بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 شباط 2020 12:03ص أبواب موصدة ونوافذ صغيرة في العلاقة مع صندوق النقد

حجم الخط
 «نوافذ صغيرة» في الأزمة النقدية والمالية، منها زيادة بعض المصارف لرساميلها، مع مصارف أخرى قد تضطر الى الاندماج لا قدرة لديها على الزيادة المطلوبة في رسملة اضافية FRESH MONEY قد تكون مقدمة لمعالجة الأزمة تدريجيا، مع الابقاء على سياسة استقرار سعر الصرف «الرسمي».

ومقابل ايجابيات تصريحات وزيري المال السعودي والفرنسي حول دعم لبنان، هناك سلبيات التراجع في ايرادات الخزينة بنسبة 35% بما يعطل وعود الاصلاح التي تعهد بها لبنان ومنها خفض عجز الموازنة الى 4.5% فيما العجز المقدر 7.55% رسمياً، والفعلي بين حد أدنى  9 الى ١١% وربما حد أقصى ١٥%، بما يستحيل معه ان يمول لبنان بموارده الذاتية موجبات منها: تمويل الاستيرادات الأساسية والضرورية وشبه الكمالية، ودفع استحقاقات «اليوروبوندز» خلال الربع الأول والربع الثاني  من  ٢٠٢٠، وتلبية السحوبات المقننة التي خفضت أو تتعرض للمزيد من الخفض. وكلها عوامل تزيد في صعوبة القرار بشأن «اليوروبوندز» والعلاقة مع صندوق النقد الدولي، بين قائل أنه قبل طريق الصندوق الصعب والمحاط بالمخاطر، لا بد من استنفاد كل الوسائل، ومنها زيادة رسملة من المصارف بأموال حقيقية من خارج القروض، وتحقيق فائض دولي في الموازنة بنسبة ٥% سنويا، وتعديل سعر الصرف الى مستوى واقعي لتجنب دعم عالي الكلفة، وخفض الفوائد الدائنة (والمدينة) بخطة مقبولة من حملة السندات.

وهذا بالمقابل رأي آخر بأنه ليس لدى لبنان بداية فريق عمل كفوء يمكنه - حتى ولو بشركات استشارية - التفاوض مع الصندوق على صيغة تسوية بين حاجة لبنان الماسة الى الدعم المالي، وشروط الصندوق القاسية من ضرائب أعلى وفوائد أعلى، الى خفض عدد موظفي القطاع العام وتقليص الرواتب، ووقف الدعم الصحي والاجتماعي والتعليمي، وزيادة تعرفة الكهرباء، والضريبة على القيمة المضافة، والمس بالنظام التقاعدي.. وكلها وسواها شروط - اذا نفذت - لن تستطيع خصوصية الاقتصاد اللبناني تحملها، أو قد تؤدي الى ثورة عارمة (أكبر بكثير من الحراك الشعبي الحالي الذي ما زال حتى الآن في حدود الأمان) بمثل ما شهدنا في البرازيل والأرجنتين وفنزويلا أو في تايلاند وأندونيسيا أو في «ثورة الخبز» في مصر في عهد الرئيس السادات.

وليس هناك من سبب يدعو الى أن يكون لبنان في منأى عن مثل هذه الثورات، أمام ركود اقتصادي  يتعاظم، وناتج اجمالي يتقلص، وافلاسات تتزايد، ومعها معدلات تضخم تدفع بحوالي ٣٠٠ الف لبناني الى خط الفقر، أو العجز عن الوصول الى الحد الادنى من  الغذاء، وفي مداخيل منخفضة لعدد كبير من اللبنانيين، الى أقل من 10 دولارات يومياً، وأحياناً الى حد الفقر بأقل من 5 دولارات يوميا! فيما معدلات البطالة تتزايد كما في تقرير للبنك الدولي بأن نسبتها بلغت في لبنان 30% من عدد السكان و36% لدى الشباب. اضافة الى عدد كبير من الفقراء بالمعدل الدولي للفقر. ومعهم مئات الألوف من موظفين وعمال واجراء، وصغار التجار من محدودي الدخل مدينون بـ627 الف قرض بحوالي 55 مليار دولار، هي مجموع تسليفات المصارف للقطاع الخاص، العديد من مقترضيها لا يمكنهم تحملها لا من حيث الأصل ولا من حيث الفوائد العالية، ووسط ركود اقتصادي بات يصيب مختلف فئات الشعب انضم اليهم أخيراً حوالي 220 الف موظف وعامل جرى صرفهم وفي فترة 6 شهور!

علماً انه حتى لو نفذ لبنان مطالب الصندوق الدولي بسياسة تقشف، فان مديرة الصندوق نفسها «كريستين لاغارد» سبق أن قالت: «ان مثل هذه السياسة  يجب أن لا تكون شاملة للجميع، وانما ان يترك لكل دولة حرية اختيار ما يناسبها وان تفصل خططها بما يناسب اقتصادها وأسلوب معيشتها».