بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2020 12:00ص الخطة الاقتصادية: 3 أولويات أوّلها الثقة

حجم الخط
الخُطَط الحكومية «الإنقاذية» في عزلة، إذا لم تبدأ بثلاثة حلول: استعادة الثقة المحلية والخارجية، وتوجيه ما تبقى من قدرات تسليفية الى قطاعات التعليم والمعرفة والزراعة والصناعة والصحة، وتنشيط دور بورصة بيروت، ومنصة التداول الإلكترونية في اجتذاب المساهمات التمويلية للمؤسسات المتوسطة والصغرى التي تشكل اكثر من 90% من حجم الاقتصاد.

أما الثقة، فسوف تُصاب في الصميم في حال أقدمت الدولة على اقتطاع أي ودائع كبرى أم متوسطة أم صغرى، بما يفقد لبنان الثقة المحلية والخارجية. والدليل انه عندما فقد العالم ثقته بمصارف أميركا وأوروبا خلال أزمة 2008 التي أطاحت بأحد أكبرالمصارف «ليمان براذرس» وتهاوت معه عشرات المصارف والمؤسسات المالية، انتقل 24 مليار دولار من الودائع والادخارات العالمية من هذه المصارف والمؤسسات الى مصارف لبنان بسبب الثقة التي كانت للمصارف اللبنانية المحظر عليها بحكم القانون، التداول بالمشتقات الاستثمارية (derivatives) في شراء الرهونات العقارية (subprimes) التي أشعلت الأزمة المالية العالمية.

والعنصر الثاني في الإنقاذ، هو الذي اشتهر به الاقتصاديــــــان richard kahn وmichal kalecki في ضرورة استكشاف القطاعات التي يؤدي تطويرها وتمويلها الى مضاعفة (multiplying) الحدود الممكنة للانتاج. وهي المهمة التي لم تكن مصارف لبنان راغبة أو غير قادرة عليها بسبب تركيبة الودائع القصيرة أو المتوسطة الأجل التي لا تسمح بالتوسّع في التسليف والاقبال على سندات خزينة الدولة ذات الفوائد التفاضلية العالية، ما أدى الى انكشاف الفجوة الغذائية التي يتزايد اتساعها في لبنان خلال المحنة المصرفية والمالية والصحية الراهنة.

وأخيرا العنصر الثالث وهو عدم الاكتفاء بالقطاع المصرفي كمصدر وحيد للتمويل، بل تطوير بورصة بيروت عبر المنصة الإلكترونية المستحدثة في إطار هيئة الأسواق المالية الجديدة، بحيث تكون المصدر الثاني والمساند للمصارف في التمويل عبر الأسهم بديلا عن القروض العالية الكلفة بالفوائد، وجعلها شريان حياة إضافياً لأي هيكلية تمويلية واستثمارية جديدة، بحيث ترتفع درجتها المتدنية الحاضرة كأصغر بورصة عربية بعدد محدود جدا من الشركات المدرجة لشركة عقارية واحدة وبضعة مصارف وشركات يغلب عليها الطابع العائلي الحريص على عدم التوسّع في مساهمات آخرين منعا لدخول «الغرباء» إلى «جنة الأقرباء»!

وهكذا تتواصل «غربة» و»عزلة» بورصة بيروت عن مجمل الاقتصاد اللبناني، وكأنها في واد والاقتصاد في واد آخر، وذلك بعكس الارتباط الوثيق الذي شهده بين الطرفين المتكاملين في الدولة الصناعية وحتى في العديد من الدول العربية لاسيما في دول الخليج وفي مصر والأردن، حتى أنّ بورصة بيروت بوضعها الحالي ليست كما هي في العديد من الدول، مؤشراً على معدلات النمو و»مرآة» الاقتصاد.