بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 نيسان 2021 12:00ص أعمال الفنان ألبرت رايدر قيمة الخلق الفني في عوالم الخيال المرتبطة بالطبيعة

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يُضيف الفنان «ألبرت بينكهام رايدر Albert Pinkham Ryder)» (على الرؤية الفنية القيمة الحسية للتصورات ذات الدلالات الإيجابية جماليا. إذ نجد في حركة الألوان القدرة على التمييز لتحديد ما نراه وما يشعر به وينتقل إلينا من خلال الايحاءات. فهو يبحث في تصوراته عن الوجود الخالد للحياة مع إظهار خلفيات لونية تضج بالمشاعر الحسية لتوليد التعاطف الروحي مع الموضوع الذي يطرحه من خلال أحاسيس اللون وقوته المتأصلة مع الحركة الضوئية التي يرتكز عليها في تشكيل النقاط الخفية التي ينطلق منها في دعوته الى فتح أبواب التأملات، لتترجم ما يجول في الذهن من خواطر دينية أو أسطورية عن رسل وأنبياء وقديسين وما الى ذلك. فهل حاول «ألبرت بينكهام رايدر» خلق معادلة فنية قائمة على التصورات أو على تشخيص المفاهيم الروحانية المؤدية إلى الإدراك والشعور وتغذية التصورات بأسلوب تشخيصي طمسه بسماكة ألوان للتعبير عن فن الحياة؟

تبرز صرامة الريشة في لوحات الفنان «ألبرت بينكهام رايدر» عند اكتشاف قوة الخيال في تمثيل الواقع معتمدا على الذات التي لا تفتقر الى الروحانيات المرتبطة بالكتب المقدسة، وكذلك أيضا في المؤثرات الغريبة الأطوار، التي نشأ عليها مع عائلته قبل أن ينتقل الى قرية غرينتش في مدينة نيويورك عام 1868 لتنبثق كل التفاصيل من حالة الطفولة التي عاشها، وبتعبيرات لونية تعكس قيمة الخلق الفني في عوالم الخيال المرتبطة بالطبيعة والحياة حيث تتكون اللوحة من مجموعة الأفكار، ومن المشاعر ومن ثم الإرادة الصلبة في تصميم الرؤية معتمدا على الفكرة ونورانيتها مهما تضاعفت ايحاءاتها، فالتفاعل البصري هو ليس ما يرى في العين إنما ما نشعر به من خلال التموجات اللونية المتعاطفة مع الشكل خاصة البحرية منها، وتلك التي تنتمي الى الكتاب المقدس، وما بين الخيال والذاكرة والواقع والأسطورة مالت الريشة نحو الحسم في استنباط ألوانها الخاصة والغريبة نوعا ما بل والمرفوضة آنذاك في عالم اللون، فالتشابك بين الألوان يجذب الاحساس بعمق نحو الداخل، ويفتح آفاق الاستكشاف الى ما لا نهاية. فهل الضغط الايقاعي في مؤثرات الألوان هي الخلطة السحرية في لوحات بينكهام؟

تبسيط إلى اقصى الحدود، وتعقيد في التطلعات والمسارات والأشكال المسطحة ظاهريا، والتضخيم والتلاشى وحتى إخفاء الموضوعات الرئيسية من خلال ظلال الألوان لخلق الكثير من الشغف أو الأحرى علامات الاستفهام التي تثير الإلهام وتجعل البصر يبحث بعمق عن المعنى شبه التجريدي هو الذي اهتم بالمشخص والطبيعة التصويرية والأمواج اللونية المتلاطمة مع بعضها بعيداً عن الفضاءات والاتساع والمحدود، بل وكأنه يبحث عن أوكسجين الألوان لتحيا وفق حياة الإنسان على سطح لوحاته، لهذا تمسك بمزج الألوان من صنعه هو شخصيا كعصير التبغ وغيره. فهل الحركة والسكون في لوحاته هي لغة فنية لرسام يتأبط الكتاب المقدس ويدخل في عاصفة لونية تتشكل من خلالها الأفكار وفق الكثير من الايماءات والتماوجات التي تترك ألف سؤال في ذهن المتلقي عن الموت والحياة والخلود بشكل خاص؟

شفافية الغموض في لوحات رايدر هي رؤى لمناظر حسية ذات طبيعة صوفية شعرية في مجملها شبيهة بالأحلام لإثارة الحس الداخلي، وتوجيه العين نحو نقطة الارتكاز لونيا وشكليا، وبما يتناسب مع التشابك الذي يفرضه أو الانسياب مع الحركة التي تميل الى السكون، كأنه يجذب الأحاسيس الى الداخل بواسطة الايقاعات البصرية المتناقضة ما بين الحياة وتناغمها والقصص التي نتجت عنها وباستعارات متعددة. فهل فلسفة رايدر في الرسم تعني ان الطبيعة هي القوة التي تطغى على الإنسان؟ أم ان الحالة المزاجية الناتجة عن العزلة هي التي انتجت كل هذه الرسومات؟