بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الثاني 2020 12:05ص المعدل الرسمي «الثابت» لسعر الدولار بين «المركزي» والمعارضين ومنهم البنك الدولي

حجم الخط
تأكيد بيان المكتب الاعلامي لمصرف لبنان على سياسة نقدية ما زالت قائمة «بسعر مصرفي رسمي للدولار» (1507,50 ليرة) وتوصية حاكم مصرف لبنان للصرافين ـ لم يلتزموا به! ـ بحد أقصى 2000 ليرة لسعر الدولار، أعاد الى الواجهة الجدل الذي استمر طوال ٢٥ عاما حول ايجابيات أو سلبيات سياسة التثبيت (Pegging) التي كان البنك الدولي من مؤيديها خلال فترات معينة بدل تحرير سعر الصرف صعوداً أو هبوطاً في ضوء معطيات السوق، وفي موقف دولي منسجم مع موقف مصرف لبنان الذي كان وما يزال يرى ضرورة وأهمية «التثبيت» للحفاظ على القوة الشرائية للبنانيين، لا سيما ذوي الدخل المحدود، وكدعامة أساسية لهيكلة النظام المالي الكلي، وباعتبار ان التخلي عن هذا النهج يستدرج مخاطر جدية وكثيرة، الى اخفاقات مالية واضطرابات في الأسعار كان مصرف لبنان يواجهها بتدخل في «السوق المفتوحة» لمنع ارتفاع الدولار وتجنب المزيد من نسبة دولرة الاقتصاد. ولو بأكلاف عالية لكنها تبقى مع ذلك أقل من أكلاف اضطرابات السوق وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية. 

إلا أن هذه السياسة التي أيدها البنك الدولي طوال 25 عاما، عاد عنها البنك الدولي أخيراً لا سيما خلال الأزمة المصرفية الأخيرة موصياً - عكس سياسة البنك المركزي - بتحرير سعر الصرف وفي موقف منسجم مع مواقف لبنانية معارضة لهذه السياسة ترى ضرورة اعادة النظر بالنظام النقدي بحيث لا تكون الليرة مرتبطة بعملة واحدة فقط، بل بعملات عدة، منها على سبيل المثال «اليورو» لان استيرادات لبنان من أوروبا أكبر بكثير من استيراداته من الولايات المتحدة. في حين كان مصرف لبنان - يرى ولا يزال - ان العنصر التجاري لا يكفي وحده لاختيار نوع عملة الربط وبالتالي عملة الاحتياطيات، وذلك استنادا الى اعتبارات نقدية، منها ان الودائع الأجنبية والقروض الأجنبية السيادية هي بالدولار الذي ما زال حتى اليوم ـ مع الذهب ـ العملة الرئيسية التي يتألف منها الجزء الأكبر من الاحتياطيات النقدية في المصارف المركزية في العالم. فيما يستند المعارضون لتثبيت سعر الصرف في لبنان ان هذه السياسة تتعارض مع حرية الأسواق ومع النص الدستوري القائل بمبدأ «الاقتصاد الحر» الذي من خلال مرونته وشفافيته ومن وجهة نظر هؤلاء، يمكن اكتشاف تحركات السوق على طبيعته واتخاذ الاجراءات الملائمة في ضوء المعطيات والتطورات. 

وفيما مصرف لبنان يرى بالمقابل بأن ما يصلح في سوق عالمية أو في بلدان ذات اقتصادات صناعية وانتاجية يختلف عن طبيعة وهوية لبنان الاقصادية، بينما أنصار تحرير سعر الصرف يعطون أمثلة عن بلدان عومت سعر الصرف ومنها الصين وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية، ودول أفريقية وعربية.

 ومقابل الداعين الى التثبيت، أو التحرير، في سعر الصرف، هناك أنصار الطريق الوسط ممن يرى اتباع سياسة التدرج أو ما يسمى crawling peg أي الدفاع عن ثبات السعر في المدى القريب أو المتوسط ثم الغاؤه بعد الوصول الى سعر آخر صحي واقتصادي مناسب يمكن مراجعته باستمرار ضمن معطيات نقدية ومالية واجتماعية ومعيشية.. وكلما دعت الضرورة.

 ليبقى السؤال: هل ان التطورات المصرفية والنقدية والمالية والمعيشية أو السياسية التي يعيشها لبنان الآن، ما زالت تسمح بحوار فيه حرية الاختيار، انطلاقا من ان الاقتصاد هو علم الاختيار بين بدائل، أم أن لبنان وصل الى مرحلة للاإختيار وانتفاء حرية القرار؟!