بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيلول 2018 12:53ص نعم.. نحن في أزمة اقتصادية ومالية والحل في الحكومة.. وسيدر - 1 والإصلاحات

حجم الخط
بات من المسلَّم به ان الاقتصاد اللبناني في أزمة، وان وضع المالية العامة ليس سلمياً، وان الليرة المحمية منذ أكثر من 25 سنة، باتت هي الأخرى مهددة، أقله على المدى المتوسط في حال استمر عجز أركان هذا النظام في التوصّل إلى «توليفة» حكومية تحظى برضى وموافقة الأطراف المتصارعة فيما بينها على مقعد وزاري من هنا، وعلى وزير من هنالك..
نعم الوضع صعب ومعقد، وحتى انه خطير اقلُّه بشهادة رئيسي المجلس النيابي نبيه برّي والرئيس سعد الحريري، إضافة إلى التحذيرات التي يطلقها وزير المال علي حسن خليل وغيره من الوزراء والنواب، اضف إلى كل ذلك التقارير الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، لا سيما منها صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات التصنيف العالمية.
النمو خلال السنوات الـ 6 الأخيرة لم يتجاوز الـ1،5 في المئة، في مقابل متوسط نمو بالغ 1.8 في المئة خلال السندات الخميس الأخيرة، وتبقى هذه النسبة أدنى من معدّل النمو العالمي الذي بلغ 3،8 في ا لمئة ومن معدل النمو الذي سجلته دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي ناهز 2،2 في المئة في حال اعتماد تقديرات صندوق النقد الدولي، وفي مطلق الأحوال، يبقى هذا النمو غير كافٍ لتأمين فرص عمل جديدة بالوتيرة المطلوبة ولتعزيز الرفاهية الاقتصادية.
غالبية مؤشرات القطاع الحقيقي إلى تراجع مستدام منذ العام 2011، صادرات، سياحية، استثمارات وعقارات، كلها تراجعت بشكل مؤثر وكبير.
وإلى ما تقدّم يستمر العجز في الميزان التجاري نتيجة الفارق الكبير بين قيمة المستوردات وقيمة الصادرات حيث يستورد لبنان، سنوياً بضائع وسلعاً تصل قيمتها إلى نحو 16-18 مليار دولار، في حين ان قيمة الصادرات اللبنانية لا تتجاوز الـ2 مليار دولار، وعليه فقد بلغ العجز في الميزان التجاري 8042 مليون دولار في النصف الأوّل من العام 2018.
إلى ذلك، يستمر العجز في ميزان المدفوعات، وسجل في نهاية العام 2017 (1،1 مليار دولار).
اما عن الأزمة المركزية، أزمة الدين العام وكلفة هذا الدين، فهي إلى ازدياد نتيجة استمرار أزمة العجز في المالية العامة، وتراجع نسب النمو، وبلغت قيمة الدين في نهاية أيّار 2018 (82،5 مليار دولار) اما كلفة هذا الدين (الفوائد السنوية فتصل إلى نمو 5،2 مليار دولار).
وإلى المؤشرات السلبية التي سبق ذكرها يبقى ان نشير إلى أزمة المالية العامة التي تعاني من عجز كبير، رغم ان نسبة العجز العام تراجعت إلى 7.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي من 9،6٪ من عامي 2016 و2017. وبلغ العجز العام الإجمالي 5662 مليار ليرة في العام 2017 مقابل 7453 مليار ليرة في العام 2016.
وحده القطاع المصرفي استمر في تحقيق الأرباح، وبقي هذا القطاع المموّل الأبرز للقطاع الخاص في ظل استمرار ضعف أسواق الأسهم والسندات. كما استمر هذا القطاع في تمديد مدفوعات الدولة اللبنانية. اليوم ومع عدم الاستقرار السياسي العام في البلاد نتيجة ارتفاع منسوب التجاذبات السياسية التي تتسبب في استمرار تأخير تشكيل الحكومة بدأ القطاع المصرفي يواجه بعض جوانب الأزمة «الأم» التي يُعاني منها الاقتصاد ككل.
... في المحصلة الاقتصاد في خطر، الليرة في وضع صعب، وقد نصل هنا إلى مرحلة الخطر في حال طول استمرار الأزمة الحكومية. مصرف لبنان قام وعلى امتداد الـ7 سنوات الأخيرة بعمل جبّار اذ نجح وبالتعاون مع المصارف على منع الانهيار الاقتصادي وعلى حماية سعر صرف الليرة، الا ان الأمور لا يُمكن لها ان تستمر على «المنوال» الذي تسير عليه منذ شهور، فمصرف لبنان لا يتقن السحر، أو فن وموهبة صنع العجائب، فهو قام بما هو المطلوب منه، وحتى أكثر بكثير، في ظروف صعبة وشديدة التعقيد، واليوم جاء دور الدولة، لتستعيد مسؤولياتها المنسية منذ سنوات.
.. في المحصلة ان المسؤولية الوطنية تفرض على جميع الأفرقاء السياسيين المتنازعين إدراك خطورة المرحلة، إذ باتت المسألة تتعلق.. بلقمة.. عيش النّاس، وبمستقبل الأجيال المقبلة، وعليه، فعلى الجميع تقديم التنازلات والتخلي عن المطالب الذاتية لمصلحة الوطن ولمصلحة النّاس الذين يدين لهم  الحكم بوجودهم.
ان اقفال ملف أزمة الحكومة أولى خطوات الحؤول دون الوصول إلى الانهيار الاقتصادي، والاضطراب النقدي، على ان يلي ذلك مباشرة، الاستفادة من مقدرات «سيدر-1» مع اقتراب ذلك بتنفيذ الإصلاحات المزمنة التي طالبنا بها المجتمع الدولي.
إبراهيم عواضة