بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2019 01:47م في مئوية لبنان الكبير الفاتيكان يعلن البطريرك الحويك مكرما على طريق القداسة

حجم الخط
أعلن غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي من الصرح البطريركي في بكركي، ان قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس قرر تثبيت عيش بطولة الفضائل من قبل  البطريرك مار  الياس بطرس الحويك (1843-1931) واعلنه مكرما.

وعقد الراعي مؤتمرا صحافيا بالمناسبة في قاعة القديس البابا يوحنا بولس الثاني -بكركي، شارك فيه طالب الدعوى المطران حنا علوان النائب البطريركي العام، راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، رئيس اللجنة المتابعة لتحضيرات مئوية لبنان الأولى المطران سمير مظلوم، المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الحبري الماروني في روما المطران رفيق الورشا، الرئيسة العامة لراهبات البطريرك الحويك راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري انطوانيت سعادة مساعدة طالب الدعوى وراهبات من رهبنة العائلة المقدسة، امين سر البطريرك الأب شربل عبيد، والمرسل اللبناني فادي تابت.

وتمنى البطريرك الراعي  من خلال هذه الإلتفاتة الجديدة من السماء الى ارضنا ان تكون لنا حافزا لكي نعيش الرجاء وايماننا ومحبتنا ويكون حافزا لكل اللبنانيين والموارنة والمسيحيين وخاصة لكل السياسيين لأن البطريرك الحويك هو الذي ناضل في سبيل لبنان هو الذي كتب عن مفهوم الوطن وهو اليوم الذي شاءت فيه العناية الإلهية ان يتزامن فيه قرار الكنيسة مع بداية المئوية الأولى للبنان الكبير الذي كان هو بطله وكان مترئسا في مؤتمر السلام في فرساي 1919 الوفد اللبناني وناضل من اجل الحصول على لبنان الكامل بكافة اراضيه بما فيها الأراضي التي سلختها الدولة التركية عن لبنان وكانت السبب الأساسي في المجاعة الكبرى المطران منير خيرالله بصفته راعيا لابرشية البترون المارونية التي ولد فيها المكرم الحويك قال: "أبرشية البترون، أبرشية القديسين التي تحتضن ذخيرة مار مارون في دير مار يوحنا مارون كفرحي، وضريح القديسة رفقا في جربتا، وضريحي القديس نعمة الله والأخ اسطفان في كفيفان. 
 
إننا في أبرشية البترون نحظى بنعمة مميزة لأن الله أعطانا أن نعيش على أرض مقدسة وأن نكون جيران القديسين في كفيفان وجربتا وكفرحي والبترون وحردين وتنورين. فلأي من الناس أعطيت هذه النعمة أن يكون لهم في محيط بضعة كيلومترات مربعة أربعة ضرائح قديسين أصبحوا منارةً للكنيسة الجامعة وللعالم ومراكز حج ومزارات دينية عديدة ؟
يُزاد عليهم اليوم إسم المكرّم البطريرك الياس الحويك والمواقع الأربعة التي طبعت حياته في الأبرشية. 

سيرة حياة البطريرك الحويك 
أولاً: حلتا
ولد البطريرك الياس الحويك في بلدة حلتا في 4 كانون الأول سنة 1843 في عائلة تقيّة من عائلاتنا البترونية. والده تادروس عبود الحويك، الذي رُسم كاهنًا في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي في 18/11/1850 على يد البطريرك يوسف راجي الخازن وأصبح الخوري بطرس وخدم ضيعته حتى وفاته. والدته غُرّة طنوس الحويك؛ وهي أمرأة فاضلة تقيّة صاحبة إيمان قوي؛ عُرفت بمحبتها وتقواها؛ وكان لها فضل على إيمان وتقوى ابنها الياس؛ وهو البكر لسبعة أولاد: الياس، سعدالله، لاوون، مباركة، نورا، مارينا ومحبوبة التي أصبحت في ما بعد الرئيسة العامة لراهبات دير مار يوحنا حراش في كسروان. 

تربى في عائلة كهنوتية، فقيرة متواضعة، على الاتكال على الله وعلى قيم الاحترام والعدالة والتضامن والطيبة والحقيقة. 

ثانيًا: كفرحي 
بعد ان تعلّم مبادئ القراءة العربية والسريانية في مدرسة تحت السنديانة في حلتا (1848-1851)، انتقل الياس بتشجيع من والده الخوري بطرس إلى مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي التي كانت تأسست سنة 1812 على يد البطريرك يوحنا الحلو والمطران جرمانوس تابت، لتنشئة الكهنة. وكانت المدرسةَ الثانية في لبنان بعد مدرسة عين ورقة (سنة 1789). ولعبت دورًا ثقافيًا وكنسيًا ووطنيًا في القرن التاسع عشر وتعلّم فيها كثير من كبار رجال الكنيسة والوطن، أمثال البطريرك الياس الحويك والبطريرك أنطون عريضه. 

لبّى دعوة الرب إلى الكهنوت واعتبرها نعمة يغدقها الله عليه. 

سنة 1859، التقى الياس البطريرك بولس مسعد وهو في زيارة إلى مدرسة مار يوحنا مارون، فطلب منه أن يتابع دروسه الإكليريكية. فأرسله الأخير إلى الإكليريكية الشرقية في غزير التي كان أسسها الآباء اليسوعيون سنة 1843. 

سنة 1866، أنهى دروسه في غزير وتميّز بتقواه وبتكريمه للعذراء مريم وبذكائه وتعطّشه إلى المعرفة. فطلب من البطريرك مسعد أن يتابع دروسه في روما. فأرسله إلى معهد البروبغندا - معهد انتشار الإيمان – ليدرس الفلسفة واللاهوت. وتميّز هناك بسلوكه المثالي وبتقواه العميقة، وبذكائه واتّزانه ومثابرته. نقرأ عنه في سجل البروبغندا أنه « حاز بذكائه المتّقد درجةً سامية في تحصيل العلوم، وكان قدوة في صبره وطاعته وتدقيقه في القانون... إنه فتىً وُلد للعظائم». 

في 5 حزيران 1870، اقتبل سرّ الكهنوت في روما على يد المطران يوسف جعجع وكان والده قد توفي في نيسان 1869. وتزامن حدث رسامته الكهنوتية مع مباشرة أعمال المجمع الفاتيكاني الأول برئاسة البابا بيوس التاسع. 

وفي 19 آب 1870، نال شهادة الملفنة في اللاهوت وعاد إلى لبنان. 

فعيّنه البطريرك مسعد معلّمًا للاّهوت الأدبي في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي. 

فأعطى أفضل ما عنده وأفضل ما هو عليه لتلاميذه. وكان أستاذًا ومربيًا وراعيًا صالحًا يترأس صلوات الفرض، يقضي ساعات طويلة في كرسي الاعتراف، يتقاسم الغداء إلى الطاولة نفسها مع التلاميذ، ويبقى في صحبتهم ساعات الفراغ زارعًا في قلوبهم الفرح والرجاء.  

ثالثًا: كفيفان
بعد سنتين في كفرحي، عيّنه البطريرك مسعد في حزيران 1872 أمين سرّ البطريركية في بكركي ومحامي الوثاق في الديوان البطريركي. 

وفي 14 كانون الأول 1889 رُقّي إلى الدرجة الأسقفية، ورسم مطرانًا على عرقا شرفًا ونائبًا بطريركيًا. وكان ذلك بعد أشهرٍ من وفاة المطران يوسف فريفر النائب البطريركي ورئيس مدرسة مار يوحنا مارون- كفرحي. 

كان الخوري ثم المطران الياس الحويك يحلم بتأسيس جمعية رهبانية نسائية رسولية تساعد في إصلاح وتنمية المجتمع المهدّد بتيارات الفساد والجهل. وكان يرى أن « مستقبل المجتمع متوقف على تربية الفتاة وترقيتها». « فالفتاة هي أم المستقبل، وركيزة العائلة، وبالتالي ركن المجتمع بأسره». فرأى في العلم والتربية الوسيلةَ الفضلى لمواجهة الفساد، وعَزَمَ على توفير العلم للفتاة اللبنانية مع التربية المبنية على القيم الإنسانية والإجتماعية والإنجيلية. 

سنة 1893، التقى الأم روزالي نصر، من جمعية راهبات الوردية، القادمة من القدس إلى كفيفان لتأسيس دير ورسالة مع رفيقة لها الأخت ستيفاني كردوش. فعرض عليها الحويك فكرته بتأسيس جمعية رهبانية. وبعد إنجاز الإجراءات القانونية أسس « جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات» وسلّم بيتًا في جبيل هو وقفية من السيدة أورسلا لحود إلى الأم روزالي نصر. وفي 15 آب 1895 احتفل المطران الحويك بقداس التأسيس في دير جبيل. 

أما الإسم، فأراده الحويك حافزًا لكي تتمثل الراهبات بالعائلة المقدسة في الناصرة وتعيش فضائلها وتنشرها بين العائلات. وطلب أن تكون العائلة المقدسة مثالاً لكل العائلات اللبنانية لبناء مجتمع سليم ومقدس، يلتزم « المبادئ التي تعمّر البيوت، وتحفظ العيال، وتصون الهيئة الإجتماعية من الفساد». 

رابعًا: عبرين 
بعد أشهر قليلة قضتها الأم روزالي والأخت ستيفاني في دير التأسيس في جبيل، اشترى المطران الياس الحويك بيتًا في عبرين وطلب من الراهبات الانتقال إليه ليكون الدير الأم للجمعية، وذلك سنة 1896. 

وراحت الجمعية تزدهر وتتوسع وتفتح المدارس في كل لبنان وتحقق حلمَ المؤسس ورسالتَه. 

وقبيل وفاة البطريرك الحويك المؤسس في 24 كانون الأول 1931، كانت الجمعية قد انتشرت في عمشيت وجبيل وعبرين، ثم في قرطبا (1902)، البترون (1910)، صورات (1912)، بيروت- مدرسة سيدة لبنان (1923)، تنورين (1923)، انطلياس (1924)، حارة حريك (1924)، الديمان (1930)، حصرون (1930)، مزياره (1930)، شكا (1931)، دير الأحمر (1931)، دوما (1931). 

توفي البطريرك المؤسس ودفن في بكركي. وفي 12 أيار 1936، نُقل جثمانه إلى الدير الأم في عبرين. وأصبح ضريحه مركز حجّ وصلاة ودعوة إلى الاتكال على العناية الإلهية. 

المطران حنا علوان طلب الدعوى 
اشار الى إن قداسة البابا أطلق اليوم لقب "مكرم"وجاء ذلك بعد مسار طويل عندما بدأت جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات بالتفكير جدياً بإقامة دعوى تطويب مؤسسها البطريرك الحويك سنة 1996 .وفتح الملف رسمياً بتاريخ 10 تشرين الثاني 2010، على عهد سيادة المطران بولس إميل سعادة على ابرشيه البترون حيث مولد المكرم في بلدة حلتا. وفي أول كانون الأول 2010 وافق مجلس المطارنة في لبنان على تقديم الدعوى، وفي 15 كانون الأول 2010 طلب سيادته بعدها من مجمع دعاوى القديسين في روما، بطلب الإذن بافتتاح الدعوى والسماح بنقل الصلاحية إلى أبرشية البترون لتقوم بالتحقيق بدل من الأبرشية البطريركية حيث توفى المكرم لأنها صاحبة الصلاحية المألوفة قانوناً. 

بعد سنتين تقريباً وافق مجمع القديسين في روما بتاريخ 30 أيار 2012 على السير بالدعوى ونقل صلاحية التحقيق إلى أبرشية البترون. عين عندها راعي الأبرشية الجديد المطران منير خير الله، في 25 أيلول 2012 لجنة التحقيق وقوامها الأباتي مارون نصر محققاً مفوضاً والمونسنيور جورج القزي محامياً عن العدل والخوري إبراهيم إسطفان الخوري مسجلاً. وبالتاريخ عينه، عيّن خبراء لاهوتيين ثلاثة هم سيادة المطران غي بولس نجيم والأب أنطوان الأحمر والخورأسقف أنطوان مخائيل، كما عيّن أيضًا لجنة خبراء في التاريخ والأرشيف، برئاسة حضرة الأب كرم رزق وعضوية الدكتور عصام خليفة والدكتور أنطوان حكيِّم. 

افتتحت الدعوى رسمياً في 5 تشرين الأول 2012 بجلسة قانونية في دير العائلة المقدسة في عبرين، وجرى فيها قبول المهام وحلفان اليمين القانونية من قبل جميع المُعَيَّنين، وانطلقت بعدها جلسات الاستجوابات وجمع البيّنات.

عَقَدت المحكمة سبعة عشر جلسة استمعت فيها إلى ثلاثين شاهداً -من أصل 64 كانت قد قُدِّمت مع الملف- من آباء وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين من الذين عاشوا خبرة روحية خاصة مع رجل الله البطريرك الياس حويّك، أو الذين اعتادوا تكريمِه أو حصلوا على نِعَمٍ بشفاعته. 

في 18 شباط 2014، بعد إنهاء المحكمة من الاستماع إلى الشهود وتسلُّم التقارير اللاهوتية والتاريخية العلمية، جرى كشف حسّي على الأماكن التي عاش فيها رجل الله، فزارت اللجنة بيتَه الأبوي في بلدة حلتا، حيث ولد وترعرع، ثم الكرسي البطريركي في بكركي وفي الديمان حيث عاش ومات، ودير العائلة المقدسة في عبرين حيث يحفظ جثمانه. على أثر هذا الكشف المكاني، أصدرت الهيئة المكلّفة بالتحقيق قراراً بإعلان انتفاء مظاهر العبادة وقراراً آخر يعلن فيه اختتام التحقيق، بعدما كان قد صرح طالب الدعوى باكتفائه بما قدَّم من بيّنات وشهود ووافق على ذلك أيضاً محامي العدل.

في 22 حزيران 2014 عقدت الجلسة النهائية في دير العائلة المقدسة في عبرين برئاسة سيادة مطران الأبرشية وتمّ خلالها حلفان اليمين القانونية من قِبل كلّ الذين اشتركوا في ملف التحقيق، وخُتِم الملف بالشمع الأحمر وسُلِم إلى طالب الدعوى ومساعدته لينقلاه إلى مجمع القدِّسين في روما. 

في 30 حزيران 2014، تمّ تقديم الملف إلى مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان. في 13 شباط 2015 طلب المجمع إضافة وثائق أخرى لضمها إلى الملف. وبعد جمع ما يلزم من وثائق محفوظة في مجمع الكنائس الشرقية في روما وفي أرشيف الكرسي الرسولي أرسلت إلى روما في 28 حزيران 2015.

بين سنة 2015 و2018 لخص الملف في مجلد حاول فيه طالب الدعوى ومساعدته الأم ماري أنطوانيت سعادة رئيسة عام راهبات العائلة المقدسة إثبات بطولة الفضائل من قبل رجل الله البطريرك الحويك. عرض المجلد على اللجنة التاريخية في الفاتيكان وقُبِلَ بالإجماع في 17 نيسان 2018 ، ثم في 6 أذار 2019 صوتت اللجنة اللاهوتية في الفاتيكان بالإجماع أيضاً مع الثناء على بطولة عيش الفضائل. بعدها عرض على لجنة الكرادلة في 18 حزيران 2019 وكانت النتيجة إيجابية فرفع القرار إلى قداسة الحبر الأعظم واليوم وافق قداسته على إعلان البطريرك مار الياس الحويك مكرماً.

لا بد من التنويه بالجهود الجبارة التي قامت بها الأم ماري أنطوانيت سعادة وفريق من الراهبات في كل هذه المرحلة من التفتيش عن المخطوطات إلى الترجمة والسعي وراء الشهود والعمل المضنى في كتابة ملف الأثبات. 

وختمت الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري انطوانيت سعادة بالقول:  البطريرك الحويك معروفا باسم بطريرك لبنان، اللقب الاحب الى قلبه، وهو القائل : "أنا بطريرك الموارنة، طائفتي هي لبنان، وأنا لجميع اللبنانيين". من أجل لبنان الرسالة ، رسالة الانفتاح والحوار والعيش معا، احتفالا بهذا التكريم نعلن سنة ٢٠١٩ - ٢٠٢٠ سنة المكرم البطربرك الحويك واثر انعقاد المؤتمر طلب المطران خيرالله  من كهنة الابرشية قرع الأجراس  فورا في رعايا الابرشية كافة ، ومن المؤمنين تلاوة الصلوات لشكر الرب على هذه النعمة وعلى فيض النعم حتى اعلان التطويب ثم التقديس.