بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2020 08:08ص يوم قيل إن الدولة «أفلست» ولم تفلس... ولكن ماذا عن الآن؟

حجم الخط
 هذه ليست المرة الأولى التي تُستعمل في لبنان عبارة «الدولة أفلست»، فقد سبق للرئيس الراحل عمر كرامي ان قالها في مقابلة على الـLBC مع الزميلة ماغي فرح عندما هبط احتياطي الذهب الى حوالى 1,5 مليار دولار وتراكمت الالتزامات الداخلية والخارجية على الدولة بحوالى 2 مليار دولار من دون أن يكون في الأفق أمل بمساعدات أو هبات أو حتى قروض من الخارج، وبات البلد يومها بين «الافلاس» او زيادة الاحتياطيات النقدية والذهبية والمساعدات والهبات والتحويلات الاغترابية أو القروض المحلية والذهبية والخارجية بالعملات الأجنبية، في غياب الانتاج الزراعي والمادي الذي أهملته الدولة اللبنانية ولم تعمل على خلق فرص للشعب كي ينتج على أرضه ما يكفي ذاته، فاختارت له الهجرة الى الشرق والغرب، واستبدلت القوة الذاتية، بـ«النظرية» الشهيرة في القرن السادس عشر، عندما كانت الدول تتنافس على تجميع أكبر قدر من الذهب والفضة وأي معادن ثمينة تحصل عليها من الخارج، من دون أن يقابلها انتاج كاف من الحاجيات والمواد الأساسية والضرورية، فزاد عرض الذهب وتضاءل عرض السلع المنتجة وارتفعت الأسعار بشكل جنوني ما أدى الى أولوية الانتاج عن طريق العمل لا سيما عبر الزراعة في النظام الشهير باسم «الفيزيوقراطية» الذي يعتبر الأرض «المصدر الوحيد للثروة».

وفي لبنان، فان الاقتصاد لم يذهب فقط الى عكس الانتاج من زراعة وصناعة، بل الى «اهمال الوقت» الذي دون استثماره لن تتمكن أي حكومة من الوصول الى حل، حيث اللبنانيون في الداخل، وعكس اللبنانيين في الخارج، باعتمادهم على الدولة وعلى ولاءاتهم الطائفية والمذهبية لنوابهم ووزرائهم ومدرائهم لا يعملون بأكثر من 200 يوم في العام، وإذا احتسبنا الاعياد الوطنية والدينية والاجازات الشخصية وفروع وجزئيات الدوام ونهايات الأسابيع الدورية، والاجازات المرضية والوفيات العائلية، وساعات الهدر في الدوام بين الدخول والخروج والغياب أحيانا دون أسباب، فلا يبقى من المعدل المفروض (8 ساعات يوميا) من كل أيام السنة للعمل أكثر من حوالى النصف فقط ! وهذا بالنسبة للعاملين، أما العاطلين عن العمل فهذا شأن آخر أقسى وأشد مرارة.

حليمة وعادتها القديمة

والغريب ان الدولة وبرغم صيحات الحراك الشعبي، وكل وعود الاصلاح والتغيير، عادت أخيراً الى عادتها القديمة في موازنتها الجديدة للعام 2020، التي فاخر بشأنها رئيس لجنة المال بأنها قبل احالتها الى مجلس النواب، خفض منها 950 مليار ليرة (حوالي 633 مليار دولار بسعر الـ1500 ليرة للدولار)، لكنها استهدفت في جزء كبير منها الوزارات الانتاجية، حيث خفضت ميزانية الزراعة من 81.48 مليار ليرة الى 72.22 مليار ليرة، ووزارة الصناعة من 9.22 مليارات ليرة الى 8.12 مليارات ليرة ووزارة السياحة من 21.78 مليار ليرة الى 15.12 مليار ليرة، وذهبت مع كل ذلك صرخات الحراك في لبنان المقيم، كما ولبنان المهاجر في مقولة جبران خليل جبران: «ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنتج وتشرب مما لا تعصر».