بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تموز 2020 07:13ص الودائع أسيرة حرب الأرقام بين الحكومة والمصارف

حجم الخط
بين وصف افتتاحية النشرة الشهرية لجمعية المصارف، ورقة الحكومة حول أرقام الخسائر بأنها «رعونة»(!) ووصف رئيس لجنة المال والموازنة للعبة الأرقام بأنها «اكذوبة» (!) وأن الحكومة «تريد بيع جلد الثور قبل اصطياده»، تستمر الخلافات حول الحجم الحقيقي للخسائر، ففيما تعتبر المصارف ان ورقة الحكومة «المحاسبية» إذا اعتمدت، تؤدّي الى «كرسحة» القطاع ومنعه من أن يستأنف نشاطه ويعيد الدورة المصرفية والاقتصادية الى حركتها الطبيعية، تعتبر الدولة ان ممارسات المصارف على مدى الـ٢٥ سنة الماضية بما ارتكبته من أخطاء أدّت الى فقدان ثقة المودع وتبديد الودائع، بما يجعلها غير مؤهلة  كي تدير مجددا دفة القطاع، ولذلك لا بد من إقامة بنيان مصرفي جديد، يتوّج بـ ٥ مصارف كبرى عن طريق الدمج واستدراج رساميل جديدة، بما يعزز الثقة الداخلية ويعيد لبنان الى الخارطة المصرفية العربية والدولية، بدلا من الاستمرار بأخطاء الماضي في منظومة مصرفية هي في نظر الحكومة السبب الرئيسي في ما وصلنا إليه من أزمات مصرفية ونقدية ومالية واقتصادية واجتماعية. فيما المصارف تردّ على ما تسمّيه «ذريعة» حكومية لاختطاف  القطاع من بين أيديها، وان المسؤول عن كل هذه الأزمات هو الدولة التي امتنعت من دفع ما عليها من ديون للمصارف ولمصرف لبنان بسبب ما هدرته أو سلبته من أموال هي أموال المودعين ومعها رساميل المصارف التي تهدف خطة الحكومة الى شطبها وتفريغ المصارف الحالية من قوتها وطاقتها لاستبدالها بمنظومة مصرفية محاصصية جديدة، بينما ترى المصارف انه وبرغم كل عثرات الماضي، وحدها بخبراتها المهنية والإدارية وعلاقاتها العربية والدولية، قادرة على ضبط الأمور وخلق أموال جديدة وتقديم التسليفات والتسهيلات لتنشيط القطاع الخاص وزيادة معدلات النمو، وان انتزاع هذا الدور منها ونقله الى منظومة مصرفية جديدة بإشراف الحكومة والدولة سيؤدّي  في نظرها الى تخريب القطاع!! وأما خطة الحكومة الهادفة الى إنشاء عدد محدود من مصارف كبرى ومتوسطة عبر الدمج وخفض العدد الى النصف، فقد وصفها أحد المصرفيين وباستخفاف بأنها مجرد «مزحة»! وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده ممثلو المصارف قبل أيام وحذروا فيه من اللعب أو التلاعب بقطاع تقول المصارف  انها ضخت في رساميلها خلال الـ ٢٥ سنة الماضية ٧٠% من أرباحها وذلك من أجل تقوية الجهاز المصرفي وتوسعته عالميا بما يخدم المستثمرين والمغتربين في الداخل والخارج والاقتصاد في الداخل.

لكن في غمرة هذه الصورة المشرقة والمتفائلة التي تحتاج الى تدقيق وتفصيل ليس هناك عبارة كاملة أو حتى إشارة واضحة عن مصير أموال المودعين سوى الوعد بانه إذا استعادت المصارف ديونها أو جزءا كافيا منها عبر عملية رهن لممتلكات الدولة!! بسندات جديدة لصالح مصرف لبنان ومنه الى المصارف، يمكن عندها إيجاد صيغة لأموال المودعين، وبما أعطى انطباعا ان كل هم المصارف وأولى أولوياتها استعادة رساميلها والحفاظ على مقوماتها ومنع اختطاف دورها من قبل دولة ليس لديها ولا لدى المصارف خطة مفصلة أو صورة واضحة عن المستقبل وكيفية مواجهة مخاطره وتحدياته في عالم لم يعد بعد الكورونا بما يشهده من أزمات وصعوبات مثل ما كان عليه قبل الكورونا. وأن مصير أموال المودعين سواء في خطة الدولة أم في رد فعل المصارف، هي آخر الهموم  وأدنى سلم الأولويات.