بعد طلب لجنة الاتصالات النيابية من الحكومة الامتناع عن تجديد العقد مع الشركتين المشغلتين للهاتف الخليوي «اراسكوم» (ALPHA) وزين (TOUCH) والطلب الى وزير الاتصالات استعادة القطاع للدولة خلال مدة 60 يوما من انتهاء العقدين (MIC) و (MIC2) في منتصف ليل 31 كانون الأول، يثير البعض مخاوف من أن الجهاز اللبناني الاداري والوظيفي من الشركة ليس قادرا على تشغيل القطاع بالكفاءة المطلوبة، وان مصير «الخليوي» سيكون على النسق الذي هو عليه مصير قطاع الكهرباء، وانه سبق في العام 2015 أن تقدم عدد من الشركات لتشغيل القطاع، إلا ان ادارة المناقصات العامة رفضت العروض بسبب عدم توافر المنافسة وعدم الكفاءة، ما اضطر الحكومة الى التجديد مرات ومرات منذ العام 2008 وحتى انتهاء العقدين هذه المرة وسط جدل قائم بين لجنة الاتصالات النيابية التي تعتبر العقدين بحكم الانتهاء تلقائيا منذ نهاية 2019، ووزير الاتصالات الذي يرى استمرار الشركتين في تشغيل القطاع لغاية صدور قرار من مجلس الوزراء بانهائه، والبدء عند تأليف الحكومة العتيدة بوضع استراتيجية لطريقة ادارة التشغيل واتخاذ الاجراءات اللازمة لحصول المواطنين على أعلى خدمات الاتصالات من حيث المعايير والخدمة.
حتى ان احدى الشركتين (تاتش) ساهمت في المخاوف التي أثارها البعض عندما أشارت في كتاب منها الى وزير الاتصالات قبل 24 ساعة من انهاء العقد الموقع مع الدولة إلى «ان المواطنين اللبنانيين» يحق لهم «الحصول على أعلى خدمات اتصالات من حيث المعايير والخدمة المعتمدة عالميا». في حين ان المؤيدين لانهاء العقدين، يرى ان هناك 7 أشخاص فقط من قبل الشركتين في ادارة القطاع (5 في اوراسكوم و2 في زين) والباقي كله جهاز اداري ووظيفي لبناني، وان المخاوف من عدم قدرة الجهاز الاداري والوظيفي والشركتين، طالما كان شبيهاً لها في عدة دول عربية، وثبت عدم صحتها. ويضرب البعض مثلا تشغيل قناة السويس بعد التأميم وادارة قطاع النفط بعد انتقاله من الشركات الأجنبية الى الشركات الوطنية، وكانت النتيجة عكس المخاوف، حيث تمت الإدارة باشراف الدول المالكة لهذين القطاعين بفعالية أفضل وبعائدات أكبر من العائدات التي كانت الدول تحصل عليها قبل التأميم.
ويعطي البعض مثلا ان واردات قطاع الخليوي (الذي سماه الرئيس عمر كرامي يوما «بترول لبنان») بلغت خلال 10 سنوات 14 مليار و240 مليون دولار في حين ان ما حولته الشركتان لوزارة الاتصالات خلال تلك المدة من أصل هذه الواردات لم يتعد 9 مليارات و954 مليون دولار، وسبب هذا الفارق الكبير، ان النفقات الرسمالية والتشغيلية التي صرحت عنها الشركتان بلغت عن تلك المدة 4 مليارات و492 مليون دولار من رواتب عالية وايجارات مستودعات وتلزيمات وصيانة، وبما يقتضي، حسب لجنة الاتصالات النيابية، أنه بعد انتهاء عمل الشركتين، يجب اجراء جردة تفصيلية رسمية عن الأرقام الحقيقية وتحديد المسؤوليات في هذه النفقات التي ارتفعت عام 2018 وحده من 450 مليون دولار الى 658 مليون دولار بزيادة 208 مليون دولار (منها دعاية وعلاقات عامة وحفلات، بما في ذلك شراء مبنى «تاتش» بما يزيد عن 100 مليون دولار وقبل ذلك تلزيم كاميرات لمراقبة المحطات) وكان من النتائج ارتفاع النفقات عام 2018 بـ208 مليون دولار، من 450 مليون دولار الى 658 مليون دولار، في حين بلغت الايرادات عام 2018 حوالي 1,554 مليار دولار بتراجع 43 مليون دولار عن عام 2017. وان المتوسط السنوية لإيرادات على مدى سنوات التشغيل، بلغ 1,6 مليار دولار سنويا كان منها نفقات سنوية 680 مليون دولار، حسب «الدولية للمعلومات»، مع ان كلفة الاتصالات بالخليوي من لبنان هي احدى أعلى الأكلاف في العالم العربي حيث هناك 4,3 مليون مستخدم للقطاع معدل انفاق الواحد منهم 349 دولار سنويا، علماً أن ما ورد الى الخزينة من العائدات (خلال 10 أشهر من 2019) 797,5 مليون دولار، (شكلت 70,2% من عائدات ممتلكات الدولة و456,6% من الواردات غير الضريبية).
والآن بعد مرور ٢١ يوما على انتهاء العقد، والجدل القائم بين وزير الاتصالات ولجنة الاتصالات النيابية، سيبقى التشغيل الحالي مستمرا من قبل الشركتين، بانتظار البت بقانونية قرار الانتهاء وهل هو نهاية 2019 كما وجهة نظر لجنة الاتصالات النيابية، أم يسري مفعوله بعد قرار من مجلس الوزراء كما وجهة نظر الوزير. ووسط مخاوف من ان تأجيل البت في الموضوع، قد يؤدي الى خلل في قطاع حيوي يرتبط به الى حد بعيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم أصلا، والاتصالات المحلية والدولية بين ملايين اللبنانيين المقيمين وملايين اللبنانيين المغتربين في العالم.