزيل الأغلال عن كاهلها، ليقطع بذلك كل عذر، وليسدّ أبواب التنطّع، ويغلق المسالك الموصلة إليه، ويحول دون الأسباب الباعثة عليه، كما قال عز وجل: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [المائدة:6].
وهذه الآية الشريفة تدغدغ من المسلم وجداته، وتعيد بشاشة قلبه، وتمتزج بأجزاء نفسه، وتشعره بعظيم فضل الله عليه، وكريم رحمته به وجميل إحسانه إليه، حيث جعل له طريق السعادة مذللاً، وسبيل النجاح ممهداً، لا يرهقه سلوكه من أمره عسراً، على النقيض من حال بني اسرائيل الذين أثقلت كواهلهم. الأغلال والآصار التي كانت عليهم في شريعتهم، كتحريم الأكل من الغنائم وغير ذلك، وهذا يدل على فضل هذه الأمة المرحومة التي جعلها الله وسطاً بين الأمم كما قال عزّ وجل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} [البقرة:143].
والوسط كما جاءت في الآية الشريفة شرحها العلامة ابن كثير رحمه الله بأنها «الخيار والأجود، كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها، وكان رسول الله وسطاً في قومه، أي أشرفهم نسباً، ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها، ولما جعل الله هذ الأمة وسطاً خصّها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب» انتهى كلامه يرحمه الله.
ورفع الحرج عن هذه الأمة المسلمة ملائم لفضلها وعدل شريعتها، وعموم رسالة نبيّها التي هي خاتمة الرسالات السماوية مناسب لبقاء دينها وظهوره على الدين كله كما قال سبحانه {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون} [التوبة:33].
فالاسلام إذاً نهج رباني شامل صالح للبشر كافة مهما اختلفت درجة رقيّهم أو اختلفت مراتب حضارتهم، نهج لا تشتبه فيه السبل ولا تلتوي فيه المسافات أو المسالك، يسّر الله للأمة فيه اتباعه، وأوضح لهم معالمه.
ومن مشكاة النبوة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم  في الحديث الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  وسلم قال: «يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا، ولا تنفّروا».
وفي الصحيحين أيضاً عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما خيّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن اثماً، فإن كان إثماً كان أبعد النّاس عنه.
وليت أن السياسيين في لبنان، أياً كان انتماؤهم، يعملون بهذه القاعدة الذهبية وهذا الهدي النبوي العظيم «يسّروا ولا تعسّروا» ويكون عندنا حكومة تعمل على النهوض بالوطن من جديد، في جميع المجالات، لأن تعسير الأمور يزيد الوطن انهياراً، وهذا ما لا يرغبه أحد..
 خليل برهومي