بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2019 06:30ص مستقبل الفائدة المصرفية رهينة التطوُّرات الداخلية والخارجية

ووقف الهدر والإصلاحات المالية والإدارية

حجم الخط
بعد قرار مصرف لبنان خفض معدلات الفائدة على الودائع الدائنة وترقب امتداد القرار الى الحسابات المدينة، بغرض تشجيع المدينين على تسديد ما يتوجب عليهم جزئياً أم كلياً للاستفادة من فوارق الفوائد وضمن مهلة محددة، هناك معطيات تشير الى ان هذا المعدل المنخفض للفائدة قد يتحرك صعوداً حسب معطيات داخلية وخارجية منها التأثيرات المحتملة على الثقة العامة بسبب احتمال تأخر أو تأجيل الاصلاحات المالية والهيكلية واستمرار ارتفاع عجز الموازنة ومعها حجم الدين العام، اضافة الى تحركات الفوائد صعوداً في الخارج، بحيث تضطر المصارف بالمقابل العودة الى رفع الفائدة الدائنة والمدينة معا، كما هو حال الفوائد المرتفعة الآن على الودائع في بلدان  مثل تركيا 24% أو مصر 16,75% لا سيما انه كان من توصيات صندوق النقد الدولي للبنان ما ورد فيها انه «بهدف جذب المستثمرين» من الأفضل رفع اسعار الفائدة.

والتجاذبات السياسية السلبية التي يعيشها لبنان اضافة الى الهدر والفساد والمحسوبات والمحاصصات وعجوزات ميزان المدفوعات والموازنات العمومية وضغوطات وشح السيولة المصرفية وسواها من عوامل مضاعفة قد تقتضي مستقبلا العودة الى رفع الفائدة لاغراء أصحاب الودائع بالابقاء على ودائعهم في لبنان، وفي معطيات مرتبطة بظروف وأحداث خارجية وداخلية من شأنها ان تؤثر في معدلات الفائدة في العالم وبالتالي في لبنان الذي ليس لديه الآن في هذه المحنة الاقتصادية خيار خفض القاعدة لفترة طويلة بسبب عدم وجود السيولة الكافية لتحقيق هذا الهدف، الا اذا سارعت الدولة الى تحقيق الاصلاحات الهيكلية والمالية والادارية المطلوبة، وهذا «بيت القصيد»!

ففي تقرير لدائرة التجارة الأميركية، برغم إشادته بسياسة الاقتصاد الحر في لبنان، وكفاءة القوى البشرية اللبنانية في الأعمال، والنوعية الجيدة للحياة في لبنان، إلا أنه انتقد فوضى القرارات والتشريعات وتعقد الاجراءات الجمركية وتقنين الكهرباء وبطء الانترنت و«الاجتهادات» المتناقضة في تفسير القوانين.

والخشية تتواصل من أن يتحول هذا الوضع لاتجاه جديد تتزايد معه الفائدة بقدر ما تتهاوى الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان وفي الجوار بتأثيرها على لبنان. وبالطبع سيكون من تداعيات رفع الفائدة ازدياد نفقات الموازنة ومعها ازدياد العجز والدين العام، بما يشكل «جرس انذار» للدولة كي «تلملم» نفسها وتوقف الهدر والفساد والمحسوبيات والمحاصصات، الا إذا كان الامر لا يصل بالضرورة الى حالة يونانية، لكن هذه الطريق تبقى وعرة المسالك والمطبات المالية والاقتصادية و.. الاجتماعية.

وهذه الأوضاع تزداد حدة مع حدة الأوضاع الاقتصادية العالمية التي تزداد سوءا  في أزمات  عالمية مرتقبة أشار اليها الكتاب الصادر بالالمانية لمؤلفه ULICH SCHAFER  بعنوان DER CRASH DE KAPITALISMUS او «انهيار الرأسمالية». وفيه ان تلك الأزمات ستغير العديد من نواحي حياة الانسان وستواصل الرأسمالية مسيرتها كأنها انسان أصيب بحادث مروع وهو في غمرة السكر، وفقد وعيه وسيعود الى وعيه يوما، لكنه لا يكف عنها عن تغيير أسلوب حياته، وأن العالم سيشهد معدلات نمو سلبية وتراجعاً في مستويات الانتاج. فالمخاطر التي تحف بالاقتصاد العالمي فاقت كل المخاطر حسب الكتاب الذي يتضمن سيناريوهات عدة للمستقبل منها: 1 ـ أزمة قطاع صناعي بعد أزمة نظام مالي. 2 ـ الهروب من الدولار الأميركي. 3 ـ افلاس دول كما حصل للدولة البروسية العام 1806 ولالمانيا عندما عجزت عن تسديد تعويضات الحرب، أو كما حصل مع المكسيك «ودول النمور» التي كانت من جملة هذه الدول.

ويضيف الكتاب انه «قد تتبدد الثقة بالاقتصاد وتنشأ أحزاب يمينية ويسارية جديدة يقودها مشعوذون يجيدون التلاعب بمشاعر العامة» كما هو حاصل الآن في العديد من الدول الأوروبية والأميركية.

ولبنان بدوره ليس جزيرة منفصلة في منأى عن هذه الأزمات.