بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 شباط 2021 12:46ص أبو غزالة: أزمات لبنان متشابكة لكنها قابلة للحل والأمل بالمستقبل

حجم الخط
أكد الدكتور طلال أبو غزالة أن «أزمات لبنان متشابكة، وذات ثلاثة أضلع تتمثل في البنك المركزي، البنوك والحكومة»، لكنه أكد أن «الأزمة الماليّة الحاليّة قابلة للحل»، موضحاً أن عناصر الأزمة تتمثل في «مشكلة سيولة في الليرة اللبنانية والدولار الأميركي، واقتصاد غير منتظم، إلا أن ثمة عوامل مرتبطة بالأزمة الأكبر وهي الأزمة السياسية»، داعياً إلى «ضرورة التعامل معها وتفكيكها من خلال إعادة ترتيب الأولويات للوصول إلى حلول».  
وشدد في حوار مع «اللواء» على ضرورة «رفع القيود التي تم فرضها على الودائع المصرفية بشكل مباشر، كأحد الإجراءات لتجاوزها»، معتبراً أنه «من الخطأ الفادح الاعتماد على الاقتراض لسد العجز، بل يجب استبدال ذلك بتشجيع الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي، وتشكيل فريق من الخبراء من أجل وضع خطة للنّهوض بالاقتصاد الوطني بعيدًا عن الاقتراض».
الآتي نصّ الحوار:

{ حصلت على أعلى درجات أوسمة الشرف من رؤساء الدول والملوك ولم نسمع عنك سوى السمعة الطيبة في أعمالك وتعاملاتك، ما هي المحطة الأحب في حياتك بهذه المسيرة؟
- أعتز بجميع الأوسمة التي مُنحت إليّ. ولكن السُّمعة الطيّبة بين النّاس هي أعلى درجات الأوسمة بالنسبة لي. 
أحَبّ محطات حياتي كانت تلك التي أعطاني فيها والدي وسام تحمّل مسؤولية العائلة بالنّيابة عنه وأنا في عمر 15 عامًا.. أشعر بالرّضا، والقناعة عمّا أنجزته في حياتي، مع مواصلة الكفاح؛ فالحياة لا تتوقف عند مشروع أو إنجاز أو وسام!
{ تأسست مجموعة أبوغزاله سنة 1972 و تضم أكثر من 100 مكتب في العالم ومتواجدة في لبنان، ما هو برأيك سرّ النجاح؟
- للنجاح أسرار.. وكثيرًا ما ذكرتها:
«أول شرط للنجاح هو أن تؤمن بأنك ستنجح، فإذا بدأتَ وأنت متردّد، أو محبَط، أو مصابٌ بالشكّ، فلا تبدأ. إلّا إذا كنتَ قد حسمتَ أمرك».
وقد عددتُ عشر وصفات للنّجاح هي: أن أستخرج النعمة من رحم المعاناة، وأحول الفشل إلى نجاح، وكما أن قلبك لا يتوقف عن النبض، لا تتوقف عن العمل، فالراحة مضرة للصحة، وعليك بالتفاؤل لأنه يجلب الحظ، السعادة قرار، كُن بطبيعتك تلميذًا دائمًا: لا تتوقف أبدًا عن التعلُّم، وإن كلمة متقاعد تعني... «مُت» وأنت» قاعِد»: فلا تتقاعد أبدًا، واغفر لخصومك، ولكن لا تنس أسماءهم، وابحث عن التميز والأسبقية في الريادة، وقاوم غريزة السير وراء الجموع، في المدرسة نتعلم الدروس ونُمتَحن، وفي العمل نواجه الامتحانات،التي كنّا قد تعلّمنا دروسها، وأخيرًا النّجاح يتحقق من القرارات الصحيحة، التي تتخذ من الخبرة، التي نكسبها من القرارات الخاطئة.. وقبل كل ذلك: الإستثمار في المحبة التي هي السلاح الأقوى في الدّنيا.
{ سعادتك متواضع مع كل درجات الدكتوراه الفخرية من الجامعات المرموقة، هل العلم والنضوج الروحي والفكري يعطي الإنسان إدراك أهمية الحياة والإنسانية؟ أم هو الاستقرارواليسر المادي؟
- لا يرتبط الاستقرار باليسر المادي فقط، بل بالعلم، والمعرفة، والنّضج الفكريّ.
الأهم من ذلك هو اتخاذ القرار، كلّ شيء في الدّنيا هو قرار. الاستقرار قرار، وليس هنالك أحد مكتوب له أن ينجح أو يفشل أو يستقر أو لا يستقر. بل الإنسان يقرّر والتردد في اتخاذ القرار الصحيح يؤدي الى الفشل.
لقد ساعدتني نعمة المعاناة، في الاعتماد على الذات، والرغبة في التّطور، والإصرار، والتّحدّي والوصول إلى الهدف الأسمى.  بدأ حلمي بتأسيس مؤسّسة تكون الأكبر في الدّنيا، منذ كان عمري أحد عشر عامًا.
علينا أن نتسلّح بالمعرفة، والوعي، والثّقة بالنّفس؛ والطاقة الإيجابية لإظهار إبداعاتنا، و قدرتنا، وعزيمتنا.. وصقل شخصيتنا ملتزمًين بالصّدق، والمثابرة، والجدّ، وتحمّل المسؤولية كالحكمة القائلة: «الإرادة والإصرار تصنع المستحيل».
إن القوة ليست بالحجم ولا بالمال، بل بالإرادة، والتّصميم، والعزيمة، والالتزام. تعلمت أنه كلما ازدادت أشغالي، ازددتُ إيمانًا بأنّ قدرتنا على العمل تزداد،وإنه بقدر ما في قلوبنا من محبة، وتسامح، وقدرة على تحديد الهدف، إيمانًا برسالتنا، فإننا سننجح مهما كانت الصعوبات والتحديات.
{ الشركة تقدم خدمات القدرة على توقع الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، هل كنت تتوقع أن لبنان سيصل إلى الإنهيار؟
- مع أن أزمات لبنان متشابكة، إلا أن الأزمة الحالية هي أزمة مالية قابلة للحل.
نعم، هنالك مشكلة سيولة في الليرة اللبنانية، وأزمة سببها الدولار، واقتصادًا غير منتظم، ومجهول المصير، إلا أن ثمة عوامل مرتبطة بالأزمة الأكبر وهي الأزمة السياسية.
أما وقد اجتمعت الأزمات على لبنان في وقت واحد، فيجب التعامل معها، وتفكيكها، وإعادة ترتيب الأولويات تجاهها؛ليسهل تشخيصها والوصول إلى حلول عملية لها.
هنالك ثلاثة أضلع مترابطة في أزمة لبنان المالية هي(البنوك، والبنك المركزي، والحكومة)، في ما يخص أزمة السّيولة النّقديّة في الدولار وسعر العملة بالليرة اللبنانية؛فنحن نعرف أن الدول تلجأ أحيانا إلى ما يسمى (Quantitative easing) تيسير كمّي، مما يعني باختصار طباعة العملة لتوفير السيولة النقدية، وفي الوقت نفسه تلجأ الدولة إلى الاقتراض من أجل سدّ العجز، فكل الدنيا تقترض، وكل الحكومات في الدنيا لديها عجز، وهذا ليس مضرًّا!
توقعت هذه الأزمة، وأعلنت خلال مقابلاتي التلفزيونية بعض الحلول لتجاوزها، وقلت حينها: «إن الأزمة ليست نتيجة قانون قيصر أو قررات أمريكية، وإنه يجب رفع القيود التي تم فرضها على الودائع المصرفية بشكل مباشر، كأحد الإجراءات لتجاوزها، ،ومن الخطأ الفادح الاعتماد على الاقتراض لسد العجز، ويجب استبدال ذلك بتشجيع الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي. كما على لبنان تشكيل فريق من الخبراء من أجل وضع خطة للنّهوض بالاقتصاد الوطني بعيدًا عن الاقتراض.
{ أطلقت مؤخرا شركة طلال أبوغزاله للتقنية في لبنان، التي تبيع أجهزة ذكية، ما هي أهمية التكنولوجيا برأيك ؟
- تشكّل التكنولوجيا ثالث أكبر قطاع اقتصادي في العالم. 
هي أداة القطاعات الاقتصادية عالميًّا.. التي لم تعد مقيدًة بالجغرافيا.. في عصر الإنترنت نتسابق من أجل صناعة المعرفة، التي  ستوفر فرص لتشغيل الشّباب، كما يجب خلق «عمال معرفة» يتمتعون بمعارف تقنية تلبّي متطلبات الاقتصاد العالمي الرّقمي، ويواكبون تحديـاته، ويؤشرون لابتـكارات نكون من خلالها فــي طليعــة العالــم!
لقد اتخذنــا قــرارًا بجعــل (تــاج تــك) منصــة تقنية لتســريع الأعمــال، بحيــث تركّــز علــى أحــدث التقنيــات،وتصنّع أحــدث الأجهــزة، وتواكــب التّطــوّرات، وهــذا تحــدّ كبيــر تغلّبنــا عليــه.
{ شركة طلال أبوغزاله للتقنية تقدّم حلول حاسوبية رخيصة الثمن للطبقة الفقيرة في المجتمعات العربية، هل من يستفيد منها في لبنان؟
- إن قرارنا بالسعي إلى تعليم كل عربي لا يستثني لبنان.
لقد سعينا إلى تسهيل وصول جهاز لكل مستخدم، من خلال منصات معرفيّة حديثة، مزودة بخطوط إنترنت لكل من يرغب، ودورات في التقنية، وإزالة فجوة التعلّم الرّقميّ ، للحدّ من البقاء خارج السّحابة التكنولوجية. فصممنا أجهزتنا بمواصفات عالمية،محاولين محو الأمية المعلوماتية في المنطقة العربية، ومعززين المكانة الاقتصادية بتوجيه شبابنا نحو الابتكار بالتّمكين الذي نضمنه لهم.
{ في بداية الوباء سمعنا دراسات عديدة تحمّل تكنولوجيا الجيل الخامس المسؤولية عن انتشاره، ما رأيك؟
- الكورونا ليست ظاهرة فريدة في التاريخ. الإعلام ضخّم الموضوع؛ عندما جاء الطاعون قضى على نصف سكان أوروبا وفي النتيجة قضي على الطاعون، وبقيت أوروبا. لا يمكن في هذا العصر وبوجود الذكاء الإصطناعي الذي يجد حلولًا لكل شيء .. أن نقف عاجزين عن مواجهة هذا الوباء.
لقد كانت المنافسة في الثّورات الصّناعيّة والزّراعيّة السابقة على العدد من حيث العمالة، والمصانع، وأدوات الإنتاج، والمواد الأولية، أما الآن فهي في ثورة الجيل الخامس الحالية على حجم إنتاجية المعرفة التّقنيّة، وأدواتها .. وهذا التنافس التقني هو سرّ الصّراع بين العملاقين الصّيني والأميركي.
{ كيف تأثرث شركتكم في لبنان بالوضع الحالي، هل خففتم من الموظفين؟
بالرغم من الركود، وغلاء الأسعار وجائحة كورونا التي تسببت بإغلاق شركات وتسريح العديد من الموظفين، حافظنا على موظفينا ودفعنا راتب إضافي لهم في لبنان شهريًّا، إلى أن استقر سعر الليرة.
لقد تعهدنا في كل مكاتبنا في العالم بالإستمرارية ، ولم نسرّح أي موظف خلال الأزمة وقمنا بتوظيف جدد عملا سياستنا المعتادة.
{ هل هناك أمل للبنان بالنهوض مجددا؟ نصيحتك للمسؤولين؟ ورسالتك للشباب اللبناني؟
- نعم، الأمل لا يموت. الأزمة أزمة نقدية، بحاجة إلى قرار سريع، لم أسمع منذ 40 سنة بنك يعاني من خطر الإفلاس. ما حصل في ليبيا واليمن على سبيل المثال.وبالرغم من الصعوبات ، البنوك ما زالت تعمل فيها.
لا ننكر أن العملة قد تنخفض، ولكن لا يوجد إفلاس، لأن قانون ضمان الودائع في كل دولة يضمنها وخصوصًا الصغيرة منها، ولا يجوز أن نقلق.
الحالة الموجودة تعثّر مالي، تتلخص في صعوبة تأدية الالتزامات المترتبة على الدولة باستخدام الدولار، وليس بالليرة اللبنانية، ولكن هنالك عقد ملزم بين البنك وبين المودع يحتوي على شروط تحكم العلاقة بينهما، قد لا أستطيع سحب أموالي الآن، ولكن إذا كان لدي القدرة على الانتظار فإن هذا المال ينتظرني أيضًا. أما من لا يستطيع الانتظار فأمامه خياران، إما أن يقبض المبلغ المعادل للدولار بالليرة اللبنانية، أو أن يحتفظ بهذا المبلغ بالدولار الى حين الفرج ويقترض بالليرة اللبنانية، مقابل قيمة ما لديه بالدولار.
{ حدثنا عن مبادرة كلنا لفلسطين التي أنشأتها في فرنسا عام 2011 ؟
نشأت مبادرة (كلنا لفلسطين) وهدفها إظهار المبدعين الفلسطينيين وتوثيق إنجازاتهم التي حققها أبناء هذا الشعب العظيم بعد النكبة عام 1948 بالرغم من ظروف التشرد والشتات والملاحقة الصهيونية، التي لم تتوقف على مدى ما يزيد عن سبعة عقود، وإثبات قدرات هذا الشعب على تحدي أكبر الصعوبات والمؤامرات من أجل الصمود وتحقيق التحرير والاستقلال.