بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أقلام عربية

28 أيار 2019 07:14ص في خدمة 30 مليون ضيف

حجم الخط
الصور المرسلة من الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثارت الكثير من التعجب والإعجاب ورفعت الحس الروحاني لدى المتابعين في كل أرجاء العالم. صور صحن الطواف في الحرم المكي الشريف وهو ممتلئ بالطائفين، والطوابق المشيدة لاستيعاب العدد الكبير من الطائفين والزوار، دلالة على أن شهر رمضان المبارك هو الموسم الأول لضيوف الرحمن وربما يتجاوز موسم الحج. أكثر من 7 ملايين زائر دخلوا المملكة العربية السعودية منذ شهر بتأشيرة عمرة حتى هذه الساعة. وإذا أضفنا عدد المعتمرين من داخل المملكة الذي يقارب ثلث هذا العدد فإننا نتحدث عن أكثر من 10 ملايين قاصد للحرم المكي والحرم النبوي خلال شهر رمضان المبارك. وكما تفيدنا وزارة الحج والعمرة فإن الزيادة هذا العام في عدد الضيوف بلغت 7 في المائة، مع التذكير بأن زوار شهر رمضان منهم المعتكفون الذين يقضون الشهر في مكة المكرمة حتى انقضائه، أي أنها رحلة طويلة قد تمتد شهراً كاملاً.
خلال العام الواحد يبلغ عدد المعتمرين أكثر من 18 مليون معتمر بحسب بيانات هيئة الإحصاء والمعلومات. إدارة هذه الحشود التي تتوافد خلال العام، وتكتظ خلال موسم شهر رمضان، وربما تتضاعف في الليالي الأخيرة تحسباً لليلة القدر، يعني أن وزارة الحج والعمرة في غرفة العمليات على مدار السنة، منذ إصدار التأشيرات وحتى مغادرة الضيوف المملكة أو المشاعر المقدسة.
المملكة تستهدف توفير الخدمة لعدد يتجاوز الثلاثين مليون زائر سنوياً، وفقاً لاستراتيجيتها المعلومة «رؤية 2030»، وتوفير الخدمة لهذا العدد الهائل من الضيوف يتطلب الكثير من المقومات؛ أولها العمل المشترك والتنسيق بين وزارة الحج والعمرة والمؤسسات الحكومية الأخرى مثل وزارة الداخلية والخارجية والصحة، إضافة إلى مؤسسات القطاع الخاص مثل شركات خدمات الحج والعمرة. وهذا التنسيق معمول به منذ تأسيس الدولة وقيام المؤسسات وتحديد مسؤولياتها. لكن مع الأعداد الكبيرة المتوافدة، والطلب المتزايد على زيارة الحرمين الشريفين، سواء من الداخل أو الخارج، تنشأ الحاجة إلى استخدام أدوات إضافية مثل وسائل التقنية ومؤسسات المجتمع المدني والمشاركة المجتمعية. في كل عام، تتسابق مؤسسات الدولة للمشاركة في تنظيم عملية الحج والعمرة، وفق خطة تنسيق عالية، كما أن شغف الكثيرين من المواطنين للعمل التطوعي جعل «رؤية 2030» تضع هدف مليون متطوع سنوياً في حساباتها. ولأن العمل متواصل فالأفكار الرائدة الخلاقة لمزيد من التسهيلات والتنظيم الدقيق تتم دراستها في كل وقت، لأجل الخروج بخدمة مضافة لتحسين جودة العمل. على سبيل المثال، وزارة الحج والعمرة دشنت مبادرة سمتها «صديق المعتمر»، وهذه المبادرة تفتح أبواب التطوع لإتاحة المجال لهذا الصديق أن يرافق الحاج أو المعتمر طوال رحلته لأداء المناسك، والهدف الرئيسي منها تقديم المساعدة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. من ناحية أخرى، ابتكرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات برنامج «رواد التقنية»... هذا البرنامج يتيح للمهتمين والمختصين بتقنية المعلومات ابتكار تطبيقات وسبل تقنية تصب في خدمة الضيوف. وكلنا نذكر المسابقة التي نظمها الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز (هاكاثون الحج) لمتسابقين من جميع أنحاء العالم يتنافسون على ابتكار تقنية تساهم في خدمة الحجاج والزوار، واشترك في ذلك المارثون 3000 متسابق من 51 دولة حول العالم، وفاز به فريق نسائي سعودي ابتكر «ترجمان» يترجم اللوحات الإرشادية في المشاعر المقدسة بلغات مختلفة عن طريق المسح الإلكتروني (الباركود). نتيجة لهذه الأجواء الحماسية لتطوير الخدمات، تقدم بنك التنمية الاجتماعية بدعم 8 ملايين دولار للابتكارات التقنية التي تساهم في هذا الجانب. باختصار، تنشغل الدولة بحكومتها وأفرادها ومؤسساتها بضيوف الحرمين طوال السنة، أداء لواجب الضيافة. ويقف على هذه الجهود وبجانبها العاهل السعودي الذي يستقر في محل إقامته أمام الحرم المكي كل عام، متابعاً ومراقباً وحفياً وسعيداً بهذا الشرف العظيم الذي مَنّ به الله على الدولة السعودية.
السعودية تتطلع إلى أن تكون مساحة الحرم المكي مليونين ونصف المليون متر مربع، بزيادة الضعفين، مساحة هائلة، من خلال التوسعة التي دشنها في عام 2015 العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. مساحة تشمل الأنفاق والجسور المؤدية للحرم وتوسعة المسجد والمطاف والمسعى والساحات الخارجية وتملك العقارات المحيطة، وإنشاء أبواب أتوماتيكية تعمل بالتحكم عن بعد تحيط بالحرم، بميزانية مقدرة بنحو 100 مليار دولار. هذا الإنفاق السخي والخدمات الرفيعة المقدمة تعمل على توفير رعاية صحية وأمنية وإنسانية للضيوف خلال وجودهم في المملكة، وتسهيل تنقلهم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ويزداد التحدي عاماً بعد عام مع زيادة الطلب وارتفاع سقف تطلعات المملكة حكومة أو أفراداً لجعل الرحلة الإيمانية ميسرة رغم مشقتها.

المصدر: الشرق الاوسط