بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 حزيران 2020 07:29ص طلب الحكومة إستعادة الأموال المنهوبة مذكّرة صورية خالية من أي أحكام قضائية!

حجم الخط
هل كانت الحكومة جادّة بالفعل لاستعادة الأموال المنهوبة؟ أم أن الطلب الذي تقدمت به كان مجرد «مذكرة صورية» تعرف الحكومة سلفا ان مصيرها الرفض في الشكل وفي الأساس، كما هي النتيجة بالفعل في رد وزارة الخارجية السويسرية الذي جاء بمثابة الترياق للسياسيين وكبار الموظفين والمتنفذين بأن ما نهبوه من المال العام سيبقى مالا خاصا لهم، حتى في ظل حكومة إنقاذ وعدت في بيانها الوزاري انها ستعيد مال الشعب للشعب.

والنتيجة لم تكن فقط في عدم جديّة الطلب، وإنما أيضا في حكومة اختصاصيين وخبراء ومستشارين،  طلبت الى حكومة أجنبية أن تعيد لها أموالا، بمذكرة غير موثقة لا بأحكام قضائية ولا بقرارات ظنية، ولا حتى بمستندات ثبوتية أشخاص محددي الأسماء والصفات، وبطريقة عشوائية لا تليق بحكومة انقاذية يفترض انها تمتاز عن سواها بالعلم والخبرة. لكنها في المحصلة أثبتت في طريقة تداولها بقضية الأموال المنهوبة، كما في العديد من القضايا، انها أقل جدارة وكفاءة من حكومات السياسيين الذين يبدو أن هدفهم كان من هكذا حكومة، اجهاض أي صيغة لحكومة اختصاصيين.

وهكذا تبخرت الآمال والوعود باستعادة المال المنهوب في ظل حكومة تعرف جيدا ان المصارف السويسرية نادرا ما أعادت أموالا مشبوهة أو منهوبة. مع ان القوانين أعطت المصارف السويسرية الحق بإعادة «الأموال المثبتة»، ومنها القوانين المتعلقة بمحاربة الاختلاس والفساد (Embezzlement  And Corruption) وقانون (Devalier) (نسبة الى اسم ديكتاتور هايتي المخلوع Jean Claude Devalier) حين جمدت أموال لمدة ٥ الى ١٠ سنوات بانتظار البت بمصيرها. 

علما انه خلال الـ ١٨ سنة الماضية لم يحصل أن أعادت المصارف السويسرية من الطلبات العالمية أكثر من 1,8 مليار دولار من أصل ٥ مليارات دولار، كان منها أموال غير شرعية في اطار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وانطلاقا من ان مكافحة الفساد «تعزز السمعة الاخلاقية للأمة السويسرية».

وأما في لبنان فإن مكافحة الفساد لم تكن يوما في الممارسة وإنما تقتصر على النص في المادة ٣٥١ و٣٧٨ من قانون العقوبات عن «جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة والاخلال بواجباتها وسوء استعمال السلطة من قبل كل موظف وكل شخص ندب الى خدمة عامة سواء بالانتخاب أو بالتعيين، وكل امريء كلف بمهمة رسمية كالحكم والخبير والسنديك، التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدا أو أي منفعة أخرى، يعاقب بالحبس من ٣ اشهر الى ٣ سنوات وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به».

والقانون السويسري حتى في حال إعادة أي أموال يشترط أن تذهب في بلدها الأصلي الى «تحسين ظروف الشعب وتعزيز سلطة القانون ومكافحة ثقافة الافلات من العقاب» وهو الشرط الذي لا تلتزم به في لبنان أي حكومة لم تعزز يوما سلطة القانون ولا تفرض على لصوص المال العام أو حساب أو عقاب!