بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الأول 2019 06:10ص مؤشرات مصرفية تمنع الإنهيار

بطيش: قدرات متوافرة لدى المصارف ومصرف لبنان

حجم الخط
تصريح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش أمس بأنه «لا يزال لدى المصارف ومصرف لبنان قدرات وانه يجب ان لا يقفد النّاس ثقة بهذا القطاع.. وان لجنة الرقابة على المصارف في اجتماع بعبدا أكدت انها ستأخذ تدابير بحق المصارف والتزمت بها»، أعطى «شحنة» تفاؤل وسط قلق لدى المودعين على اموالهم في المصارف التي خفض بعضها السحوبات النقدية بالعملات الأجنبية من 1000 دولار إلى 500 دولار وفي حالات معينة 300 دولار، في وقت يستدل بالمقابل من بعض الأرقام والمؤشرات المصرفية التي يستند إليها غير المتخوفين من الانهيار المصرفي إلى كون أقل من ثلث المودعين ممن يمتلكون ثلثي الودائع يهمهم الاستقرار المصرفي والمالي والاجتماعي بديلا عن الانهيار، وبعضهم ينتظر تفعيل مداولات «سيدر» بورقة ١١ مليار و٦٢٠ مليون دولار، اضافة إلى توقعات هؤلاء عمليات خصخصة يستخدمون فيها ودائعهم التي يحتفظون بها في المصارف، في شراء بعض أملاك الدولة بأسعار متدنية ملائمة لهم. 

كما ان هناك من يتفاءل ببدء الحفر للثروة الغازية والبترولية في بداية العام المقبل. كما يستند بعض هؤلاء في تفاؤلهم بأن حوالي ١٥ مليار دولار فقط من الودائع هي تحت الطلب، مقابل ودائع أكثر مربوطة لآجال متوسطة أو بعيدة، الأمر الذي يعطي المصارف فسحة من الوقت كي تحصل بعض القروض الممنوحة منها بالدولار الى القطاع الخاص اللبناني المقيم وغير المقيم، لا سيما غير المقيم الذي لا يعاني خارج لبنان من الأزمة الدولارية نفسها التي يعاني منها لبنان، وبما يسهل لهؤلاء تسديد ديونهم بالعملات الأحنبية للمصارف اللبنانية التي سوف تستخدم ما تسدده لها هذه المؤسسات المدينة بالعملات الصعبة في تلبية طلبات المودعين الأسبوعية أو زيادتها وهي التي تتراوح حتى الآن بين ٣٠٠ و٥٠٠ وأحيانا ١٠٠٠ دولار. 

أي ان ما يحصل باختصار هو ان المصارف اللبنانية بقدر ما تتلقى من تحصيلات الديون المسددة لها بالعملات الأجنبية وبالتدريج، يمكنها أن تستمر بأن تدفع وبالتدريج أيضاعلى طريقة «التقسيط المبرمج» للمودعين ما يحتاجونه من العملات الأجنبية، وبما يبعد فكرة الـ Hair Cut أو حسم جزء من الودائع كما حصل في قبرص. كما ان بعض غير المتخوفين يطرح فكرة ان يعطى بعض كبار المودعين أسهماً في المصارف يحصلون بها على أرباح، ويحصنون في الوقت نفسه ودائعهم باستثمارات مصرفية مع عائدات مجزية وبما يخفف على المصارف العبء النقدي المتمثل في هذه الودائع متى تحولت إلى مساهمات في رساميلها. 

وهناك من يخفف القلق عبر المعلومات المتوافرة عن السيولة المصرفية الحالية لدى مصرف لبنان والتي تبلغ بين احتياطي المصرف والاحتياطي الالزامي وغير الالزامي للمصارف بما يصل في مجموعه إلى حوالي ٧٠ مليار دولار تشكل أكثر من نصف الودائع المصرفية الدولارية والبالغة حوالي ١٢٤ مليار دولار من أصل مجموع الودائع البالغة أكثر من ١٧٥ مليار دولار. كما ان هناك امكانية لتعزيز السيولة عبر تلبية المصارف طلب مصرف لبنان إلى المصارف زيادة رساميلها.

وأمام هذا البريق من التفاؤل، تبقى النتائج مرهونة بأداء الدولة التي تتواصل عجوزات موازناتها وهدر المال العام وسط احتمالات سلبية أمنية وسياسية محلية واقليمية توقف موجة التوقعات المتفائلة، لا سيما مع العجز المتواصل في ميزان المدفوعات وبطء حركة السياحة وتراجع الامكانيات الضرورية للدفاع عن العملة الوطنية بكل ما يعني ذلك من تأثير على مجمل الساحة الاستثمارية العامة في فراغ لا يمكن معه اطلاق مشاريع جديدة وتوفير فرص العمل، لا سيما بعد أن قاربت البطالة حداً قياسيا في اقتصاد لا يعتمد على الانتاج إلا بنسبة ضئيلة جدا بدليل تراجع معدلات التصدير بأكثر من 50% وحيث الجزء الأكبر من الاقتصاد كان يذهب باستمرار في الجزء الأكبر منه وما يزال، الى القطاعات الخمسة الرئيسية التي لها طابع محض خدماتي مثل تجارة الجملة والتجزئة والادارة مما يجمد حجم الناتج المحلي الاجمالي عند حدود الى 55 مليار دولار مقابل ناتج مئات المليارات لدى دول حجم سكانها ومواردها الطبيعية حجم سكان وموارد لبنان الذي يعاني ذوو الدخل المحدود فيه، وحتى بعض «أهل العقار» ممن تراجع قيمة ممتلكاتهم باستمرار، فيما فقراؤه لا يستطيعون العيش كما في الانباء الصارخة خلال أيام الأسبوع عن.. موجة انتحار!