بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 آب 2020 12:00ص لبنان بين ١٠٠ دولة تطلب قروض الصندوق!

حجم الخط
لبنان في طلب قرض من صندوق النقد الدولي يقف في الصف منتظرا دوره بين حوالى ١٠٠ دولة من أصل ١٨٩ عضوة في الصندوق تقدمت بطلب «تمويل طارئ Emergency Loan».
وهذا الانتظار الذي يترافق مع عدم اليقين بالنسبة للنتائج، يشكّل سببا رئيسيا لارتفاع سعر الدولار، يتصاعد معه قلق حملة الليرات اللبنانية حول مستقبل الليرة ويزيد في سعيهم وراء الدولار، فيما التجار المستوردون غير واثقين انهم إذا حصلوا على حاجتهم من الدولارات لبضعة شهور، سوف لن يحصلوا بعد ذلك على ما يكفيهم من الدولارات لفترات مقبلة فيحتاطون منذ الآن بشراء المزيد من الدولارات ولو بسعر مرتفع، الأمر الذي يزيد في الطلب ويرفع السعر الى معدلات عالية جدا كما هو حاصل الآن في سوق سوداء تزداد سوادا وظلاما لغالبية شعب محاصر نقديا واقتصاديا ونفسيا.
وما يزيد من احتمالات عدم اليقين بالنسبة لطلب لبنان، ان الكثير من الدول الـ ١٠٠ الواقفة في صف الانتظار سعيا الى قروض الصندوق، حالها كما حال لبنان: انخفاض في الناتج المحلي الاجمالي، وفي معدل دخل الفرد السنوي، مع ارتفاع عجز الموازنات السنوية، ومعدلات البطالة وازدياد الحاجة الى الدولار. ولكن مع اختلاف سلبي للبنان، هو اشتراط الصندوق على الحكومة أن تنفذ اصلاحات هيكلية ومالية ونقدية، كشرط أساسي يسبق أي موافقة على قروض أو تسهيلات مالية. وحتى ولو نفذ لبنان هذه الاصلاحات للحصول على القرض المطلوب، فان الطاقة الاقراضية للصندوق - لا سيما في غمرة ضغوطات كارثة الكورونا - والاعتبارات السياسية والضرورات الانتقائية بين دول مستحقة ودول أقل استحقاقا للاقتراض، تشكّل عوامل أساسية تحد من فرصة لبنان الحصول على قرض الـ ١٠ مليارات دولار التي اعتبرتها الحكومة جزءاً أساسياً من ملء فجوة الـ ٢٨ مليار دولار، منها ١١ مليار دولار من مؤتمر سيدر و٧ مليارات دولار من أسواق المال الدولية بعد أن تكون قد حصلت من صندوق النقد على «براءة مؤهلات» تخوّلها الحصول على هذه القروض. وهذا عندما يوافق الصندوق على القرض بعد تنفيذ الاصلاحات المطلوبة التي هي الشرط الأشد صعوبة والأقل احتمالا  لدى حكومة عجزت عن القيام حتى  بأي إجراء تمهيدي أو أي مقدمة لأي اصلاح. فيما المواطن أمام هذا اليأس الى حدود الاستحالة، يزداد قلقا على مصير القوة الشرائية لمدخراته النقدية ويسعى مرهقا  وراء دولار يزداد ارتفاعا فوق عملة وطنية ما زالت تنتظر الخلاص على يد حكومة انقاذ.
«طوفان طلبات قروض»
في هذا الوقت، توقع صندوق النقد تقلص الاقتصاد العالمي هذا العام الى أدنى مستوى منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بما يؤدي الى عجوزات مالية لدى الدول المتقدمة ودول الأسواق الناشئة (ومنها لبنان) ويزيد في عدد طلبات القروض على المستوى الدولي بما يصفه كبير الاقتصاديين في الصندوق Ken Rogoff بـ «طوفان اقتراضي عالمي»!
ولمواجهة هذه الظروف النقدية الاستثنائية التي تبدو «شبه مجاعة نقدية» تنصح المديرة العامة للصندوق Kristalina Georgieva دول العالم بأن تضخ مصارفها المركزية أكبر كم ممكن من النقد في الأسواق التنشيط الاقتصاد وتحريك الطلب (على الطريقة الكينزية) على أن يترافق ذلك مع قدر كبير من المساءلة والشفافية تجنبا للتبذير. 
وفي حال لبنان فان هذا الضخ المتزايد بالليرة يؤدي الى عكس النتائج المرجوة، والسبب النسبة العالية من دولرة الاقتصاد وانفاق الدولة بكميات هائلة من العملة المحلية دون المساءلة والشفافية التي يشترطها الصندوق ودون انتاج حقيقي يقابل الزيادة المتواصلة في الكتلةالنقدية بما يزيد باستمرار في معدلات التضخم ويرفع سعر الدولار، ويخفض القوة الشرائية  للأجور ويتسبب بأزمات معيشية واضطربات أمنية.