بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2020 08:08ص إعلان سلامة عن «عملة رقمية» .. أفضل منها «عملة إنتاجية»

حجم الخط
«العملة الرقمية» التي أعلن حاكم مصرف لبنان انها ستبصر النور قريباً (وتكون بمثابة أداة «شقيقة» لليرة اللبنانية) من حسناتها انها قد تساهم في لجم التضخم والحد من السحوبات النقدية من المصارف. لكنها بالمقارنة مع أدوات نقدية أخرى استخدمت في العالم، لن تلعب الدور الانتاجي الذي لبنان بأمسّ الحاجة إليه، ومنها على سبيل المثال «العملة الانتاجية» التي تمكنت بها ألمانيا خلال أزمتها النقدية الكبرى ١٩٢٣ - ١٩٢٤ من تحقيق هدفين في آن واحد: لجم التضخم ودعم الصناعة الوطنية.

«ليرة شقيقة انتاجية»

ففي الاقتصاد  مدرسة  «كينزية» تنسب  الى John Keynez تموّل الاقتصاد بانفاق تضخمي ضمن حدود تنشط الاقتصاد وتزيد الطلب فـ»يلتهم» الانتاج التضخم، ومدرسة «نقدية» تنسب الى Milton Friedman معادية للتضخم ولا تطبع من العملة سنويا إلا بقدر  التوقعات السنوية لحجم الانتاج المرتقب.

 وفي حال لبنان حيث التضخم يزداد والانتاج يتناقص، لا بد من حل وسطي بين الاثنين يزيد الانتاج ويمنع التضخم. وهو (الى جانب الابقاء على الليرة الرسمية الحالية التي باتت رهينة التضخم نتيجة تناقص احتياطيات العملات الأجنبية ومحدودية التغطية الذهبية) يصدر مصرف لبنان «ليرة انتاجية» يقرضها للمؤسسات الصناعية والزراعية وسواها من مؤسسات الانتاج (أو ما يسمى «الاقتصاد الحقيقي» أو Real Economy مقابل الاقتصاد الريعي أو Yield أو Rental Economy) تدفع بها رواتب وأجور موظفيها المنتسبين الى الضمان الاجتماعي في المصارف  (مقابل كل ٨ ساعات عمل انتاج  لهؤلاء الموظفين والأجراء) على أن لا تكون هذه «الليرات الانتاجية» المميّزة صالحة إلا مقابل شراء أي منتجات محلية صناعية أو زراعية  أو سواها من السلع التي انتجتها المصانع اللبنانية ووزعتها على المحال و«السوبرماكت» و«المولات» التي بعد أن تبيع بها للموظفين والعمال حاجاتهم من تلك السلع التي انتجوها، تعود وتستخدم هذه «الليرات الانتاجية» في شراء السلع المباعة نفسها من المصانع التي أنتجت هذه السلع وفي دورة نقدية - انتاجية - استهلاكية وطنية تحرك الآلات الصناعية الصامتة في لبنان الآن، وبما يؤمن للموظفين والعمال حاجياتهم المعيشية الأساسية والضرورية مما أنتجته أيديهم وبتغطية من الجهد البشري،  وعملا بمبدأ «الإنسان أهم رأسمال في العالم» وبمقولة  «ويل لأمة لا تأكل مما لا تزرع ولا تلبس إلا ما تنسج...» الى آخر الحكمة الجبرانية الشهيرة.

علما ان هذا الحل هو بامتياز في صميم المفهوم الاقتصادي القائم على التغطية الآمنة التي تعتمد على الانتاج مثلما تعتمد أيضاً على العملات أو الثروات الصالحة للاستيراد أو للاستثمار، كما حصل يوما عندما طرحت فكرة اصدار نقد مغطى بالنفط، أو عندما انطلق الجنرال ديغول بنصيحة الوزير الخبير Jack Ruef في فكرة التخلي عن التغطية بالدولار بالتغطية بالذهب، أو عندما أصدر محافظ البنك المركزي الألماني الشهير Hjalmar Schacht خلال فترة جمهورية «فايمار» الألمانية في عشرينيات القرن الماضي «ماركات» مغطاة بالعقارات الحكومية الرئيسية Prime Land بديلا عن المارك الألماني الذي كان قد انهار تحت ضربات التضخم وفي ذروة البطالة (قبل مجيء أدولف هتلر الى الحكم) من 2,4 مارك إلى ٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٢ مارك (٢ ترليون) للدولار الواحد!!!