بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2019 12:04ص أعمال الفنان إيموري لاداني إظهار طبيعة الحركة بتجريد عقلاني

حجم الخط
يصوغ الفنان المجري الاميركي «ايموري لاداني» (Emory Ladanyi) من قوة مفهوم التشريح الاشكال الفنية ذات الحركة التفاعلية التي يستعيد من خلالها الرؤية الحياتية لوجود الكائنات حتى في الالوان الزيتية او الباستيل او غيرها. لريشة تهتم باظهار طبيعة الحركة من خلال تجريد عقلاني يخرج من حالة ذهنية الى رؤية جمالية، انسانية ترنو الى حكمة وجودية ملسوعة بمأساوية او رقص فلكلوري تعبيري ايحائي  او نشوة تحيا في جينات لونية. ليتذوق المتأمل للوحاته عملية الخلق والإنصهار الكلي مع غريزة اللوحة وحكمتها او بالاحرى تفاصيل جزئيات الحركة وتفاعلها مع مزج الألوان، والقدرة على تمثيل الواقع بمفارقته تخيليا للاندماج مع الفضاءات والابعاد  التي تتطلب قوة في طبيعة كل لون ومداه. ليتحول الالم الى فرح والقبح الى جمال يمارسه باستخراج كنه اللون والكشف عن مدى قوة الحركة فيه التي تتجسد بالتفاصيل المرتبطة بوعي الجسد او الشكل اثناء التحلل والتلاشي، ومفارقة الاشياء بالذوبان والانصهار معها، وهذا يمنح لوحاته الحياة والوجود والجوهر البدئي للفناء وليس العدمية، وبهذا يجعل ايموري من كل لوحة جينة او خلية تغمرها الحركة البصرية للمادة التي تتكون منها، اضافة الى الحياة المتجسدة فيها. فهل يعتبر ايموري الموت هو حياة اخرى لوجود غير موجود بمعنى لوجود التفاعل المساعد في حركات الألوان مع بعضها دون الإحساس الكلي بها، وانما ندرك ذلك من خلال الحدس والخط الجامح بين الالوان وغموضها وتحولاتها الأشبه بزهرة الحياة. 
يجعل الفنان «ايموري لاداني» من التفاؤل ثقة حياتية استثمرها فنيا في لوحات تميل الى تجسيد المادة من حيث تفاعلها، وتحللها كيميائيا ملامسا بذلك حقيقة الواقع الداخلي للمادة اللونية وتقاربها مع المادة الفكرية، معتبراً ان الإنسان ليس بجثة! انما هو لوحة فنية من صنع خالق جعل من الاشياء كائنات بشرية مختلفة ذات اشكال تتفاعل مع بعضها، وتتلاشى من خلال بعضها البعض مأخوذا بالحركة الوهمية لكل شيء طبيعي من حوله استطاع تجسيده في لوحة نتجت عن نبضات حيوية انتجتها العناصر التي تبقي الوجود في استمرارية مع الحياة. فهل من فلسفة تشكيلية لتحلل  المادة الانسانية ونفي الموت عن الجسد من خلال تكوين انصهارات لونية تمنح الحواس او الحدس احتمالات مفترضة لأدمغة اثيرية تشكل كائنات يحتفظ بها من خلال تخزين الحركة في لوحة تمثل انظمة لونية هي بيولوجية في تطلعاتها التشكيلية بعيداً عن الهلوسة الفنية، وانما بفكر يبحث عن التلاشي وقوة البقاء في جسد الإنسان. واثبات ذلك من خلال لوحة فنية مختبرية تثيرة عدة تساؤلات ومنها هل يموت اللون ام يحيا في اللوحة الفنية.؟ 
يناقش ايموري من خلال لوحاته القلق الوجودي والخوف من الفناء،  بجمالية ريشة تمنح الحيوية للالوان، وبتصوير رؤيوي يجذب الإنتباه الى الداخل لاستكشاف الحياة الساكنة فيها او العكس تماما، بتناقض مجازي ذي تأثير مختلف لقيم نفسية ترمز الى العلاقات المتماسكة وديناميكيتها المحتفظة بنكهة التوهج والخفوت بمعنى اضداد الألوان التي تشكل مناعة لمتغيرات هي ايقاعات الالوان وروحيتها وفقا لتوليفات لم يهمل ايموري قيمتها التعبيرية، وان بتجريد شحنات الالوان من الاحادية فكل لون هو لون آخر،  مشددا على فلسفة اللون لتعزيز ادراك المعنى المرتبط بالضوء وقوة الإحياء، والتشبع او السطوع او المزج بتضاد مع لونين، ليؤثر على قوة الادراك البصري عند الرائي، وفي لوحة تجسد العمق الإنساني والتمسك بالكينونة الوجودية التي خرج منها الى الحياة، بتمثيل ثنائي الإبعاد يعيده الى الاسس، وهي التفاعل مع الموجود او التكاثر الجيني او الجزئي مع الكلي. فهل تؤثر الرؤية الفلسفية على الريشة الفنية ذات الخواص البيولوجية؟ 
اعمال الفنان «ايموري لاداني» (Emory Ladanyi) من مجموعة متحف فرحات.