بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيار 2024 12:00ص أزمة «الطوابع المفقودة» ... إلى أين؟

مصادر مطَّلعة لـ«اللواء»: المحاولات عديدة من قبل وزارة المالية لحل هذه الأزمة

حجم الخط
عبدالرحمن قنديل

تعود قضية الطوابع إلى الأزمة الاقتصادية في العام 2019 والتي ما زال اللبنانيون يعيشون تداعياتها حتى الآن، وبالتالي لم تولد من العدم قضية اختفاء الطوابع وبيعها في السوق السوداء بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأضعاف، وهذا بسبب عدم استقرار البلاد سياسياً واقتصادياً، أخفى تفاصيل القضية التي كانت هي الأخرى صورة من صُوَر انهيار البلاد ونموذج الإدارة فيها وما إن انهارت محاولات إخفاء بنيوية الأزمة، انكشفت السوق السوداء للطوابع.
يعتبر الطابع المالي أحد أشكال استيفاء الدولة للرسوم والضرائب. توضَع الطوابع على أغلب المعاملات الإدارية للتدليل على دفع صاحب المعاملة الرسوم المتوجّبة، وكذلك للتأكيد على قانونية تلك المعاملة وسلوكها الطرق الإدارية الصحيحة،تتوزّع على أصحاب التراخيص، الا أن الإحتكار ما زال سيد الموقف، وبدل أن يقوم جميع هؤلاء ببيع الطوابع في محلاتهم، يتم جمعها بيد قلة قليلة منهم،وعلى الرغم من إجراءات وزارة المالية التي اتخذتها وجدواها على أرض الواقع،ولكن لا زالت الطوابع مفقودة خصوصاً في السوق السوداء وما زال اللبنانيون يشكون فقدانها وعدم توافرها بالشكل المطلوب من دون معرفة الأسباب مما بات السؤال الوحيد المطروح من دون أي إيجابات «أزمة الطوابع المالية إلى أين ذاهبة» وما هو حلّها؟
في هذا السياق كشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن مشكلة الطوابع لم تكن موجودة في الماضي بسبب أن هناك شركات خاصة كانت وزارة المالية متعاقدة معها،وكانت الطباعة آنذاك كبيرة وكافية في السوق،أما الآن فلا توجد قدرة مادية ولوجستية للجهة المتكفلة في الطباعة أو للجهة التي تراقب أي وزارة المالية أن تطبع 110 ملايين طابع على سبيل المثال فحكماً الأمور ستذهب إلى المكان الذي وصلت إليه.
وأكدت المصادر أن العملية ناتجة أساساً على عدم القدرة على طباعة الطوابع التي يحتاجها السوق، والطوابع هي أوراق بيضاء تطبع وتتحول إلى أموال تدخل إلى صناديق الخزينة، وهذه المبالغ التي من المفترض أن تدخل الخزينة عبر الطوابع تساعد الخزينة ولكن لا تحل مشكلتها باعتبار أن هناك إرادات كاملة تدخل إليها،ولا شك أن هناك بعض المتاعب التي يتحملها الناس بسبب عدم إيجاد هذه الطوابع تارة أو اللجوء إلى السوق السوداء لإيجادها أو غيره، أو اللجوء إلى شركات تحويل الأموال المعروفة لتدفع المبالغ بوجب إيصالات إلى هذه المؤسسات.
وأشارت إلى أن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل سبق وأن أصدر مذكرة متوجهاً إلى من يضطر باللجوء إلى الدفع بموجب هذه الإيصالات بإعفائهم من رسم الطابع المالي المتوجب على الإيصال الذي قيمته 100000 ليرة،وبالتالي المشكلة الأساسية تكمن بعدم القدرة على الطباعة،لأنه عندما يكون هناك قدرة على الطباعة فهنا المشكلة ستحل وذلك من خلال تنزيل كميات ضخمة من الطوابع إلى السوق لمنع إستغلال النقص الموجود فيها وهذا الأمر أساسي في هذه العملية.
ولفتت إلى أن الإجراءات التي إتخذتها وزارة المالية هي للتخفيف من عمق وحدة الأزمة على الناس،وذلك من خلال وضعها في كل إدارة تابعة لوزارة المالية في المحافظات «ماكينات وسم»،فبدل شراء الطابع بالـ«نقدي»،فالإدارة تقوم بختم المستند أو المعاملة بـ 200000 ليرة ومن ثم تأخذ عليها 200000 ليرة، ولكن الوزارة لا تستطيع أن تكثر من هذه العملية لأن هذه الماكينات في نهاية المطاف كانت في حوزتها،ولكن تحاول وزارة المالية الحصول على ماكينات أخرى من المؤسسات التي كانت تأخذ التراخيص وتوقفت عن إستخدامها، لذلك توزيع هذه الماكينات ساهم بتخفيف هذه العملية، والطلب من المواطنين أيضاً بتخفيف الطوابع المالية بموجب الإعفاء من رسم الطابع المالي ساهم بالتخفيف أيضاً على هذا الصعيد فضلاً عن السماح للإدارات العامة بأن تستوفي بموجب الإيصالات أيضاُ ساهم بالتخفيف منها.
واعتبرت أن الإشكالية تبقى أن المواطنين من جهة أخرى لم يقتنعوا بأن بإمكانهم أن يخففوا عن أنفسهم من خلال إنهاء معاملاتهم باللجوء فوراً إلى الوزارة المعنية دون سواها،وهذا ما يساعد على تعزيز الإحتكار الحاصل والمعروف بالنسبة للطوابع، ومثال على ذلك أن طوابع الألف ليرة كانت مفقودة في السوق ،وعندما حصل هذا الأمر وارتفع رسم الطابع من الـ 1000 إلى الـ5000 ومن ثم إلى الـ20000 ليرة، فتغيرت النظرة في الأوراق الآتية من المكلفين من خلال أنها باتت ممتلئة بطابع الـ1000 مكان الـ20000 ألف ليرة أي أنها ممتلئة بطابع «الألوف»، وذلك بسبب أن هناك بعض الأشخاص يأخذون الطوابع إما بهدف بيعها أو تخزينها من أجل محاولة الإستفادة منها بشكل عملي.
وختمت المصادر بأن هناك محاولات عديدة لحل هذه الأزمة سواء من خلال هذه الإجراءات المتبعة  أو من خلال «الطابع الإلكتروني»، ولكن في ما يتعلق بـ«الطابع الإلكتروني» فمن المؤكد بأن هناك مزايدات عديدة ستحدث مما ستؤدي إلى تأخير بسيط في هذه العملية، والطوابع الإلكترونية ليست عبارة عن كبسة زر ومن ثم تكون حاضرة،ولكن وزارة المالية أدرجت مادة من ضمن الموازنة تتعلق بإستخدام الطوابع الإلكترونية، وهناك لجنة من قبل وزارة المالية تدرس «إستحداث دفتر شروط» لكي تجري مناقصة تتعلق بهذا الموضوع لأن هناك شركات ستدخل إلى الشراء العام لتكون شريكة في هذا الأمر،واللجنة قامت بإجتماعات مع بعض الجهات لإستجماع معلومات حول النماذج الأفضل لهذه الطوابع من خلال التجارب التي إعتمدتها بعض الدول في هذا الأمر،ولكن عندما يتم إنجاز دفتر الشروط بشكل نهائي حينها سيتم إرسال إقتراح وزارة المالية بدفتر الشروط إلى هيئة الشراء العام لكي تقوم بما هو لازم.