بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الأول 2019 12:03ص عودة إلى الخصخصة لحل الأزمة المالية والإقتصادية

بين بيع المرفق العام أو طرحه للمساهمة العامة

حجم الخط

تحتاج لسنوات قد تغني عنها عائدات النفط والغاز؟

من ضمن الحلول للأزمة المالية والاقتصادية جاء موضوع الخصخصة التي برغم كل ما تبدو في ظاهرها كحل للأزمة المالية التي يشهدها لبنان، وكوسيلة فعالة في خفض حجم الدين العام، إلا انها تحمل في الوقت نفسه مخاطر انتقال عائداتها ـ وكالعادة ـ الى «امراء الطوائف»!

والدليل انه رغم كل ما وصل الى لبنان من أموال باريس 1 و2 و3 وسواه من منح ومساعدات وهبات بما يوازي قيمة من قطاعات عدة مرشحة للخصخصة، فان حجم الدين العام استمر في الارتفاع، والسبب بالمقارنة مع الخصخصة في الغرب، انه ليس لدى لبنان من استقلالية القضاء أو من التشريعات المالية ما لدى الغرب ما يجعل الشركات التي تشتري مرافق عامة، تعمل ضمن موجبات القانون ومراقبة النيابات العامة المالية والقوى المدنية والاعلامية وبما يمنع تحول المرافق العامة التي جرى خصخصتها من ملكية الدولة، الى ملكيات مجموعات احتكارية تفرض على المستهلكين «دكتاتورية الأسعار» كما حال لبنان. فضلا عن عدم وجود خطة واضحة حول الطريقة التي ستستخدم بها الدولة اللبنانية عائدات الخصخصة، وفي أي نوع من الاستثمارات، وهل سيقتصر الأمرعلى استخدام هذه العائدات في تسديد جزئي أو كلي من الدين العام، أو كما هو المفروض استخدام جزء منها في التنمية وتكبير حجم الاقتصاد ووقف الارتفاع الخطير في معدلات البطالة.

 علما أن هناك من يعترض على مبدأ الخصخصة ويرى بديلا عنها ان تطرح الدولة قيمة القطاع بشكل اسهم للجمهور على طريقة  Initial public offering وعلى مراحل، كل مرحلة يطرح خلالها 25% من الأسهم التداول فيها عبر بورصة بيروت مباشرة لا سيما بعد ان أنشئت المنصة الالكترونية الحديثة ضمن اطار «هيئة الأسواق المالية» والتي يمكن أن تتحول للتداول فيها اسهم القطاعات المرشحة للمساهمة مثل الاتصالات والنقل والكهرباء... وذلك بعد أن تجري عملية تأهيل لهذه القطاعات تسبق طرح أسهمها كي يكون العائد منها للدولة  مجزيا وكافيا للاستثمار في مجالات متعددة تحقق المعدلات الأكبر من النمو.

كما ان هناك من يرى ان خصخصة المرافق العامة عملية بعيدة المدى سواء بشكل مناقصات تعرض على الشركات الوطنية أو الأجنبية، أم بطريقة طرح اسهمها للجمهور، تحتاج للتحضير لها وانجازها سنوات طوال يفترض أن تكون العائدات البترولية والغازية، اذا وصلت الى يد الدولة، قد لا تحتاج الدولة عندها الى بيع المرافق العامة بطريقة متسرعة أو عشوائية، لمؤسسات لم تؤهل كفاية قبل بيعها، وباثمان زهيدة، فتكون الدولة قد خسرت ملكية القطاع المخصخص دون عائدات مجزية، الامر الذي يستدعي مسبقاً تأهيل هذه المؤسسات قبل عرضها للبيع.

علماً أنه حتى في الولايات المتحدة الحالات انقلبت الخصخصة الى نوع من المحسوبية والاستنسابية والسرقات والرشوات والاحتكارات وحتى في بعض الأحيان عدم الفعالية في القيام بالالتزامات التي فرضت على الشركات التي انتقلت القطاعات المخصصة الى ملكيتها.

والدرس هو أنه اذا كان بلد مثل الولايات المتحدة فيه قضاء مستقل وصحافة حرة وشفافية معلومات، وصلت فيه «الخصخصة» في بعض الحالات الى هذه نتيجة عكسية، فكيف يكون الحال في لبنان اذا طبقت «الخصخصة» قبل ايجاد الضمانات الكافية من سلطات قضائية ورقابية وتشريعية واعلامية.

وفي حالات عدّة رغم تواجد هذه السلطات الكفوءة، أدّت عمليات الخصخصة إلى فشل، ففي الولايات المتحدة فشلت خصخصة بعض مرافق قطاع الكهرباء وفي بريطانيا أدّت خصخصة قطاع النقل إلى تراجع الأداء وخسائر.

كما ان من ثغرات الخصخصة ان الشركة المحلية أو الأجنبية التي تتملك مرفقاً عاماً من الدولة، كثيراً ما تشترط ان تنال مع هذه «الامتياز» حق التفرد (أو الاحتكار) بما يعطل المنافسة ويفسح في المجال للشركة المالكة الجديدة ان تتحكم بالأسعار ضد مصالح المستهلكين، كما حصل في تجارب دول أميركا اللاتينية، ففي بوليفيا على سبيل المثال في فترة خصخصة مشروع قطاع المياه أواخر التسعينيات التي نتج عنها «زيادات في الاسعار» أدّت إلى اندلاع مظاهرات واحداث شغب ومواجهات دموية بين أفراد الشعب وقوات الشرطة انتهت بإلغاء الحكومة البوليفية لقرار الخصخصة.