بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الأول 2019 09:12ص حكومة التكنوقراط.. «الإقتصاد» المادة الأصعب في الإمتحان

حجم الخط
المهام الاقتصادية التي أورثها السياسيون لحكومة التكنوقراط ضخمة جدا، بحيث انه في حال أي تعثر للحكومة العتيدة في القيام بهذه المهام سيعطي ذريعة للطبقة التقليدية الحاكمة، كي تعود الى حكومات السياسيين واعلان فشل حكومات الاختصاصيين التي القيت على عاتقها موجبات ومسسؤوليات قياسية لم تواجهها في المجال المالي والمصرفي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي أي حكومات لبنانية منذ الاستقلال وحتى اليوم. 

ومن هذه المهام التراجع المتواصل في النمو، وفي ميزان المدفوعات، وفي الودائع، وفي التسليف، وفي الاستثمارات، والصادرات، والسياحة والعقار، وتزايد الدين العام، وعجز الكهرباء، وعجز الموازنة، وعجز ميزان، التجارة، والضرائب، وفوق كل ذلك الغضب الشعبي والحظر الغربي، اضافة الى فقدان الثقة حتى بحكومات التكنوقراط التي كان لها دائما في المطالب الشعبية «سحر خاص» كلما اشتدت الأزمات تطلع اليها الناس لاجتراح الحلول التي عجزت عنها أحابيل السياسيين.

 ليبقى السؤال الأساس: هل حكومات التكنوقراط والاختصاص هي الحل في دولة أدمنت على الانفاق بأرقام متى قيست نسبتها الى المحلي الاجمالي، بلغت أعلى نسبة في العالم.

فمقابل ناتج سنوي 55 مليار دولار انفقت الدولة اللبنانية خلال 12 عاما ما يوازي كل هذا الناتج المبلغ على الرواتب والأجور والتعويضات والتقاعد، وما يوازي كل هذا الناتج على خدمة الدين العام، فيما لم تنفق خلال تلك المدة أكثر من 7 مليارات دولار لتنشيط الاستثمار!!

فماذا عسى حكومة تكنوقراط ان تفعل امام هذا الحال؟ لعل التجربة الأقرب إلى مدى فعالية واداء حكومات الاختصاص هي حكومة «التكنوقراط» والمثل في مصر التي تولت عام 2013 مهام حل الأزمة الاقتصادية المصرية برئاسة البروفسور الجامعي الراحل الدكتور حازم ببلاوي (الذي تولى سابقا مسؤولية «الاسكوا» في بيروت قبل انتقاله الى مصر في مركز قيادي مصرفي وتوليه فيما بعد رئاسة الحكومة الأولى التي أعقبت تدخل الجيش المصري لصالح الحراك الشعبي ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي) وقد كانت حكومة «اختصاصيين» بامتياز، حيث ضمت الى جانب رئيسها الدكتور ببلاوي الخبير الاقتصادي والمصرفي المشهود له في عالم النظريات والخبرة العملية، مجموعة اختصاصيين بينهم الدكتور زياد بهاء الدين (نجل الكاتب والصحفي الراحل أحمد بهاء الدين) ونائب رئيس الوزراء أحمد جلال في وزارة المال، وأحمد شعبان في وزارة الكهرباء والطاقة، وهؤلاء الخبراء وباقي الوزراء المشهود لهم في حقول اختصاصاتهم، أعطى مجرد اختيارهم في «حكومة تكنوقراط» وبرئاسة دكتور في الاقتصاد صدمة ايجابية للمؤسسات النقدية والمالية والسياسية المحلية والعربية والدولية، ترافق مع دعم مالي بـ١٢ مليار دولار من ثلاث دول خليجية: ٥ مليارات من المملكة السعودية و٤ مليارات من الكويت و٣ مليارات من الامارات. 

وكان المفترض لا سيما مع كل هذا الدعم ان تنجح هذه الحكومة الاختصاصية التي ما لبثت أن استقالت قبل أقل من عام على ودلاتها (من تموز ٢٠١٣ الى شباط ٢٠١٤) بعد ان تعثرت شعبيا وفشلت في وقف ارتفاع الدولار أمام الجنيه، وفي تثبيت سعر الصرف، وفي منع توسع التضخم وازدياد البطالة، وفي انقاذ آلاف المصانع المقفلة، وفي رسم خطط التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص، وفي تصحيح الأجور وفي تلبية مطالب العمال والمزارعين، وفي انجاز الاصلاحات المطلوبة يومها للحصول على قرض الـ4,5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. 

 وأمام فشل حكومة «تكنوقراط» واختصاصيين ومستقلين في تحقيق كل هذه الاصلاحات والاختصاصيين، في تجربة إذا لم يكن من المحتم أن تتكرر في لبنان، إلا ان المشاكل الاقتصادية والمالية والمعيشية اللبنانية المتراكمة مضافا اليها المشكلة المزمنة في نظام محاصصة سياسية وطائفية، قد لا تصل بالوضع المالي والاقتصادي الى حسن المآل حتى ولو صح اختيار الرجال...