بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2019 12:03ص آخر الحكواتيِّين الفنان عماد الوزان إحضار الشخصية من الأسطوري إلى الواقع

الفنان الحكواتي عماد الوزان على المسرح و«سيرة عنترة» الفنان الحكواتي عماد الوزان على المسرح و«سيرة عنترة»
حجم الخط
لا يختلف اثنان في أن الأمم تبقى بثقافاتها، وتبنى الحضارات بسواعد مبدعيها، وتسطّر أمجادها بلمسات موهوبييها.

ورغم المعاناة والجهود الكبيرة التي يبذلها أولئك المبدعون أمثال: الفنان والكاتب المسرحي الناقد عماد الوزان، للارتقاء بأفكارهم وثقافاتهم وإظهار إبداعاتهم الشعبية إلى الوجود، نجد هذه الجهود جميعها تذهب أدراج الرياح ويطويها النسيان بعد فترة.

الفنان عماد الوزان هو آخر «الحكواتيين» بعد رحيل الفنان أحمد خليفة «أبو العبد» الذي أشتهر في (الليالي الرمضانية) البيروتية في مقاهي العاصمة.

«الحكواتي» عماد الوزان صورة لقلب «بيروت البيضاء»، وقمصانه الملونة ويستلهم التراث والتاريخ و«عنترة وعبلة» و«أبو زيد الهلالي» ومع «السيرة الهلالية» بين الحقيقة والأسطورة.

في مقاهي (العاصمة البيروتية) وزواياها وحنين الماضي في سهرات شهر رمضان، مقهى «الحاج داوود» و«البحرين» و«الفاروق» و«المتوكل على الله» و«دوغان» و«العميد» بمنطقة البسطة وغيرها مفارقات التناسخ والتماسخ عنوانها: «السيرة الهلالية» «عنترة» في الأدب الفرنسي ألّف لامارتين عنه كتاباً في مجموعة «الرجال العظام» والرهبان لخّصوا قصته ليتعلّم منها التلاميذ الشجاعة والحمية.

عنتر: العنتر: الشجاع، وعنتر وعنترة أسمان منه، وسيرة عنترة لم يصنعها الأصمعي، وإنما صنعها رواة كُثر تعاقبوا عليها في أزمات وأمكنة عدّة، كل واحد يضيف إليها، ويحذف منها ويبدّل فيها، ومن هناك كثرتها واختلافها.

سيرة عنتر بن شداد «إلياذة العرب» جسّدتها موهبة الحكواتي البيروتي عماد الوزان طيلة نصف قرن من الزمن آخرها كانت في معرض الكتاب العربي العام المنصرم في قاعة البيال وبحضور شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية.

السيرة الهلالية... شعر المنسيين وضميرهم الشعبي.

الحكواتي «عماد الوزان» هو راوٍ شعبي، وحكاياته الشعبية التراثية، رصد بعدسته تفاصيل الواقع في مقاهي بيروت، وقد ورث «عماد» إرتداء الزي الشعبي عن جدّه، وكان يستأجر من (الحاج الضو) وهذا لقبه في رأس بيروت قيثارة والطربوش العثماني ويمثل أمام الجمهور المسرحي لا سيما في نادي متخرّجي الجامعة الأميركية و«مسرح الشباب»، وأشهرها مسرحية «شو بدنا نحكي».

يقول الحكواتي: يتحلّى «الحاج الضو» وهذا لقبه في رأس بيروت، اغتيل نجله مع السفير البريطاني في شارع الحمراء.

طلاب الجامعة الأميركية حوّلوا عام 1995 شارعهم إلى المكحول جديد سيرة «عنتر وعبلة»، و«قهوة مرة» وضيف الشرف الحكواتي البيروتي عماد الوزان.

ابتسمت «عبلة» لـ «عنترة» بن شداد... فأصبح من أشجع فرسان البيداء... وأصلح من يجيد الشعر بين السادة والعبيد...

شخصية أبي زيد الهلالي في مقهى «الفاروق» أيام زمان... وعاء كوني لكل المتناقضات، وهنا تتحوّل شخصية الحكواتي عماد الوزان إلى بطل ملحمي وعالم وشاعر ونائح وماجن...

لا يكتمل الأسرار غير الأصايل

ولا يكشف الأخبار غير خائن

ردي الا؟؟؟ من قوم أراذل

أنا أبو رزق من أهل عامر

وأمي شريفة من خيار القبائل

سميت أبو زيد على النّاس زايد

كريم شجاع من كرم أفاضل

وأبرز ملامح أبو زيد قدراته على التنكر وخوض أعنى المآزق، فهو كما تصفه السيرة، يصبح حالة سبع صفات، ويتقن الحديث بسبع لغات منها: العبرية اليونانية والسريانية والفارسية.

وملامح أبي زيد الهلالي خليط من بطل ملحمي مثل «عنترة» من حيث اللون، والمأثورات الشعبية الخ...

وفي قصور الأمراء قصص من الماضي، ومقامات الهمزاني دليل على عظمة عصره، والمكتبة الوطنية الفرنسية تضم هذا التراث التاريخي تحت عنوان: «عتبة من بلاد النور» إلى بديع الزمان، رغم مرور أكثر من تسعة قرون على وفاة صاحب «المقامات» الشهير.

فقد تناقلت الصحافة الأدبية الفرنسية أسم الهمزاني وأسهمت في وصف عصره وشرح أعماله، وسعت دور الثقافة المنتشرة في المدن الفرن؟؟؟؟ الكبيرة إلى تعريف جمهورها على أعمال بديع الزمان.

انه الأديب العربي الذي كان سباقاً إلى أبتكار (أدب المقامة) تحول خلال القرون الوسطى، وبعد الفتح العربي للأندلس، إلى مصدر الهام شرب منه عدد كبير من الفنانين التشكيليين في القرنين الرابع عشر والخامس عشر في أوروبا.

وأول رسام لبناني جسد شخصية «عنترة» بريشته المبدعة الفنان البعلبكي رفيق شرف. وعنونت لوحته: «فارس عربي» وكانت ألوانه أكثر قدرة على مزج الألوان وتحضيرها لتبيان شمائل العرب.

الملاحم العربية والإسلامية تتميّز بطابع فريد عن سواها من الملاحم، وفي الملاحم الحديثة: الفروسية قدترتدي ثوب رجل بسيط مثل «معروف السكافي» وشخصية «جحا» وصلت إلى الحكمة من بوابة الجنون وفرسان «ألف ليلة وليلة» سرقها الغربيون.

وأبو زيد الهلالي وعنترة والظاهر بيبرس فرسان جدعان يقول «آخر الحكواتيين»: عماد الوزان، ويضيف: أما «أبو زيد الهلالي» وست الحسن فحدث ولا حرج؟!..

«عنترة» وأبو زيد الهلالي بنى الحقيقة والأسطورة هذان بطلان يعيشان في خيال أهل المشرق جميعاً

أخبار ذات صلة