بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 شباط 2020 12:04ص البيان الوزاري.. وعود نقدية ومصرفية تُبقي على الأزمة المعيشية

حجم الخط
البيان الوزاري يركز على حل المشكلة النقدية من استرداد الأموال المنهوبة والاصلاحات الضريبية، وخفض خدمة الدين العام الى الخلل في ميزان المدفوعات وحماية أموال المودعين، واستعادة استقرار النظام المصرفي، ومتابعة اتفاقيات القروض.. وكلها أمور في البيان عبارة عن «رموز» لأزمة مستعصية لا تطال المشكلة الاقتصادية والمعيشية بعنوانها الرئيسي: «زيادة الطلب» الذي دونه لا يمكن بناء اقتصاد لم يعد بامكان القطاع العام أو القطاع الخاص في لبنان علاجه دون استعادة الثقة، وتواجد فرص مجدية للاستثمار، وفائض مالي لدى الدولة والمؤسسات والأفراد، وفي «عقد اجتماعي» جديد يوفر الرساميل الامكانيات، وللمجتمع الضمانات. 

وبغياب هذا الهدف يبقى هناك عبارات عمومية تضمنها البيان من نوع: «اتخاذ اجراءات للتطوير الاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي وخدماتي الى اقتصاد انتاجي، واصدار النصوص التطبيقية للقوانين للنمو الاقتصادي، مثل قانون التجارة وقانون حماية الملكية الفكرية وتحسين المنافسة من خلال العمل على اصدار القوانين التي تمنع الاحتكار، والعمل على توسيع مروحة التسهيلات المقدمة من مصرف لبنان وحثه على ضخ السيولة بالدولار(!) لدعم استيراد المواد الأولية والمعدات الصناعية وقطع الغيار..» هي وسواها في البيان الوزاري مجرد عناوين عريضة تحتاج الى تفاصيل وكيفيات... وواردات!

زيادة الطلب.. أساس الحل للمشكلة الاقتصادية

وكل هذه الأهداف في البيان تبقى فريسة «حرية اقتصادية» نص عليها الدستور، ولكن ثبت بالخبرة والتجربة انها لا تضمن دائما توازن السوق والمساواة بين العرض والطلب وساد الكساد، حيث كثيرا ما زاد العرض على الطلب، كما في نموذج الأزمة العقارية التي أفرزت تراجعاً في الأسعار، بسبب المداخيل التي حتى ولو ارتفعت لا ينشط الاستثمار ـ بسبب فقدان الثقة ـ فيتراجع الطلب ويزداد الركود وتنتشر البطالة، وتضطر الدول المتقدمة عندها الى المبادرة ملء الفراغ باستثمارات تجمع بين زيادة الانتاج وتنشط الطلب. وهو ما تعجز عنه الآن الدولة اللبنانية التي تنفق أكثر من ثلث وارداتها على جهاز اداري مضخم بأكثر من 350 الف من الموظفين والأجراء (هو بالمقارنة مع الحجم الضئيل للاقتصاد اللبناني، أحد أكبر الأجهزة الادارية الوظيفية في العالم) واضافة الى ثلث آخر  من الواردات على خدمة دين متعاظم وكهرباء مكلفة و.. مظلمة!.

وحتى عندما يكون هناك أي انتاج، فهو في الغالب انتاج نظري أو فكري أو ثقافي أو فني أو تراثي أو أي نمط آخر من انماط النشاط الاجتماعي العام، فلا يبقى في نهاية المطاف لدى القطاع الخاص إلا القليل من «الاقتصاد الحقيقي الصناعي أم الزراعي» في القطاع الخاص فيما القطاع العام يستنزف انفاق الدولة دون انتاج موازي، فترتفع أكلاف المعيشة ومعها الدين العام وتضمحل ادخارات اللبنانيين ووسائل عيشهم ومعيشتهم.