مع دخول الحراك شهره الخامس وتكليف محمد توفيق علاوي لتشكيل الحكومة، أصبح للمتظاهرين قناعة بضرورة إحداث تغييرات وتطورات في نهجهم الاحتجاجي، حتى يستمر ويزداد زخمه وضغطه.
الأحد 16 شباط الجاري، رفع مئات المتظاهرين في النجف والناصرية وبعضهم في بغداد، صور الناشط السياسي أبرز وجوه الحراك، علاء الركابي، بغية اقتراح اسمه من داخل الحراك كرئيس للحكومة المقبلة، بدل محمد توفيق علاوي.
وقبلها في مستهل شباط، أعلن الناشط البارز في مظاهرات الناصرية، علاء الركابي، عن الشروع في اتخاذ خطوات قال إنها "عملية جدية لتشكيل كيان سياسي يمثل الاحتجاجات تماشيا مع تطلعات المتظاهرين في البلاد".
وجاءت ردود أفعال مؤيدة من ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الأخرى، فيما استحسن ناشطون الخطوة.
وعلاء الركابي، هو دكتور صيدلاني وأحد قادة التظاهرات في مدينة الناصرية، فيما يقول متظاهرون إنه أحد المسؤولين عن خطة التصعيد التي تلت المهلة التي منحها الحراك الشعبي للسلطات من أجل تحقيق المطالب والتي عرفت حينها بـ"مهلة الناصرية".
وكان الركابي، قد دعا إلى مظاهرة ومسيرة مليونية، تبدأ من الناصرية وتنتهي ببغداد على طريقة "الزيارة الأربعينية"، لكن "عوضا عن التجمع في كربلاء، على المتظاهرين التوجه إلى بغداد".
وسبق وتعرض لمحاولة اغتيال في الناصرية، في الـ 27 من يناير الماضي، بينما تجمهر المتظاهرون لحمايته.
الفديو قبل قليل محاولة المتظاهرين حماية الدكتور بعد اصراره التقدم الى منطقة المواجهات لاسعاف الجرحى ....
وكان الركابي، وفي خطوة تصعيدية جديدة، دعا إلى مسيرات على الأقدام من البصرة مروراً بالمحافظات الجنوبية وصولاً إلى العاصمة بغداد إلى المنطقة الخضراء للضغط على الحكومة والطبقة السياسية.
وأمام هذا التوجه يظل السؤال حول ما إذا كان دفع المتظاهرين باسم سياسي يمثلهم بدل علاوي، "تكتيكا" جديدا سيزيد من زخم حراكهم في العراق؟
إحراج للقوى الطائفية
المحلل السياسي العراقي، باسل الكاظمي، قال لموقع "الحرة"، إن اقتراح النشطاء لإسم علاء الركابي، تكتيك وخطوة من شأنها ان تحرج القوى السياسية الطائفية المناوئة للحراك في البلاد.
وذكر ان المتظاهرين أقاموا استبيانات واستطلاعات رأي أجمعت على اقتراح الناشط علاء الركابي ممثلا سياسيا للحراك، مضيفا ان ما عدا ساحة احتجاج النجف التي حصل فيها علاء الركابي على 80 في المائة من المؤيدين، فقد حصل على إجماع باقي المحافظات على اسمه.
ناشطون اتهموا عناصر "القبعات الزرق" الموالية للصدر، بالهجوم على المتظاهرين خلال الأسابيع الماضية
الكاظمي، أفاد أيضا ان القوى السياسية المناوئة للمتظاهرين، كانوا يركزون دائما على فكرة أساسية مفادها أن "ساحات الاحتجاج عاجزة على اقتراح بدائل وليس لها قوة اقتراحية خاصة لمن يمثلها"، وبالتالي فهي الآن أمام إحراج كبير بعد ان بادر المتظاهرون إلى اقتراح اسم يمثلهم، بدل محمد توفيق علاوي، يورد المحلل.
وإزاء ذلك، رأى الكاظمي، ان القوى السياسية المناوئة للحراك، التي كانت تدعي انها مع التغيير ومطالب المتظاهرين، ستكون اليوم أمام حرج كبير، إذ ستكون أمام خيارين: إما إظهار تأييدها لممثل ساحات التظاهر، أو الوقوف ضده، وبالتالي ستسقط عنها الأقنعة وتتكشف حقائق دفاعها على المحاصصة الطائفية، لا الوطن والبلد.
الركابي.. 3 نقاط لصالح الحراك
لكن في المقابل، الناشط المدني والسياسي في حراك بغداد، أحمد حمادي، يرى في حديث مع موقع "الحرة"، أن علاء الركابي، "سيجد صعوبة في تغيير الوضع وتحقيق ما رغبه المتظاهرون، وسط سيطرة القوى والتيارات الحزبية المسلحة، وعلى اعتبار الهدف النهائي للانتفاضة ليس في شخص رئيس الوزراء، إنما إسقاط النظام".
الا ان ترشيح الركابي فيه تكتيكات من شأنها أن تفيد الانتفاضة في الوقت الراهن لثلاث أسباب، بحسب الناشط.
الأول يكمن في إن اقتراح اسمه من لدن الحراك بدل علاوي "سيعمق من أزمة السلطة المأزومة أصلا، خصوصا مع اشتداد الصراعات بين أطراف السلطة على المناصب والحصص في حكومة علاوي".
ثاني الرهانات، يقول الناشط أنه من شأن ترشيح علاء الركابي ان "يديم زخم الانتفاضة خصوصا، مع الرفض الجماهيري الواسع لعلاوي، وعلى هذا الأساس فإن ترشيح الركابي سيديم التظاهرات القوية والمسيرات في عموم المحافظات المنتفضة".
أما ثالث الأهداف، فتتجلى في أن يعطي ترشيح الركابي انطباعا لدى المنتفضين بأنهم أصحاب القرار وليس أحزاب السلطة المتهمة بالقمع والقتل والخطف، وهذا من شأنه وضع المبادرة بشكل دائم في أيدي الجماهير، وبإمكانها تغيير أي جهة أو الضغط عليها من أجل تحقيق المطالب في المستقبل، بحسب الناشط.
ويشهد العراق منذ الأول من تشرين الاول الماضي حركة احتجاجات مطلبية، يدعو فيها المتظاهرون إلى إجراء انتخابات مبكرة بموجب قانون انتخابي جديد، ورئيس وزراء مستقل ومساءلة المسؤولين الفاسدين وأولئك الذين أمروا باستخدام العنف ضد المتظاهرين.
وقتل ما لا يقل عن 450 شخصا في أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاج منذ انطلاقها بداية أكتوبر، بحسب حصيلة شبه رسمية.