بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2018 12:06ص أعمال الفنان الأميركي جان ماكلوغلين تراكيب هندسية في لوحة تشكيلية

حجم الخط
تتدفق الالوان الصلبة من تراكيب هندسية في لوحات الفنان الاميركي «جان ماكلوغلين» (John Mclaughlin)الممعنة في التنظيم، وفق خليط من انواع الخطوط التي لا يسعها الإنفلات من المنهج التشكيلي او الهندسي الذي يتبعه ماكلوغلين بتكوينات كأجزاء تمثل في كل منها ثقافة بصرية، لتصوير هندسي مجرد للاشكال المتآلفة والمتنافرة، لتنضبط متأثرة بشدة المقاييس التي يشدها ماكلوغين الى بعضها حيث يطغى التناظر الشديد التأثر بالجيومترية المترعة بصياغة تتجدد او تتطور مرئيا وفق التقاطع الهندسي وعناصره المادية. اي اللون والابعاد والخط ضمن هذه الثلاثية التي تغدو كنظام عسكري لا يفارقه الا لتتشكل معه النظم الاخرى التي يتلاعب فيها ، كأنها مربعات لقياسات بصرية تحركها عوامل الضوء والظل والفواتح والغوامق وكل ما من شأنه ان يؤثر على عوامل جمالية اللوحة ورشاقة الخطوط الهندسية فيها . فهل تبلغ قوة التراكيب الهندسية اقصاها حين تندمج مع مفاهيم الالوان ومتغيراتها ؟ 
لا تفارق خطوط الفنان «جان ماكلوغلين» مسارات الالوان وايقاعاتها المنتظمة. انما هي تلك الألوان الضعيفة والقوية بتذبذبها عند الانحسار والامتداد، بازدواجية الوعي واللاوعي. ليحكم اللوحة من خلال نقاط مدروسة بصريا، وان بدت في مقاماتها راصدة لخيال او فضاءات متخيلة ممتدة الى ما لا نهاية، كأن ما يفعله «جان ماكلوغلين» هو تنظيم عسكري بلغة فنية تشكيلية يشيدها كخارطة عسكرية او جغرافية او هندسية لبناءات او معسكرات اومربعات، ومستطيلات متناغمة، كصور شعرية توحدت مع درجات الالوان ومقاييس الخطوط الطويلة والقصيرة مثل الالحان المتأثرة بوتر يشده الى مداه. فتبدو اللوحة كتلة تغمرها القواعد الطاغية، والبالغة التعقيد احيانا ضمن منظومة هندسية اوسع من الرؤية وحدودها، لأنها تؤدي الى حركة تنبض بتكوين هو جزء من شخصيته التي تنطوي على العديد من الانظمة الملتزم بها . ان في الاحجام او الاشكال وتراكيبها المتأثرة بهندسة دقيقة الابعاد، والاحاسيس متجاوزا القوانين التشكيلية متمسكا بقوانين التراكيب الحرة المنضبطة، والادراك التصوري المحتمل او الناتج عن تدفق الالوان التي يحصرها بين درجات تؤلف الفضاء التشكيلي الاهم في لوحاته . فهل حاول ماكلوغلين انشاء فن التراكيب الهندسية ضمن اتجاهات اعطاها البعد الخاص به فقط؟ 
الدمار واعادة الصياغة وقوة البقاء والشكل المعتمد على حدود هي في ذروتها وهمية لواقع تم تنظيمه اصطناعيا ،لكنه موجود ضمن الابعاد الهندسية او الانشائية او المرسومة وفق خصائص اساسية في الرسم، وان اختلفت الرؤى والمواد او الخطوط والالوان. الا انها تشكل عصامية فنية من نوع اخر تعتمد على الخبرة في التخطيط الهندسي او التخطيط العسكري ان شئنا القول او التخطيط الجغرافي، وفي كل ذلك نستكشف مع ماكلوغلين التقنية الهندسية المجردة من الانفلات وفق اسلوبية شديدة الحبكة والاختزال، وبعيدة عن الغلو في التراكيب خاصة المتناقضات التي يعتمد عليها في تشكيل الايقاعات الهندسية او نغمات الالوان بتضاد تألفه الحواس وتنسجم معه بتماسك يؤكد من خلاله على الحرية المقيدة او المنظمة تنظيما يؤدي الى خلق كينونة تتحد فيها العناصر الحسية والمادية الطاغية على الظل والضوء، واللون والخط والاهم من كل ذلك على المساحة والنقاط الاساسية التي انطلق منها بغواية التراكيب الشبيهة بمعابر خفية تقود الذهن الى الخروج من متاهة الشكل الى رحابة اللون، والانصهار مع الأحجام دون أن يعزل الخيال ويمنعه من الانطلاق في فضاءات لوحاته وتدفقاتها المشبعة برؤاه واخيلتها المغزولة على أرض اللوحة وصلابتها المؤكدة على أهمية تراكيبه الهندسية وتدفقات الالوان المثيرة للدهشة.
الفنان جان ماكلوغلين John Mclaughlin  من مجموعة متحف فرحات.