بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2019 12:00ص «التجارة في الخدمات كمحرّك للنمو والتنمية»

«الإسكوا» تقدّم تقييماً للتكامل الإقتصادي العربي

حجم الخط
قدّمت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا – «إسكوا» تقريراً تضمّن تقييماً للتكامل الاقتصادي العربي بعنوان «التجارة في الخدمات كمحرك للنمو والتنمية».
وكما هو معلوم، فإن التكامل الاقتصادي يشكّل وسيلة هامة لتوليد الدخل وفرص العمل وتحفيز الإستثمار والدفع بالتحول الهيكلي نحو نماذج إقتصادية أكثر تنوعاً وواسعة النطاق.
 ويهدف التقرير التقييمي للتكامل الاقتصادي العربي، الذي صدرت نسخته الأولى في عام 2015، إلى تقييم أداء البلدان العربية في ما يتعلق بالتكامل والاندماج الاقتصادي على المستويين العالمي والإقليمي بغية تحديد التحديات والفرص والاستراتيجيات الكفيلة بتعزيز الروابط الاقتصادية العالمية والإقليمية. 
فبالاضافة إلى تقديم تقييم للتكامل والإندماج الإقتصادي لأداء الدول العربية كعنصر منتظم، يُركّز التقرير أيضاً على موضوع مميز في كل إصدار، كما يقدم تحليلاً أكثر عمقاً لقضية رئيسية تواجهها المنطقة العربية في إطار السعي إلى تكامل اقتصادي إقليمي أوثق. 
يستعرض هذا الإصدار من التقرير وضع قطاع الخدمات في المنطقة العربية وقضايا تتعلق بتحرير التجارة في الخدمات.
أما الدافع وراء التركيز على الخدمات، فيكمن في أن قطاع الخدمات يستحوذ في الواقع على حصص كبيرة ومتنامية من الإنتاج والعمالة والإستثمار الأجنبي المباشر في العديد من البلدان العربية، فالخدمات لا تُلبّي طلبات الاستهلاك المحلي والإستثمار فحسب، بل تصدر أيضاً وتستخدم كمدخلات وسيطة، ومثلاً، تشكّل خدمات تطوير الأعمال والتصميم والإعلانات والنقل والتجارة المجزئة مدخلات أساسية لقطاعات أخرى. وتساهم الخدمات في زيادة حصص صادرات القيمة المضافة وهي محددة لمدى وطبيعة الإرتباط بسلسلة الفرصة العالمية.
وليس وجود قطاع خدمات متنوع وتنافسي مهماً بحد ذاته فحسب، بل إنه هامّ أيضاً للكفاءة الإنتاجية في قطاعات أخرى، فمثلاً، لمصدري الصناعات التحويلية مصلحة في أن تكون أسوأ الخدمات منفتحة وأكثر تنافسية. 
وفي الوقت نفسه، يتضرّر منتجو الخدمات من الحواجز أمام التجارة في السلع ولكثير من الإقتصادات، تولد زيادة التنافسية في أسواق الخدمات، بتقليل الحواجز أمام التجارة في الخدمات أو إزالتها، مكاسب كبيرة، خاصة إذا كانت الحواجز الموجودة مرتفعة.
4 فصول
التقرير مقسّم إلى أربعة فصول، يقيّم الفصل الأول، أداء التكامل الاقتصادي للدول العربية على مستوى فرادي البلدان ومستوى مجموعات البلدان والمستوى العالمي، ما يوفر نظرة ثاقبة إلى التحديات والمخاطر والفرص التي ترافق التحول في المشهد الإقتصادي العالمي، ويظهر التحليل فوارق شاسعة بين الدول العربية من ناحية قوة الروابط الإقتصادية داخل المنطقة العربية ومع بقية بلدان العالم، غير أنّ الروابط التجارية بين البدان العربية ما زالت هامشية وتنمو ببطء نوعاً ما باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك على أساس البيانات التجارية حتى عام 2015.
وفيما يتخطى المنطقة العربية، يلاحظ التقرير أن روابط بلدان مجلس التعاون الخليجي بالصين وبلدان أخرى في جنوب شرق آسيا نمت بشكل هائل خلال العقد الماضي، ما يجعل دول مجلس التعاون الخليجي منكشفة إلى حدّ كبير على الصدمات الصادرة من آسيا. 
كما يبدو أنّ البلدان العربية الأخرى خارج مجلس التعاون الخليجي تركز على تعزيز روابطها الإقتصادية مع آسيا. أما في ما يتعلق ببلدان إتحاد المغرب العربي، فتبقى التجارة مع الإتحاد الأوروبي مهيمنة، ما يعرّضها الي ضعف النشاط الاقتصادي في أعقاب أزمة الديون السيادية في الإتحاد الأوروبي. وعلى وجه الإجمال، تشير نتائج التقرير الى أن البلدان العربية لم تتمكن الإستفادة من العوائد المحتملة من التكامل الاقتصادي العربي، وعوائد النمو الأسرع والقدرة الأقوى على الصمود في وجه عدوى الأزمات الاقتصادية التي تعود أصولها إلى خارج المنطقة. وينطبق ذلك بخاصة على الإقتصادات الكبرى و/أو الأثرى في المنطقة.
خدمات الاقتصادات العربية
{ ويعرض الفصل الثاني لأدوار وأهمية الخدمات في اقتصادات المنطقة العربية، بما في ذلك القنوات العديدة التي تؤثر الخدمات من خلالها على النشاط الإقتصادي والإنتاجية. ونتيجة لتنامي أهمية الخدمات وتزايد قابلية تداولها تجارياً، بات تحرير التجارة في الخدمات غاية أساسية في السياسة التجارية. ويشير الفصل أيضاً إلى المكاسب الهائلة الناجمة عن تحرير التجارة في الخدمات.
{ أما الفصل الثالث فيستكشف كيف تقارن البلدان العربية، كمجموعة غير متجانسة نوعاً ما من حيث الحجم والبنى الاقتصادية والاجتماعية والموارد، مع مناطق وتكتلات تجارية أخرى في أنحاء العالم من ناحية حصص قطاع الخدمات في الإنتاج والعمالة، ويبيّن أنّ أداء الدول العربية في إنتاج وتجارة الخدمات متنوع بشكل متناسب. كما يحاول هذا الفصل أيضاً تقييم شدّة قيود حواجز التجارة في الخدمات على مستوى فرادي البلدان وبالمقارنة مع مناطق وتكتلات تجارية أساسية أخرى في ثلاثة قطاعات خدماتية أساسية: النقل والمالية والاتصالات.
ومن بين مجموعات البلدان العربية، لدى بلدان مجلس التعاون الخليجي أنظمة تقييدية نوعاً ما في معظم الخدمات. ويوضح هذا الفصل أيضاً أنه ليس من السهل المباشر تقييم شدّة الجوائز والإجراءات التي تقيد التجارة في الخدمات نظراً إلى أن القيود لا تفرض على الحدود فحسب بل تتضمن مجموعة واسعة من السياسات واللوائح التنظيمية التي قد تقيد التجارة في الخدمات تقييداً شديداً.
الأولويات والتحديات
{ وأخيراً، يناقش الفصل الرابع الأولويات والتحديات المطروحة أمام البلدان العربية في التفاوض بشأن اتفاقات التجارة في الخدمات. كما ينظر في نتائج تحاليل عدّة لآثار تحرير التجارة في الخدمات في إطار منطقة التجارة العربية الحرة وإطار اتفاقات التجارة الحرة العميقة والشاملة بين الدول العربية والإتحاد الأوروبي.
 وفي الوقت نفسه، يُشار إلى أنّ تحرير التجارة في الخدمات قد يولد تكاليف تكيف هائلة، ما يستدعي تصميم وتنفيذ سياسات مرافقة مناسبة ويحاجج الفصل أن تحرير تجارة الخدمات وسيلة قوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أكثر بكثير من تحرير التجارة في السلع.
كما يوضح الرابط بين تحرير تجارة الخدمات وبعض أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وخفض الفقر وتوزيع الدخل، وانبعاثات غازات الإحتباس الحراري.
وفي الختام، يبحث التقرير ما تعنيه النتائج التي توصل إليها لجهة السياسات المتعلقة بالتكامل الاقتصادي العربي. كما أولى اهتماماً خاصاً لأبعاد الإقتصاد السياسي لجهة الإصابات التجارية.
هيئة الإعداد
يُذكر أنّ مُعدَّيْ التقرير هما: محمّد الشمنقي (رئيس قسم التكامل الإقليمي)، ومحمّد إيريس (موظف للشؤون الاقتصادية)، وقد قدمت ناتالي غراند (موظفة للشؤون الإقتصادية) مساهمات كبيرة في الفصل 1 من التقرير.
أما المساهمون الآخرون فهم عادل الغابري (موظف أول للشؤون الاقتصادية) في القسم المعني بأداء النقل البحري وناتالي خالد (موظفة مساعدة للشؤون الاقتصادية) في الأقسام المعنية بالتجارة وقضايا الجنسين. ووفر المساعدة في البحوث كل من آدم لورنز وناصر بدرا وكريس يسايان. كما وفرت هناء سعد الدعم الإداري في إعداد هذا التقرير.
* (بتصرّف)