بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 كانون الأول 2019 12:03ص تراجع الدفق النقدي الخارجي إلى لبنان عبء إضافي على «المركزي» في تمويل الدولة

حجم الخط
مسلسل الحلقات المفرغة التي يضطر معها مصرف لبنان الى تلبية الحاجات التمويلية المتزايدة للدولة، يواجه الآن أعباء اضافية في تراجع الدفق المالي للبنان بمعدل 3% في وقت تتزايد حاجة المصارف الى النقد الأجنبي لتلبية الطلبات المتزايدة للمودعين في الظروف الاستثنائية الحالية التي رسمت فيها المصارف حدوداً ضيقة للسحوبات النقدية، اضافة الى اضطرار المصرف المركزي الى أن يسدد عن الدولة ما عليها من مستحقات عالية خلال العام المقبل، بعد أن سدد عنها أخيرا مبلغ الـ1,5 مليارات دولار في وقت يتوقع أن يصل عجز الموازنة سنوياً ـ وعكس الأرقام الرسمية ـ 10,9% خلال كل من العام 2020 و2021 مع توقع ارتفاع المديونية العامة الى معدل 159,6% من الناتج المحلي الاجمالي خلال هذا العام، غالباً بسبب تقلص الواردات الناتج عن الضمور الاقتصادي مقابل بطء وفوضى التحصيل الضريبي.

ففي تقرير لـPRICE WATER HOUSE COOPERS (PWC) بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي بعنوان «المدفوعات الضريبية عام 2020» حل لبنان في درجة متدنية في مدى سهولة رفع الضرائب EASE AT PAYING TAXES  لجهة  عدد المدفوعات الضريبية السنوية (وتشمل الضرائب على الأرباح والأجور وسواها) والتزام دافعي الضرائب بالموعيد، اضافة الى حجم المعدلات الضريبية على الشركات والأجور والاستهلاك وسواها.

وفي هذا المجال حصل لبنان في الدرجة 12 بدرجة أسوأ من البحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان والامارات والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن وسوريا وتونس وفلسطين. وأفضل من ليبيا والعراق ومصر والسودان.

وعلى الصعيد العالمي حل لبنان في الدرجة 116 في وضع أفضل بعد الهند (115) وأسوأ (118) من قرقيزيا (117) وغينيا الجديدة.

وهكذا أمام تراجع واردات الدولة وتضييق قدرتها على الاستثمار العام، ينكمش الاقتصاد، وتتجه الأنظار نحو البنك المركزي ليقوم عن الدولة بمهام رئيسية هي عادة من اختصاصاتها، حيث حجم الاستثمار العام من أصل موازنة الدولة (أمام ارتفاع خدمة الدين العام والرواتب والأجور اللتين تستهلكان الجزء الأكبر من النفقات العامة) لا يزيد عن 10% من مجمل النفقات، ما يضطر مصرف لبنان لتنشيط الاقتصاد الى التدخل عبر القروض المدعومة، التي يحل بها مكان الدولة حتى في التمويل الاسكاني التي يفترض أساساً أن تتولاه الدولة من ضمن سياسة اسكانية عامة تساهم الى حد كبير في تمويلها. علماً أنه مع انحسار المساحة التي يفترض أن تدخل اليها الدولة باستثماراتها العامة، هناك انحسار آخر في مساحة الاستثمارات الخاصة، اضافة الى انحسار الاستثمارات المباشرة من الخارج والتي بعد أن بلغت حداً مرتفعاً في العام 2009 بقيمة 4,4 مليار دولار انخفضت في العام 2011 واستمرت في الانخفاض لتصل حسب الأرقام الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة UNCTAD الى 2,63 مليار دولار في العام 2017.

عودة الى الخصحصة

ولعلاج هذا الوضع المالي المتأزم، يعود موضوع خصخصة بعض ممتلكات الدولة اللبنانية كأحد وسائل علاج الأزمة المصرفية والمالية الحالية، وسط اتجاهين احدهما يطالب بالبدء بها في المدى القريب أو المتوسط، والثاني يطالب بالتريث في الموضوع بانتظار اعادة تأهيل المرافق المرشحة للخصخصة حتى لا تباع بحالتها الراهنة الضعيفة بأثمان متدنية. وعلى سبيل المثال تأهيل قطاع الكهرباء الذي يفترض أن يحصل بحيث تتحول خسائرها الى أرباح، كي تباع بثمن مرتفع، وعلى الغرار نفسه قطاع النقل والقطاعات الأخرى المتخلفة اداريا واستثماريا.

فضل الفوائد

وبانتظار هذا الحل الذي يبدو كأنه «آخر الدواء الكي» تستمر الأزمة الاقتصادية التي يسعى مصرف لبنان الى التخفيف من وطأتها عبر خفض الفوائد المدينة بقرار لم يصدر بعد انما أطلت تباشيره بقرار أمس الذي طلب فيه الحاكم التقيّد بالحد الأقصى لمعدل الفائدة بنسبة 5% على ودائع العملة الأجنبية و8,5% على ودائع الليرة اللبنانية، كخطوة أولى ربما يليها قرار خفض الفوائد على الفائدة المدينة.. وهو قرار قد يكون الأكثر صعوبة.