بيروت - لبنان

16 تشرين الأول 2020 07:25ص اتجاه «المركزي» لخفض السحوبات بالليرة.. الإمكانات والعقبات؟

حجم الخط
 يسعى مصرف لبنان الى خفض كميات النقد المتداول في الأسواق بالليرة اللبنانية لأهداف عدة بينها خفض التضخم ومنع الارتفاع المتواصل في أسعار المعيشية، وتقليص قدرة شركات الصرافة الكبرى  في  استخدام الليرات اللبنانية  لشراء الدولارات بما يزيد في الطلب على الدولار في الأسواق, وذلك بعد ان بلغت طباعة الليرة اللبنانية حدا قياسيا  ٢٣٧٤٣ مليار ليرة لبنانية مقابل ١٠٥٦٣ فى نهاية كانون الأول ٢٠١٩ وبكميات تفوق ما طبع من الليرات خلال ٤٣  عاما بين  ١٩٧٧ و٢٠٢٠.

وإذا كان هذا المسعى  في غاية الأهمية لجهة واحدة فقط هي منع استمرار التضخم الى ما بعد الخطوط الحمراء باتجاه التضخم الجامح Hyper Inflation فان الحواجز والعقبات أمام هذا الاجراء أكبر من أن تذلل.

حيث الوصول بداية الى تقليص حجم النقد المتداول ينبغي أولا: خفض حجم السحوبات الشهرية بالليرة اللبنانية المسموح بها من ودائع الدولار من ٣٩٠٠ ليرة حاليا الى ٢٩٠٠ ليرة وربما الى ٢٥٠٠ أو ٢٠٠٠ ليرة، سيحد من القدرة الشرائية لدى المودعين بنسبة  أكبر من نسبة  هبوط  الأسعار الناتج عن الارتفاع الحالي في حجم الكتلة النقدية. ومشكلة هذا الاجراء انه سيزيد من نقمة أصحاب الودائع الذين بعد أن حرموا سحب ودائعهم  بالدولار سيحرمون حتى من سحب مقابلها بالليرات الكافية لتغطية نفقات معيشتهم، وبما يزيد في النقمة الشعبية. وثانيا: ان  تقليص حجم النقد المتداول سيحد من قدرة التجار في الحصول على الليرات الكافية المطلوبة لشراء الدولارات التي يحتاجون اليها من السوق السوداء لتحويلها الى الموردين في الخارج والتي باتت تدفع  نقدا لهؤلاء Fresh Dollars بعد أن كان يفتح بها اعتمادات مستندية معززة من قبل مصارف عالمية Confirmed Letters Of Credit  يسددون جزءا من قيمتها للبنك عند فتح الاعتماد والباقي بعد وصول البضاعة الى لبنان.

وقد يكون الحل في هذا المسعى لخفض النقد المتداول استبدال فائض الليرات اللبنانية الذي سيسحب من الأسواق لمنع التضخم، بزيادة الانتاج أو ما يسمى بـ «الاقتصاد الحقيقي»  Real Economy الأمر الذي يتطلب سياسات حمايات على مدى سنوات وتغيير عقلية الريع الى عقلية الانتاج، أو الى الافراج عن جزء مما تبقى من الاحتياطيات النقدية الالزامية الأمر الذي سيزيد في القلق ويرفع الهاجس لدى المودعين حول مستقبل ودائعهم كما يشل من أي ثقة متبقية تجاه القطاع المصرفي الذي يمر الآن في مرحلة مصيرية تحتاج الى لملمة الأوضاع واعادة تركيبها وهيكلتها بدلا من تفكيكها أو «تفتيتها» لا سمح الله.