بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 شباط 2020 12:03ص الرئيس دياب بين الأمنيات.. والاحصائيات

«لا أقبل أن تتخلف الدولة عن السداد في عهد حكومتي»!

حجم الخط
.. هذا القول للرئيس دياب خلال لقاء السراي عن الاستحقاقات الحالية والمقبلة يعطي «على الصعيد الشخصي» انطباعاً جيدا، لكن على الصعيد الواقعي والعملي، يبدو الوضع أقل اشراقاً لا سيما مع قول رئيس الحكومة في اللقاء نفسه بـ»اننا ورثنا حطاما اقتصاديا»، حيث  أمام صعوبات وسلبيات أي لجوء الى صندوق النقد الدولي لجدولة دين لبنان، بدءا من استحقاقات وعجز موازنة عام 2020، يبدو قرار تسديد السندات في موعيدها دون تأخير (تجنبا لخفض تصنيف لبنان السيادي من قبل الوكالات الدولية) حافلا بالمخاطر النقدية لجهة الضغوطات على احتياطيات مصرف لبنان وعلى المصارف بالعملات الأجنبية.

فمن المعروف ان الحصن الحصين للمودعين هو التغطية النقدية (والذهبية) لدى مصرف لبنان والمصارف، وبالتالي فان تسديد الاستحقاقات المتوجبة على الدولة (العاجزة عن الدفع) لن تكون من قبل الدولة نفسها كما يريد رئيس الحكومة، وانما من قبل مصرف لبنان، بما يخفض الاحتياطيات، ويؤدي الى مخاطر على الودائع أي باختصار: يكون الدفع النقدي للسندات (لصالح الدولة وموازناتها العاجزة وباستمرار) لغير صالح المودعين الذين ستتعرض ودائعهم للمزيد من انكشاف التغطية وتراجعها.

وفي الوقت نفسه، فان استخدام الاحتياطيات للتسديد النقدي بالعملات نيابة عن الدولة، سيحد من قدرة القطاع المصرفي على التسليف، وبالتالي الى المزيد من اضعاف الاقتصاد والناتج وارتفاع معدلات الفقر والبطالة أكثر والى اضطرابات اجتماعية وأمنية أكثر وأكثر!.

واذا أخذنا بالاعتبار تقديرات وكالة «فيتش» الدولية بان احتياطيات مصرف لبنان، ـ بعد تسديد مطلوباته ـ هي حوالي 19 مليار دولا، فان تسديد مستحقات هذا العام نقدا مع فوائدها والبالغة حوالى 4,5 مليارات دولار، يخفض احتياطي الـ19 مليار دولار الى 14,5 مليار دولار يحتاج لبنان اليها أولاً: لتمويل الاستيراد والجزء الدولاري من عجز موازنة الدولة، ثانياً: لتسديد استحقاقات أخرى داهمة خلال العام 2021 لا يبدو ان حكومة الرئيس دياب قادرة على دفعها، لا سيما مع تراجع الواردات بحوالي 40 الى 50% والركود الحاصل في الاقتصاد وفي الاستثمارات بوجه عام ما يخفف واردات الدولة من حجم الضرائب المباشرة وغير المباشرة. واذا حصل أن زادت الدولة الضرائب والرسوم، فسوف يتعرض الوضع الاقتصادي ـ الذي هو أساس التنمية ـ الى المزيد من الضغوطات غير الممكن تحملها بكل تداعياتها لا سيما مع وجود حراك شعبي جاهز للمزيد من التصعيد.

يضاف أخيراً ـ وليس آخرا ـ ان خفض الاحتياطيات الأجنبية كحصن حصين لليرة اللبنانية، سوف يحد من قدرة الدولة على الصرف حتى بالليرة، مع كل ما لذلك من تأثيرات على قدرتها على دفع الرواتب والأجور الأمر الذي لا يمكن معالجته بالمزيد من طبع العملة المؤدي عادة الى المزيد من التضخم المتصاعد أصلا (حسب التقرير الأخير للاحصاء المركزي) والذي ارتفع خلال السنوات الماضية على الوجه التالي:

العام المعدل   العام        المعدل
2013 4,8%     2016    0,82%-
2014 1,9%     2017    4,48%
2015 3,75%-   2018    6,07%


وهذا اذا اعتمدنا هذه التقديرات الرسمية التي تكون عادة أقل من الزيادة الحقيقية التي يمكن الوصول اليها عبر معايير اقتصادية مختلفة عن المعايير المعتمدة من قبل الاحصاء المركزي الرسمي.

وأخيراً فان خفض الاحتياطيات النقدية لدى مصرف لبنان والقطاع المصرفي عموما، عبر الدفع النقدي للسندات بدل الجدولة، سيضعف أيضاً امكانات تدفق ودائع من الخارج لا تأتي عادة الى قطاعات اقتصادية تعاني صعوبات وضغوطات، الأمر الذي يزيد من تعقد الوضع، وعلى طريقة معالجة الرمضاء.. بالنار! .