بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تموز 2019 12:01ص أعمال الفنان السعودي أحمد البار التراثيات العربية الغامضة في جماليتها

حجم الخط
يبحث الفنان السعودي «أحمد البار» (Ahmad Albar) عن الأشكال الجوهرية في رسوماته الخاصة بالمرأة الشرقية ذات التراثيات العربية الغامضة في جمالياتها أو جاذبيتها البصرية ساعيا لتحويلها الى هندسة بصرية تميل الى التكعيب والتجريد معا، مازجا رؤيته بشيء من المعايير الفنية متخذا من الشكل قاعدة تشكيلية يحوّلها الى عدة أشكال يتلاعب بها بديناميكية، ليستوضح المقاييس اللونية ضمن لعبته الفنية القائمة على التناسق والتناغم بين الأشكال المختلفة ذات التضاد في المقاييس.

 وبفن حسي ذي نبض يرتكز على الدلالات الرمزية، ليشير الى جمال المرأة السعودية أو الصحراوية دون وصفها تصويريا، وإنما يعتمد على تحويل الكل الى أجزاء ليلملم المعنى وفق الإدراك البصري القائم على التباين والتحاور والتآلف، لمؤازرة الأحجام بترابط ينسجم مع إيقاعات اللون المائل الى الاشراق أحيانا، وأحيانا أخرى يتركه داكنا مع إيقاعات لونية حادة ينسج منها زخرفات جمالية تزيد من حيوية اللوحة، لتكون أشبه بامرأة هي الطبيعة والحياة من حوله، فالتوشيحات غالبا تتخذ من التجريد خلفيات هي في أبعادها نساء عربيات محتشمات بجمال عربي خلّاب يوحي بصخبها وأفراحها وبهجتها، وشاعريتها ضمن الأضواء التي تتغلغل مع الألوان والفراغات، وبعزف ريشة تتباعد من خلالها تدرّجات الألوان التي تتذبذب مع الضوء لتلامس البصر حسيا، كالمرايا العاكسة للضوء معتمدا على المستطيلات غالبا، وعلى عامودية الخطوط. فهل يبحث عن حدود المرأة العربية في اللباس والشكل؟ أم يمنحها الليونة أحيانا وأحيانا أخرى يترك الخطوط حادّة ليوحي بحدّة شخصيتها وجدّيتها وجمالها العربي الخاص بها فقط؟ 

يعتمد الفنان «أحمد البار» على الاستعارات اللونية، ليفرض على الرائي جملة تأملّات تتجه الى خلق مثاليات قوامها المرأة، وان طمسها أحيانا، إلا انه يترك لها دلالاتها الأنثوية حتى من خلال زركشاته المرتبطة بتدرّجات الألوان وتضادها وأحيانا بتقارب ذي تدرّج متوهج، ليوحي بتحوّلاتها العمرية بين الصبا والكهولة تاركا لها عبق الانثوية في الألوان، وبخطوط هي نوتات موسيقية للأشكال التي يؤلفها بهندسية هي تراكيب فنية يدمجها في النسيج اللوني لتتلاحم النساء ضمن جماعات كالحزم الضوئية تنبثق عن باقات لألوان زاهية، وفي لوحات أخرى داكنة بتذبذب بين لوحة ولوحة تبعا لمشاعره الذاتية، ولحبّه للمرأة أو بُعده عنها، وفي جميع الأحوال هي تعبير عن مكنوناته بمكوناتها الخارجية والمعنى الداخلي. فالمرأة هي الوجود البصري والنسب الجمالية فيها تطغى على ما حولها أو كانه يوحي بقوة مقاييس جمالياتها على المكوّنات الأخرى. فهل تجسّد استعاراته التشكيلية قصيدة بصرية لامرأة ما في أعماله؟ أم هي التراث العربي الذي ما زال بعيداً عن اكتشاف ماهيته؟

يوحي الظل في أعمال البار بالأبخرة العطرية والأجواء الساحرة العابقة بالحكايات، وبالأبعاد الوجودية للمرأة السعودية خاصة، دون أن يمس الأسود بتقطيع، تاركا أسس اللون تمثل خاصية المرأة العربية في أعماله، وبشفافية حسية تثير البصر، وتتركه أمام الأشكال، ليستجمع المعنى من بصريات مرآوية تترجم أحاسيسه بالطبيعة والحياة، وبرمزية المرأة الحياة مستسلما لريشة حاذقة تتميّز بخلق فيزيائيات فنية من الأجساد أو من مستطيلات هي خطوط تتمثل من خلالها الابنة والخالة والعمة والحبيبة، ليرفعها معنويا وحسّيا وجماليا الى مقام الطبيعة. فهل من تدرّجات في الأشكال المنفصلة والمتصلة هندسياً؟ أم ان التقنيات التشكيلية التي يعتمدها لا تخرج عن التراث العربي للمرأة السعودية تحديداً؟