في الوقت الذي تلجأ فيه شعوب العالم إلى التخفيف من حدّة العزلة التي فُرضت عليهم بسبب فيروس فتّاك قضى على مئات آلاف البشر، وفيما تعيش كلّ دولة مأساتها الإنسانيّة المتفاوتة القسوة، تبرز بين الحين والآخر مبادرات وحملات يوثّقها بعض نشطاء وسائل التواصل الاجتماعيّ، لتشكّل بصيص أمل يخرق جدار الخوف الذي بناه الوباء القاتل.
فقد انتشرت فيديوهات عبر مواقع التواصل، التي باتت متنفّسًا لروّادها، من معظم بلدان العالم، تُظهر لجوء شعوبها إلى وسائل مختلفة للتعبير عبر شرفات منازلهم، في ظلّ الحجر الصحيّ المفروض عليهم، عن تمسّكهم في الحياة تارّة، أو لإيصال تحيّة إلى "جيوشها الصحيّة"، المتمثّلة بالكوادر الطبيّة التي تحارب "كورونا" سعيًا للانتصار عليه.
في ظلّ هذا الواقع، حذا السعوديّون حذوَ الإيطاليّين، الذين غنّوا عبر شرفات المنازل أثناء فترة الحجر المنزليّ، إذ كسرت حناجر السعوديّين جدار عزلة الأسبوع الثاني من الحجر، وصدحت بالنشيد الوطنيّ السعوديّ عبر النوافذ ومن أعلى أسطح البنايات.
فعبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، لا سيما "تويتر"، تداول نشطاء مقاطع فيديو لسعوديّين يردّدون النشيد الوطنيّ عند الساعة الثامنة من مساء السبت، وهو الوقت الذي كان محددًا قبل أيام، للخروج وكسر العزلة من النوافذ بالحناجر للإنشاد للوطن، في حملة تهدف إلى البقاء في المنازل، وأُطلق عليها #خلك_في_بيتك_وانشد_لوطنك.
أمّا من بين الفيديوهات المتداولة التي كانت الأكثر شهرة، فكان مقطع لجنديّ سعوديّ وهو يؤدي تحيّة عسكريّة لمواطنين يرددّون النشيد الوطني من شرفة في عمارة سكنيّة. فيما يبدو أنّه كان يقف في مهمّة عمل رسميّة على تطبيق القرار الذي ينصّ على عدم الخروج بعد الثالثة من مساء كلّ يوم.
في هذا السياق، تقول "بيان"، وهي مغردة سعوديّة:"بينما العالم يردّد الأغاني من النوافذ، نحن هنا نردّد النشيد الوطنيّ بكل فخر واعتزاز".
فيما كتب "فيصل بن مشرف": "النشيد الوطني لأعزّ وأغلى وطن".
إنّه "زمن كورونا" إذًا، الذي بات فيه تميّز الشعوب يتجلّى في قدرتهم على كسر جدار الوحدة والعزلة، في ظلّ حَجر تتوحّد فيه الدعوات بأن ينتهي على "خير البشريّة".
إعداد: اللواء