بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2017 12:48ص أعمال الفنان العراقي نديم الكوفي

الرؤية الجمالية ورمزيتها القائمة فنياً على دقة الملاحظة

حجم الخط
يدمج الفنان العراقي «نديم الكوفي» بين الافكار البصرية والثقافات الفنية المختلفة. بغموض يكمن بأسلوب الاشتغال على الرؤية  الجمالية ورمزيتها القائمة فنيا على دقة الملاحظة،  والتأثير على ثنائية تعزيز العلاقات الفنية  بين الوجود واللا وجود، وإن بشكل جزئي في اعمال تشكل الماضي والحاضر في كل منها، وبرمزية يبحث من خلالها عن الاختلافات بين الماضي والحاضر،  وبين الغرب والشرق وفق تضاد الاساليب التي يستخدمها ايضا من فن مفاهيمي او فوتوشوب او غير ذلك. لتكون اعماله الفنية متنوّعة الهويات ايضا.  وفق نظرته المتميزة ببساطتها وحدّتها في دقة الملاحظة التي تتولّد عنها. اذ يهتم بالمتلقّي من خلال استفزاز البصر،  لاكتشاف الفروقات بين الثنائيات الرمزية التي يشتغل عليها ضمن الابعاد التاريخية او الزمنية او القديم الجديد بين الفنون والامكنة والازمنة وما الى ذلك.
لغة فنية يمارسها من خلال تعزيز اساليبه المفاهيمية وتطويرها،  ليثير دهشة الجمهور عبر طرحه لفكرة غير معقدة وتتميز بالبساطة الشديدة. رغم انها تعتمد على ابراز الفروقات، وبتداخل بصري غالبا يؤدي الى اكتشافات متعدّدة في الصورة او اللوحة التي تشير الى سرد تاريخي او اجتماعي او تراثي، متأثراً بتصميمات جرافيكية يتلاعب من خلالها بالافكار التي ينفذها على الاشكال وفق ثلاثية التناقض والتشابه،  والتنافر العقلاني لإدراك قيمة الاختلاف بين الازمان.  ليشكل بذلك هوية تجمع بين الثقافات المختلفة بأسلوب فني جميل مفتوح على عدة تأويلات بصرية، وينتج عنها تفاعلات مختلفة بين كل متلقٍ لأنها تؤدي عملية سرد بصري وأخرى إثارة التساؤلات المختلفة عن التناقض والاختلاف في الحياة بشكل عام.
وجود فني مشترك لا ينفصل عن الحقائق التاريخية التي تجمع الاوطان مع بعضها البعض. او تلك التي نفتقدها بعد زمن مضى. لتكون الصور هي رمزية الغياب والوجود من خلال التلاعب الفوتوشوبي بالصور، ومنحها قوة ازدواجية تعبيرية عن الفراغات  الانسانية التي تحدث فجأة في المشاعر والاماكن، وتؤثر على الانسان من عدة منطلقات وجدانية وعقلانية،  بتزامن بين صورتين لفكرة واحدة هي الغياب الفجائي عن زمن ما. لتظهر المسافة الزمنية كالبعد التاريخي الذي نفتقده في كل بلد احدثت فيها التغيرات السياسية انفصالات جمالية او الشرخ في الهوية المكانية، كالذين هاجروا وتركوا امكنة ولدوا ونشأوا فيها،  لخلق مسافات شاسعة بين الطفولة والنضوج،  والوعي الباحث عن الهوية التائهة مستخدما الفضاءات التخيلية الموحية فنيا بقسوة الهجرة الفجائية عن الامكنة التي نحبها ونكبر بعيداً عنها. اذ تشكل قيمة الماضي والحاضر هوية لمستقبل لا يمكن أن يتعافى ما لم تندمج فيه الحضارات بافكارها وثقافاتها،  وحتى امكنتها التي تم محوها من خلال التهجير والعيش خارج الوطن. 
دمج للحظات جديدة مع الماضي تشكل نوعا من البلسم النفسي،  وبأسلوب فني مختلط يمثل الحنين الى الماضي واكتشاف جماليته الغائبة في نفس الفنان العراقي «نديم الكوفي» الذي يحاكي كل الاجيال في العالم، وفي العراق خاصة ليكمل الى الفروقات الزمنية والسلوكية بين الغرب والشرق،  وما تمثل صورة كل منهما للمتلقي او بالاحرى الانسانية بشكل شامل،  والجوهر المشترك بين كل انسان على وجه الارض، وهو الطبيعة الوجودية التي تتمثل بالهوية الانسانية، والبحث عن السلام من خلال تمثيل الفروقات بين الموجود في الماضي والمختفي عنه.  لان المكان ينمو كما ينمو الانسان ويشكل جزءا من هويته التي لا يمكن ان تفارقه ابداً. فهل للصور القديمة في اعمال الفنان «نديم الكوفي»  قيمة تاريخية يبحث من خلالها عن الانا والاخر؟.   
 أعمال الفنان العراقي «نديم الكوفي» من مجموعة متحف فرحات (farahat art museum).