بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تموز 2020 07:23ص هل كانوا يربحون ٣٠٠% عندما كان ثمن سلعة ٣ دولارات والآن دولار واحد؟!

حجم الخط
وجه أحد قراء هذه الزاوية سؤالا اقتصاديا. قال: كنت قبل الأزمة المصرفية الأخيرة أرتاد أحد المقاهي في شارع الحمرا وأدفع ثمن فنجان قهوة ٥٠٠٠ ليرة كانت تساوي بدولار 1507,50 ليرة حوالي ٣ دولارات، والآن بعد الأزمة المصرفية والاقتصادية أدفع حوالي ٧٠٠٠ ليرة ثمن فنجان القهوة في المقهى نفسه أو أقل من قيمة دولار واحد بسعر اليوم. وسؤالي لكم: ألا يعني ذلك ان المقهى الذي يقبل الآن بأقل من دولار ثمن فنجان قهوة، كان يربح مني حوالي ٣٠٠% من ثمن فنجان القهوة يوم كان سعره ٣ دولارات بدلا من أقل من دولار واحد الآن؟ 

الجواب

للوهلة الأولى يبدو السؤال منطقيا. بل مخيفا! ويحتاج الى فك أحجية منها أن المقهى، على سبيل المثال وكنموذج اقتصادي عن أي شركة أو مؤسسة فردية، كان يدفع من الـ٣ دولارات التي يتقاضاها عن فنجان القهوة، رواتب وأجور موظفيه وعماله كاملة وبكل تعويضاتها واجازاتها ومكتسباتها، وكان يدفع للدولة من هذه الـ٣ دولارات ثمن ما يتوجب عليه من ضرائب ورسوم، فيما هو الآن يسعى الى التقسيط والتأجيل أو لا يدفع اقتداء بدولته التي امتنعت وبكل فخر وحكمة(!! ) عن دفع اليوروبوندز، وبمصارف بلده التي تمتنع حتى الآن عن دفع الودائع بعملة الودائع، وكان قبل الآن ينفق أيضا من الـ٣ دولارات على التطوير والتحسينات وحملات الترويج والدعايات وكان لا يقتصد في استهلاك الكهرباء والماء وفي باقي النفقات بالدرجة الثانية التي يقتصد بها الآن. وكان يدفع قيمة الايجار كاملة بينما هو الآن في غمرة مفاوضات مع مالك المأجور الذي يشغله أملا في خفض بدل الايجار الذي خفضه العديد من المالكين بنسب تتراوح بين ٢٥% و٣٠% وأحيانا أكثر. حتى أن الكثير من المستأجرين يمتنع الآن عن الدفع اعتمادا على توقف اجراءات التنفيذ القضائية وأملا بقوانين جديدة تؤجل المهل وتقسط البدلات. 

وهكذا فإن صاحب المقهى يقبل بـ٧000 ليرة الآن أي أقل من دولار واحد ثمن فنجان القهوة فلأنه بهذا الربح الباقي المتدني وسط هذا الكساد المستشري، وبعد أن تضاءل عدد الزبائن وفرغت المقاهي والشوارع، يستطيع ربما أن يغطي أكلاف معيشته. والبعض يستمر في العمل ولو بخسارة جزئية كي يحافظ على زبائنه وعلى قيمة الاسم التجاري والسمعة المعنوية. وهناك من يقول: زهقت من البقاء في المنزل ومن حجر الكورونا، واعتدت أن أعمل وأن أتسلى وأن أشرب الأركيلة أو «ألعب الطاولة» على باب المحل وبانتظار الفرج. ولعل وعسى. مردداً قصيدة شاعر التفاؤل إيليا أبو ماضي ومنها: 

 قال السماء كئيبة وتجهما فقلت

ابتسم يكفي التجهم في السما

قال الصبا ولى فقلت ابتسم

لن يرجع الأسف الصبا المتصرما

قال التجارة في كساد هائل

فقلت.... ابتسم.... فلربما