بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الأول 2019 12:02ص تداعيات التكليف الوزاري تبقي على الضغوط المالية والإقتصادية

حجم الخط
جاء خفض التصنيف التقني لدرجة 3 مصارف لبنانية أمس متزامنا مع نتيجة الاستشارات النيابية التي أدّت الى أكثرية لصالح الدكتور حسان دياب، وما حملت معه من تداعيات سياسية، فتلاقت بذلك العوامل السياسية مع العوامل الاقتصادية، تجاه ما وصفه الإعلام الغربي بأنه «أسوأ أزمة اقتصادية عرفها لبنان منذ حرب ١٩٧٥ - ١٩٩٠». 

حتى ان البعض اختصر الوضع بالقول ان المعركة الحقيقية هي «بين السياسة والسيولة»، وكلاهما يواجه صعوبات سواء في إقناع المجتمع الدولي بتقديم مساعدات وهبات أو قروض للبنان، أو تلاؤم النتائج مع مطالب الحراك الشعبي الذي تصاعد خلال اليومين الماضيين بعد اختيار الرئيس المكلف وتصاعدت معه صعوبات إيجاد حل لاقتصاد يتسارع في الانهيار لا سيما مع العجز المتواصل في ميزان المدفوعات ودون انقطاع بما مجموعه منذ العام ٢٠١١ وحتى اليوم حوالي ٢٧ مليار دولار (مقابل فائض متواصل بين العام ٢٠٠٦ و٢٠١٠ بما مجموعه حوالي ٢٨ مليار دولار) الأمر الذي كان العامل الرئيسي في إنتاج الأزمة الحالية بكل تداعياتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، وأمام استحقاقات داهمة خلال ٢٠٢٠/٢٠٢١ بالدولار (سندات يوروبوندز) مجموعها 5,924 مليار دولار إضافة الى استحقاقات (سندات خزينة) خلال الفترة نفسها بـ ١٩٤٢٥ مليار ليرة  في وقت لا يبدو ان من التوقعات ان الميزان التجاري الذي يمثل عجزه الهائل المتواصل، سيتناقص الى الحد الذي يحوّل عجوزات ميزان المدفوعات الى فوائض. 

ففي تقرير لـ «الأيكونوميست انتلجنس يونيت» ان عجز الحساب الجاري (اجمالي الفارق بين الوارد الى لبنان، والخارج من عملات أجنبية في مختلف القطاعات) سوف يصل خلال الـ ٤ سنوات المقبلة بين العام ٢٠٢٠ والعام ٢٠٢٤ الى نسبة 17,7% من الناتج المحلي الاجمالي، أي ان العجوزات العالية ستستمر ولو بنسبة أقل («بسبب تهدئة نسبية في الوضع في سوريا بما يزيد في الصادرات اللبنانية» حسب تقرير «الايكونوميست»).

وهذا الاستمرار المرتقب في العجوزات سيؤدي الى ضغوطات سلبيية على حجم الودائع بما يزيد الحاجة الى حلول نقدية غير تقليدية وفي هندسات مالية جديدة أو اجراءات وتعاميم احتياطية إضافية كان آخرها طلب مصرف لبنان الى المصارف زيادة رساميلها الذي لاقى تجاوبا حتى الآن من ٣ مصارف كبرى ومصارف أخرى على الطريق، تضاف الى إجراء خفض أسعار الفائدة لتشجيع أصحاب الحسابات المدينة على تشجيع حساباتهم بما يزوّد المصارف بالمزيد من السيولة، ولا سيما أصحاب الحسابات المدينة  الذين كون نشاطاتهم خارج لبنان هم أكثر قدرة على التسديد بسبب انهم يعملون في بيئة مالية واقتصادية أقلّ حدّة من البيئة الداخلية وبما يعزز الموجودات الخارجية للمصارف. 

علماً أن مجموع الحسابات المدينة للمصارف خارج لبنان حسب نشرة جمعية المصارف (تحت بند «قروض على غير المقيمين») تبلغ حوالي ٧ مليارات دولار، يضاف إليها حوالي ١٠ مليارات دولار تحت بند «قروض على مصارف غير مقيمة» و5 مليارات دولار تحت بنود: «موجودات خارحية أخرى» و«نقد وودائع لدى مصارف مركزية غير مقيمة» فضلا عن «محفظة الأوراق المالية» على القطاع الخاص غير المقيم، بما يجعل مجموع الموجودات الخارجية الاجمالية للمصارف اللبنانية تبلغ ٢٢ مليار دولار!

كان يمكن تسييل منها حوالي 8,4 مليار دولار قبل انخفاض هذا الجزء الى 3,6 مليار دولار لغاية تشرين الأول الماضي، وذلك استناداً الى تقرير وكالة التصنيف «فيتش» التي قدرت في الوقت نفسه موجودات المصارف لدى مصرف لبنان بحوالي ٦٤ مليار دولار منها ١٨ مليار دولار احتياطيات الزامية.

مع الإشارة إلى ان جزءا من هذه الموجودات المتوافرة لدى مصرف لبنان سوف يستخدم في تمويل استيراد مواد غذائية وطبية ونفطية وفي تسديد مستحقات على الدولة  بالعملة الصعبة، الأمر الذي دفع المصارف الى التقنين القسري بديلا عن الـ Hair Cut الذي خشي منه المودعون وأعلن حاكم مصرف لبنان في مناسبات عدة استبعاده كليا من «أجندة» الحلول المطروحة للأزمة المستعصية التي يتوقع تصاعدها في الجانب السياسي حتى بعد وربما بسبب التكليف الوزاري الذي ينبيء بتجاذبات وانقسامات جديدة ستزداد تداعياتها المتواصلة على الجانب المالي والاقتصادي والمعيشي.