بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آذار 2024 12:00ص أعمال الفنان آرشي نظري الوهم البصري وحقيقة الأصداء الفنية

حجم الخط
تتفاعل الحركة البصرية في أعمال الفنان الإيراني «آرش نظري» (Arash Nazari) بتناغم مع القصائد والمنمنمات الفردوسية بموسيقاها اللونية. إذ يستفيض آرش بالوهم البصري وحقيقة الأصداء الفنية عبر الأبعاد التي يصطنعها حسياً، لتخاطب حدس المتلقي بالتحديث الفني والسرعة الزمنية المرتبطة بملحمة الفردوسي، والسيرة التي يرمز إليها بالخطوط وبلاغة التدرجات اللونية، إذ يتضح حسه بالتذوق الشعري وبالمعنى البصري وتصوراته الرصينة، وبتنسيق هو رؤية بانورامية لحكاية فارسية مختصرة تشكيلياً، بتغيراتها المتنوعة ما بين فنان وفنان أو رؤية بصرية تكحلت بالحداثة في سرد لوني يمدّه بالوقار المتجلي من السلالات برمزياتها اللونية ما بين الفواتح والغوامق جامعاً أوجه الزمن في لوحة تعكس التاريخ والقيم الجمالية لملحمة الملوك التي كتبها أبو القاسم الفردوسي الطوسي. فهل يبتعد آرش نظري عن التفاصيل الملحمية ليحكي أسطوريتها عبر الوهم وتضاد الألوان؟ أم أنه تأثر بالملحمة فحوّلها لونياً من خلال إعادة انتاج الحكاية بشكل معاصر في زمن ذي تمثيل أكثر دقة للألوان وتحريرها من الكلاسيكية ومنحها مساحة هي مصدر رحب لتعريف ألوانها من جديد؟
يضمن الفنان «آرش نظري» المولود عام 1980 دقة الألوان وفق معيار التكوين، وبكفاءة تتعدد فيها الاستهدافات التي يحددها من خلال الأحمر والأصفر، وغيره من الأسس اللونية التي اعتمد عليها. لتكون داخل النطاق البصري، وبما يُسمى نوايا عرض الملحمة بأبعادها الزمنية حركياً دون تضليل بصري. إذ يلتزم بالألوان الدقيقة، وبمفهوم التطابق اللوني، وإن كان التضاد هو منهج أساسي في خلق الإحساس بدقة الملحمة وتحولاتها عبر الزمن الفني الذي يتشكل وفق قياسات طويلة كالنوتة الموسيقية أو التفعيلة، ليخلق نغمة ذات أهمية تُعزز فكرة الجمال المعاصر المُتشكل من الامتداد الزمني، وطبيعته القائمة على تغيّرات اللون بمعناه الشاعري أو الأحرى الملحمي. فهل كل ذلك يمثل نوعاً من المحاكاة لملاحم عظيمة عبر العالم من خلال تقنياته في تطابق الألوان وتضادها؟ وهل من نزعة إنسانية يغرزها في بنية اللوحة لتستمر الحكاية تشكيلياً على المدى الطويل؟
كثير من الفنانين رسموا الشهنامة وتأثروا بالملحمة، إلّا أن الفنان «أرش نظري» اعتمد التحديث الفني معتمداً على تقنية اللون رقمياً، فأبيات الملحمة المذهلة هي العرفان الحقيقي في لوحاته التي تصدح بالأسطورة عندئذ تتحقّق الرؤية بصرياً، وتتميز الألوان بموسيقاها الشهنامية الحديثة بتجدد فني ذي جمال خاص. إذ يبلغ شعور الحكاية رونقاً تشكيلياً معاصراً، تتقمّصه الحركة السمفونية المزدانة بالحدس الحكائي لسرعة الحياة أو سرعة الزمن، كمادّةً تشكيلية بطيئة التشرّب والتشعب في آن، فيتماهى اللون مع الخطوط الميّالة لبث موسيقى كل لون استطاع الاندماج مع الآخر، محافظا على وجدانيات الحدث وانتقالاته الزمنية أو تجدده عبر الواقع بأفراحه ومآسيه، وبقدرته على التغيير بحيث تصبح التحولات البصرية حقيقة فاعلى على أرض الواقع، وإن ضمن المُتخيل الفني للسمفونية البصرية للشعر عبر الفن التشكيلي وأبعاده المعاصرة، وبرؤية تختلف تقنياً من حيث تركيب الألوان ومزجها، وتركها كنوتات تستسيغها العين ويستمتع بها الحس . فهو يقدم في أسلوبه الممتع للبصر إيديولوجيات تشكيلية مجازيه تشير إلى أهمية الحكاية الأسطورية للشعوب وإن كانت للشهنامة حقيقة تاريخية لشاعر كتب أبيات الملحمة لأكثر من ثلاثين سنة إلا أنه استطاع تقديم أصدائها بطبيعة لونية جمالية وجوهرية لملحمة بلاغية عبر فن حمل الكثير من التجديد وبرؤية معاصرة متمسكة بتاريخها الملحمي بعيداً عن جدلياتها أو مضمونها الأدبي مستبدلا ما هو عبر الكلمة بالخط واللون والأسلوب المعاصرُ فلوحاته تدور على معنى الملحمة التي تسير عجلتها مع الزمن كي يتوهمها المتأمل ويبحث عن حقيقتها لفائدتها الزمنية وقدرتها على الاحتفاظ بهويتها الشعرية وما استطاعت تقديمه للنقاد والفلاسفة والكتاب وللفن التشكيلي عبر العصور...
معرض أصداء اللانهائية: السيمفونية البصرية للشعر برعاية فرجام في مركز دبي المالي العالمي.
ضحى عبدالرؤوف المل