بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيلول 2020 07:20ص تفريغ القطاع الصحي من أعلى الكفاءات امتيازات ورواتب أعلى في الخارج مع منح جنسية

حجم الخط
الذين استمعوا أمس الى مقابلة  الدكتور محمد جواد خليفة في برنامج الزميلة «وردة» على تلفزيون «المستقبل» أكثر ما لفت انتباهم  قول وزير الصحة السابق ان أكثر الأطباء والممرضات والممرضين في لبنان هم كما «وجه سحارة الفاكهة الطيبة»  في «الحسبة» التي كان يقصدها عندما كان طالبا في صيدا، وان هذه الدرجة الأولى من «النخبة الطبية» في لبنان باتت اليوم محط أنظار مستشفيات القطاع العام والخاص في دول العالم للتعاقد معها باعطائها جنسية البلد، وبأعلى الامتيازات  والرواتب  التي تفوق أضعافا مضاعفة أجورها المنهارة في لبنان، وأن ما يبقى من الطبقات التحتية في سحارة «الحسبة» الطبية  اللبنانية، لم يعد يكفي لا  كما ولا نوعا لإبعاد الخطر الداهم على قطاع لبنان الصحي الذي يشبهه وزير الصحة السابق بـ «سلسلة متصلة الحلقات من أطباء ودواء وممرضين وممرضات ومستشفيات وتجهيزات إذا انقطعت أو ضعفت احدى حلقاتها تفككت وفرطت وتبعثرت»! وما زاد في خطورة هذا التحذير تصريح نقيب أصحاب  المستشفيات د. سليمان هارون بأنه «إذا استمرت الأزمة الحالية في القطاع الصحي فإن المرضى قد يدخلون المستشفيات ويموتون داخلها»! وفي وقت قضى انفجار مرفأ بيروت على ٤٠% من هذا القطاع قدرت الأمم المتحدة أضراره بعشرات ملايين الدولارات أضيفت الى العجز المالي الذي تعاني منه المستشفيات بسبب تداعيات الأزمة المصرفية، وتأخير دفع الأموال المستحقة  لها على الدولة وصندوق الضمان  بـ1,2 مليار دولار تراكمت وتتزايد منذ  العام ٢٠١١!

وأمام شح الدولار وصعوبة استيراد التجهيزات الضرورية والانقطاعات في الكهرباء وباقي الخدمات وهجرة الأطباء واشتداد حدة الكورونا، قد تصبح المستشفيات عاجزة عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى.

الحل؟

والحل المالي في غاية الصعوبة قبل دمار المرفأ. فكيف بعد الدمار الذي بلغت اضراره حوالي ١٥ مليار دولار توازي ٢٥% من الناتج المحلي الاجمالي حسب تقديرات مجلة «الاكونوميست» التي رسمت صورة الأزمة في تقرير عن  لبنان وصف اقتصاده بـ «الوحشي» من خلال  الـ٢٧٥٠ طن نيترات أمونيوم تسببت بموت ٢٠٠ شخص وجرح الآلاف وتشريد ٣٠٠ ألف باتوا الآن بلا مأوى، ووسط أوضاع مالية تهدد المجتمع بالفقر والجوع والبطالة «في اقتصاد ينهار وبتضخم ٩٠% وليرة فقدت ٨٠% من قوتها الشرائية. ووصفت المجلة حكومة التكنوقراط الراحلة بأنها لم تأتِ أساسا لاصلاح هذه الأوضاع وإنما لمجرد احتواء الغضب الشعبي، فكانت النتيجة بدلا عن الاصلاح الامتناع عن دفع سندات بالدولار لا يعرف حاملوها حتى الآن بعد رحيل الحكومة مع  أي جهة يتفاوضون لاستعادة أموالهم، فيما المفاوضات بدورها  مع صندوق النقد الدولي وصلت الى «اللامكان»!  والدين العام يتصاعد وبما لا يبقى معه الا عملية جراحية يدفع ثمنها  المودعون.

وهذا فيما الدولة لا تلقي بالا لهذا القطاع الحيوي والمصيري. وآخر الدلائل انه بعد الإعلان عن وقف الدعم قريبا عن الدواء والتجهيزات الطبية، فرضت أخيرا رسم ايجار رصيف مرفئي وبالدولار عن الفترة التي بقيت فيها هذه التجهيزات في مرفأ بيروت بعد الانفجار، مع ان مسؤولية بقائها مدة أسبوعين كانت على عاتق إدارة المرفأ التي لم تسمح باخراجها طوال تلك المدة، برغم ما لهذا التأخير من تداعيات على المستشفيات والعيادات الطبية ومخاطر على صحة المرضى. في وقت وصف نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون رفع الدعم بأنه «اجرام» في دولة عاجزة عن تطبيب اللبنانيين.

والخطر سيزداد حدة هذه مع عدم توافر المال  لمختلف القطاعات لا سيما بعد الانفجار المروع في مرفأ بيروت.